عباس محسن/ البصرة
- ·البصرة..
- ·فينيسيا الشرق
- ·درة الخليج
- ·عروس الشرق
- ·البوابة الشرقية
- ·مدينة السندباد..
وأسماء كثيرة أخرى ذكرها العلماء بأمهات الكتب: فمن ذلك كان تدعى بالخُريبة قبل الفتح الإسلامي وربما اطلق عليها هذا الاسم بسبب وجود مدينة قديمة خربة قريبة من الموقع وبعد بنائها سميت بأسماء كثيرة منها:
- ·أم العراق،
- ·خزانة العرب،
- ·عين الدنيا،
- ·البصرة العظمى،
- ·البصرة الزاهرة،
- ·ثغر العراق الباسم،
- ·الفيحاء،
- ·قبة العلم،
كما تجمع مع الكوفة أيضاً ويطلق عليهما العراقيين أو البصرتين.
كما اشار احد الباحثين على انها تدعى (الرعناء) وذلك لتقلب الجو فيها أثناء اليوم الواحد وخاصة في فصل الربيع.
والكثير من الالقاب التي اطلقت عليها..
ها هي اليوم تعيش على صدى حلم عاشه اهل البصرة – ومن بقي منهم – لا يزال يتردد وقعه الاخير في الآذان وفي حكايا عن مجد هذه المدينة، كما كان الاجداد يرون لنا قصة مدينة (عدن الضائعة) والف ليلة وليلة..
لم يبق منها الان الا ليل مظلم و (ربيع) ايامها صار (محرم)!! في هذه الاسطر اردت افتتاح تمهيدي لهذا الموضوع: خطرت ببالي فكرة ان اتصفح الصور القديمة لمدينة البصرة والتي حصلت عليها من احد الاصدقاء، وان اقف بنفس المكان الذي – ربما وقف – فيه المصور قبل اكثر من 80 عاماً او يزيدون قليلاً.
فما صدمني، هو تغير ملامح المدينة.. وغياب الكثير من رموزها الجميلة.. وكفى بالصور اليك شاهداً وشهيداً..
البصرة لم تعد مثل السابق.. ولم تبق الصورة المشرقة للبصرة الا في عقول من حملوا ذكرياتهم. او من وثقها على طيات الكتب كما فعل الأستاذ احسان وفيق السامرائي في عبير توابله!! لقد صدم الصديق والمترجم صباح محسن – وهو من محافظة بابل- عند زيارته للبصرة لحضور احدى مهرجانات المربد وكنا نتمشى سويا في وسط العشار فتوقف مدهوشاً على ضفة شط العشار.
وقال لي بغصة:
لقد قتلوا شط العشار بالنفايات!
وكان هذا الصديق دائماً ما يسألني عن شط العشار الذي تحول إلى مكب نفايات المحال التجارية.. وهو بالسابق – وحتى تسعينيات القرن الماضي – كان صالحا للحياة ومعلماً من معالم البصرة الجميلة! اما مزارع النخيل التي كانت ممتدة على طول شريان الحياة في البصرة – شط العرب – فهي لم تعد سابق عهدها ولم تحتفظ البصرة بصدارة المحافظات التي فيها اكبر غابة للنخيل ربما في العالم فهي تمتد من نقطة التقاء نهر دجلة بالفرات في منطقة القرنة حتى مصبه في الخليج العربي في الفاو. وفي احدى التقارير تذكر ان العراق يحوي على اكثر من 30 مليون نخلة، وحوالي نصف هذا العدد او ربما يزيد قليلا يتربع على عرش محافظة البصرة ولكن عمليات التجريف التي حصلت والتي لا تزال تحصل لحد ولا حل لها سوى الصمت.. وكانت هناك خطوط بين ضفتي شط العرب عندما كانت مياهه نظيفة جدا حتى تسرح على صفحاته نوارس حالمه تعانق الموج، وتخفي بين قطراتها بوح العاشقين، كانت الابلام – وبالخصوص البلم العشاري الذي انقرض الان والمراكب الصغيرة والكبيرة او بما يعرف محليا بـ (البوم) تدخل لنهر الداكير أو النهر المقابل لمقام ( الامير علي) في جهة العشار. اما المناطق التي تغفو على ضفته الاخرى فكانت الاهالي لديها صعوبة في استعمال سوى هذه الوسيلة في النقل. اما الان فلا يتعدى استخدام (الابلام) الا في حال انقطاع جسر (التنومة) او بعض الشباب التي تفضله في الاعياد برحلة نهرية ولولا الغوارق و( الطمي والغرين) التي تغطي كل منها جزءاً كبيرا من شط العرب وتعتبر مشكلة لابد ان يجد له حلّ. الكثير من الادباء العراقيين وثقوا والكثير ذكروا معالم البصرة وكان اهمها ام البروم ومقهى السباع وساعة (سورين) والتي يذكرها بعض الناس لحد الان، حتى من دون مبالغة ان اهالي البصرة يضبطون ساعاتهم الشخصية عليها.. والتي بائت كل محاولات ارجاعها بالفشل الذريع وبقيت انقاضاً مركونة في احدى الكراجات! اما السينمات وشارع السينمات او ما يعرف بـ (بشارع الوطن واطلس) فقد تحولت بعض من مبان السينمات إلى (مولات عملاقة تجارية)، سوى سينما الوطن التي اصبحت صعيدا جرداً واصبحت مبيتاً للسيارات والانقاض.
