نورالدين مدني/سيدني
لم يكن المواطن السوداني يتوقع من حزب المؤتمر الوطني ولا من الأحزاب الموالية وفي مقدمتها حزب المؤتمر الشعبي الذي عاد إلي مراحه - اي جديد يذكر -في التشكيل الوزاري إنطبق عليه المثل المشحون بالحكمة"تمخض الجمل فولد فأرا".
للأسف إستمرت سياسة الترضيلت الفوقية وابتداع المناصب لتوزيع ماتبقي من فتات "كيكة الإنقاذ" وسط تفاقم الإختناقات السياسية والإقتصادية والنزاعات المسلحة وغير المسلحة، دون أن يهتم المتصارعون علي السلطة - من كل حدب وصوب - بهموم المواطنين المزدادة. لم تتوقف شكاوي المواطنين الذين صبروا علي مسلسلات الإنقاذ علي أمل الخروج من دوامة هذه الإختناقات المتفاقمة وسط مخاوف مبررة من الاثار السالبة التي خلفتها محاولات التغيير التي سميت ب"الربيع العربي"، لكنهم للاسف لم يجدوا أُذناً ًصاغية.
إستمرت شكاوي المواطنين من شح المياه وتلوثها في بعض المناطق ومن عدم إنتظام التيار الكهربائي وانقطاعه ومن تدني الخدمات الصحية والتعليمية ومن التصاعد الجنوني لأسعارضرورات االحياة اليومية، فيما يتنازع المتطلعون علي كراسي الحكم بلا طائل.
وسط"هوجة" التصارع حول السلطة والتسريبات المضحكة المبكية عن التشكيل الوزاري للحكومة بغض النظر عن إسمها وأسماء المتصارعون حولها، وحالة التراشق المؤسفة بينهم..
اطلت علينا المحررة ب"السوداني" تسنيم عبد السيد بتقرير صحفي فاجع. التقرير الصحفي حمل عنوان"أدوية بملايين الجنيهات" هي لا تتحدث فيه عن قيمة الأدوية المستوردة وأنما عن قيمة الأدوية التي يحتاجها المواطن المريض، التي وصل سعر بعضها الي ملايين الجنيهات، بعد تجريدها من نعتها ب" السعر الجديد".
نعلم كما يعلم الجميع أن جنون الأسعار طال كل السلع والحاجات الضروية ولم تسلم حتي الشطة الخضراء من الزيادة، لكن عندما يتعلق الأمر بالأدوية فهذا يستوجب إضاءة الشارة الحمراء للإنتباه والتوقف لمعرفة الاسباب عسي ولعل.
هذا هو الهدف من التقرير الصحفي الذي إستمدته تسنيم عبد السيد بعد جوله ميدانية علي عدد من الصيدليات لتجد أن أسعاربعض أدوية نقص المناعة لمرضى السرطان والإيدزبلغت ملايين الجنيهات وأصبحت عصية التناول للمرضي المحتاجين لها، وجاءت تصريحات بعض الصيادلة مخيبة للامال أكثر، إذ قالوا إن الأدوية غير الموجودة في الإمدادات الطبية ولا عند شركات إستيراد الأدوية مطروحة لدي تجار الشنطة!!.
أتوقف عند هذا الحد من الكلام المباح ولا أجد أفضل من السؤال الرباني الغني بالحكمة والموعظة الحسنة :
ما لكم كيف تحكمون؟!!.