الشاعرة شذا أسعد لـ " بانوراما " اقرأ في نصب الحرية محنة وطن للآن لم يستقر
المشهد الشعري اليوم يتصف بالضبابية
حاورها في بغداد فهد الصكر
على منصة الشعر توقظ حكايا وطن تشظت معانيه في فوضى راهنه ، لتتوجع معه كشاهدة على محنته وأنين تفاصيله .
لذا هي تعبر عن كل أدنى سكناته، تريد أن تكتشف خلايا المحنة ، وتحذر من قادم ربما صعب أن نعيد تشكيل صورته ثانية .
هكذا أجد في دفتر قصائدها منذ بواكير الإصابة بفايروس الشعر ، وحتى التشكيل ، هناك ثمة أنتماء لهوية ترتفع فيها بصمتها التي لا تشبه الى حد أي معنى مشترك.
تقول هذه البصمة وبوضوح ، أنها الشاعرة شذى اسعد. لأقترب من عالمها محاورا ومكتشفا أي وجع يشير الى قلبها الشعري والفني .
*كيف تنظر الشاعرة شذا أسعد الى المشهد الشعري في الراهن الحالي ؟
-المشهد الشعري اليوم يتصف بالضبابية كونه يحمل الكثير من متغيرات الوعي الثقافي الراهن . فهناك المتغيرات السياسية والاقتصادية والمفاهيم العقائدية والطائفية تكون لها الاثر الكبير في تحديد هوية المشهد الثقافي ، لكن هناك منصة بوح تتشكل في أصوات الشواعر وبعض الشعراء ، أجد فيها مغايرة تتسق ومتغيرات الوعي والثقافة في عالمنا الراهن ،ويفسر ذلك صوت الشاعر العراقي في المحافل العربية والعالمية ، وبلوغه أعلى المراتب في التعبير الوجداني الذي يجد طريقه لمفهوم الأنسانية .
*كيف تفسري هوس القصيدة ، وهل تنظري اليها كقضية وجودية أم سؤالا ابداعيا ؟
-القصيدة بالفعل هي هوس داخلي تبقى تصارع نفسها وتشتد وتضيع وتنتظر حتى تصل منتهاها فتولد القصيدة كل مرة وليد بكر يضيء عتمة الاسئلة وينبت وجودا مدوّي الصوت . كذلك لا يمكننا عزلها عن كونها قضية انسانية تبقى تلوح بمتراكم الحاضر وما يحمله من الهموم المجتمعية والفردية والانسانية ،واكيد هي تبقى سؤالا يتمحور حول ذاته ويخلق الابداع بكل اشكاله، سؤال ربما نحن من يبحث عن أجوبته ، أو هو صوت الأثارة للمتلقي .
* هل هناك ثمة مدرسة نقدية عراقية خالصة في فضاء الشعر العراقي ؟
-الشعر حاجة انسانية وابداع ذاتي لا يحتاج الى مدرسة تضعه في زوايا محددة وتحاول فرض قانونها عليه . هكذا احب ان اخوض تجربتي دون قيود او قانون او اي شيء يضعني ضمن حدود مبتورة الحلم، لكن تظل قراءات النقد كّل حسب مفهومه في تفسير ماهية الشعر أو القصيدة ، ولا أعتقد أن لدينا مدرسة نقدية يتفق عليها الجميع ، حتى في مشهد الوعي والثقافة ما بعد 2003 .
*الى أي مدرسة أو مفهوم نقدي تميلين اليه في قراءة القصيدة الحديثة العراقية ؟
-اقرا كل ما ينساب الى الروح صدقا وفكرا وجمال ،وكل ما يبهرني معنا وعمقا وانسانية .. هكذا بكل بساطة أفسر المعنى لأي قصيدة حديثة تقابلني في ديوان شعر أو في صفحات الثقافة للصحف والمجلات . اقرأ مدونات القصيدة دون أن أحدد نسق نقدي عليها ، بل ألبسها معناي وأدواتي المعرفية ، ومرجعياتي الفكرية والثقافية ، وحدها مفردتها من توقظ بي معنى المفهوم الذي أريد .