ويذكر ان البصرة في بداية القرن العشرين، كانت ضفاف قنوات البصرة – بوابة العراق إلى الخليج – مكانًا حيًا يعيش فيه اليهود والمسيحيون والمسلمون في وئام. وكانت البصرة مشهورة بالشناشيل، التي هي عبارة عن نوافذ مصممة لإضفاء مزيد من الضوء على المنزل ورؤية من بالداخل للشارع دون ظهوره لمن في الخارج.
ووفقًا لبييري، فإن أقدم المنازل التي ما زالت موجودة في البصرة تعود إلى منتصف القرن التاسع عشر، وهو الوقت الذي كانت تنقل فيه شحنات التمور على نطاق واسع عبر القنوات إلى شط العرب، وهو نهر تشكله التقاء الفرات ونهر دجلة، نحو دول الخليج. وخلال ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، أصبحت المدينة الساحلية الوحيدة في العراق مكانًا وفيرًا، مستفيدة من الزيادات في عائدات النفط. وجذبت السياح الخليجيين، الذين تستهويهم جودة الحياة، إلى البصرة في رحلات نهاية الأسبوع.
ومن جانبه، قال خليل صالح، من السكان القديمين ويبلغ 68 عامًا: “كان مكانًا للاحتفال. كانت هناك الكثير من الحفلات على متن القوارب، مع موسيقى شعبية وغربية. الناس كانوا يرقصون والخمر كان معروضًا للبيع”.
لكن وصول صدام حسين إلى السلطة في عام 1979 كسر الزخم. وأدى قمع المعارضة إلى إبعاد التنوع الثقافي لبصرة، في حين أثرت الحروب مع إيران والكويت على تراث المدينة التاريخي.
وفي التسعينينات، دفع قرار صدام حسين الكارثي بتجفيف أهوار بلاد ما بين النهرين من أجل معاقبة المقاومة المحلية وإخمادها، إلى تدفق أعداد كبيرة من الناس في البصرة، مما أدى إلى توترات بين سكان الحضر الحاليين في البصرة وجيرانهم الريفيين الجدد.
وقال كادوم، 85 عامًا، متهمًا الوافدين الجدد نسبيًا بالتسبب في التلوث: “هؤلاء لا يهتمون بتاريخ هذا المكان. ولذلك، هم يرمون كل شيء”. ومنذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003، لم يتم إعادة قناة واحدة في مدينة البصرة القديمة. وقال قحطان العبيد، مدير قسم البصرة في هيئة الآثار والتراث العراقية، إنه لا يوجد تمويل من الحكومة للحفاظ على القنوات واستعادتها. وقال عبد الحميد طلال، وهو صاحب متجر يبلغ 49 عاماً ويعمل على طول القناة: “لم يعد بإمكاننا العيش بهذه الطريقة”. ومثله، لم يعد الآلاف من السكان يؤمن بالوعود ويطالبون بتغيير فوري.
ويذكر ان السيّاح اعتاد المجيء إلى هنا. لقد أطلقوا عليها اسم “فينيسيا الشرق”، وهي شبكة من القنوات القديمة مشابهة المدينة الإيطالية الشهيرة. لكن البصرة العراقية اليوم، هي ظل لما كانت عليه في الماضي.