نورالدين مدني/سيدني
رغم إقتناعي بأن بعض الجرائم الإرهابية مصطنعة ومتعمدة لإثارة الفتن الدينية والمجتمعية إلا انه لابد من الإعتراف بوجود خلل في بعض مناهج التعليم الدينية، الأمر الذي يتطلب المراجعة والتدقيق لتنقيتها من الأفكار المضللة التي لا علاقة لها بمقاصد الدين. أكتب هذا بمناسبة الخبر الذي قرأته عن التحضير لمؤتمر يعقد في أستراليا يحضره علماء وخبراء من نيوزيلنده واندونيسيا وأمريكا الشمالية مع مجموعة من العلماء والخبراء المحللين في استراليا للنظر في وضع منهج للدراسات الإسلامية يتم إعتماده وتدريسه "هنا".
إنني إذ أُبارك هذا المسعى الذي أراه ضرورياً حتى في بلادنا، أؤكد ما هو معروف للمراقبين المدققين حقيقة ان الإسلام إنتشر ومازال ينتشر في العالم لأنه دين سلام وعدل وإخاء وتسامح وعلم ومعرفة وعرفان ورحمة للإنسانية جمعاء.
لكن هناك من يسعى وسط الناشئة والشباب لإيقاعهم في شباك الغلو والعنف وكراهية الاخر وهم يحسبون أنهم إنما يحسنون صنعاً، وللأسف إستطاعوا بث أفكارهم المضللة في بعض مناهج التعليم.
أنا لاأتهم مذهباً معيناً ولا طائفة بعينها، ويؤسفني ان هذه المعارك الدائرة في غير معترك بين المسلمين تحت ألوية قطرية ومذهبية مغذاة من أعداء الإسلام في حروب لن تقضي على الإرهاب والإرهابيين.
لذلك فإنني أبارك كل خطوة نحو المعالجات التربوية التي تبدأ من داخل الأسر خاصة تلك الأسر التي تعيش في مجتمعات مفتوحة متعددة الثقافات والاعراق، دون الإنكفاء على الذات وتجنب الاخر.. بل بالإنفتاح على العلم وعلى العالم ببصيرة نافذة.
للأسف بعض الناشئة والشباب من أبناء الأسر المسلمة في بعض دول المهجر لايكادون يعرفون دينهم ولا اللغة العربية ويشعرون بالضياع ويتعرضون لكل انماط الإستغلال والإنحراف لانهم إفتقدوا التربية القويمة التي تمكنهم من الحياة السوية في مجتمعاتهم الجديدة.
على الجانب الاخر هناك من بدأ يشعر بأنه مكروه ومضطهد في المجتمع الذي يعيش فيه، كما حدث للمهندسة الميكانيكية والكاتبة والإعلامية الأسترالية السودانية ياسمين عبد المجيد التي وصفت نفسها في تصريح نشر بصحيفة" النهار"التي تصدر في سدني يوم الخميس الماضي بأنها " المسلمة المكروهة" و قالت إنها بصدد مغادرة أستراليا لهذا السبب!!.
أقول للإبنة ياسمين ولغيرها من الشباب الذين قد يتعرضون لبعض الممارسات العنصرية البغيضة أن الحل ليس في الهروب بالنفس، وإنما بمواجهة هذه الممارسات السالبة بالحكمة والصبر وتقديم القدوة الحسنة وتعزيز قيم وممارسات التسامح والعفو. لذلك فإنني أُبارك قيام هذا المؤتمر المزمع عقدة في أستراليا الذي نحتاجه أيضاً في بلادنا لتنقية مناهج الدراسات الإسلامية من الأفكار المضللة، ونؤكد في ذات الوقت أهمية الدور الأساسي للأُسر في حسن التربية والتنشئة بالتي هي أحسن وبالقدوة الحسنة.