* كونك متابعة للمشهد الثقافي، هل ترى شذا ثمة روحا مغايرة أضيفت له بعد العام 2003 ؟
-بالتاكيد هناك تغيرات جذرية اضيفت للمشهد الثقافي . كلنا نعرف ان التحول الجذري الذي حدث بعد العام 2003 غيّر المنظومة الفكرية والسياسية والاقتصادية ، لواقع كبير ،وهذا بالتاكيد اثر تاثيرا مباشرا بالحركة الثقافية العراقية ،وهنا بدا ظهور التوجهات الفكرية المتعددة وبروز التنوع الفكري باوسع مدياته ، من خلال أكثر من رابطة فكرية ثقافية ولدت تحت مسميات " المجتمع المدني " بعضها يحمل توجهات حقيقة في متغير الثقافة وله هدف خالص المعنى ، والأخر" تكسبي " لا تعنيه تلك المفاهيم . لكن أجد فعلا هناك متغير في السرد الروائي ولدينا أكثر من شاهد على تطوره ، وبالشعر والتشكيل وحتى المسرح والسينما رغم كل ما يجول في مخيلاتنا من ملاحظات صعبة .
* ما هي حصيلتك الثقافية من النشر، وهل تضعين ذات البصمة في كل ديوان جديد ، أم تجدين من المهم إيجاد فضاء مغاير ؟
-نشرت في العديد من الصحف العراقية ولدي ديوان مطبوع (خاصرة الماء ) اضافة الى أشتراكي في ديوانين مشتركين مع مجموعة من الشعراء العراقيين والعرب (حروف وهواجس ) (حروف في منتصف الضوء ) ولكن اكيد لو اختار ان اطبع ديوان جديد احاول ان اضيف له اضاءات جديدة تمنحه التميز والمغايرة ولكن تبقى روح الشاعر له خصوصية موحدة مع كل منتج جديد ، كونه يحمل صوته في عالم ضاج بالشواعر والشعراء ، وعيون النقاد النافذة تتقد جمرا مع كل جديد في فضاء الشعر .
* كيف تمارس الشاعرة شذا أسعد طقوس الكتابة في محنة العذاب الأنساني في ظروف عراقية بات الموت قاب قوسين أو أدنى من الوجع ؟
-نعم هو وجع يمتد عميقا حتى يصل مداه الاقصى، لا يمكننا انتزاعه من عوالمنا الشعرية . هو هاجسنا الاوحد والاهم والاسمى يسكننا ونسكنه . وطن قائم الوجع . الوطن حب كبير فقد ذراعيه وقلبه واحدى قدميه ليستحيل ذكرى تؤرق خزانة الذاكرة
* اثر المشهد الثقافي بهجرة الأدباء خارج الوطن في ظل ظروف وجد فيه المثقف شاعرا أو أديبا ذاته في مفترق الطرق ؟
"في ظل الاتصالات الحديثة وشبكة التواصل الاجتماعي اختصرت المسافات واصبح من الممكن التواصل كيفما كان واينما وجد . علما ان الاديب والشاعر هو نتاج ادبي وفكري لا تحده حدود او غربة ، وأكيد تأثر المشهد الثقافي برمته بهجرة الكثير من الأدباء بعد أن وجدوا أنه لا مناص لهم في الكتابة أو العيش هنا ، وهذا يؤشر لدينا علامة أستفهام كبيرة ، كيف يهرب الشاعر من هموم وطنه ويتركه غريبا ؟.
- في فضاء الحب ولغته الأنسانية الكبيرة ، ماذا قالت شذا بوحا للغائب الحاضر ؟
-بالتاكيد للحب بكل معانيه الانسانية النبيلة يفيض بالشاعر حتى يتقاطر حبا ويشدو بحروفه وجع تارة ووجد تارة اخرى ، دموع وحنين وفرح ولهفة .. كثيرة هي لغات الحب . " لا املك سوى خافقي وورقة بيضاء كتب عليها ذات يوم احبك حتى نزيف الحجر ونبض الدروب وجمر المطر .."
* هل هناك ثمة أشكالية يعيشها المثقف مع السياسي الذي وجد ذاته صدفة في مصاف الحكم؟
-بالتاكيد هناك اشكالات كبيرة . السياسة بكل اشكالها وازمانها تتقاطع مع المثقف كونها تاخذ مسار لا يشبه طموحاته وتطلعاته .. حتى المثقف حين يضع نفسه في بودقة السياسة يسقط حتما ويفقد ذاته ونجده يتخبط هنا وهناك حتى ينتهي به المطاف اما عائدا الى حيث كان او متوغلا مع متاهات السياسة واقنعتها الزائفة.
* كشاعرة كيف تقرأين نصب الحرية للراحل جواد سليم ؟
- اقرأ تاريخ وطن ثائر في كل تفاصيله ، اقرأ كيف هي ثورة العمل في معمله والفلاح في حقله والجندي في مرتع حربه ، اقرأ محنة وطن للآن لم يستقر ، ولذلك نجد صرخة الشعب تحت نصب جواد سليم لا زالت تطلق من أجل متغسر ينتظر حتما .