في العزلة يتيه الأنسان في دروب ومجاهل نسيان مرتفع ضجيجا، وتسقط تفاصيله في قاع يسدل الستار عن المحطة التي توقف عندها أثرا، ربما حادث ما. وتبدأ أوراقه الزائدة تنسلخ من على شجرة العمر واحدة تتلو واحدة، وفي الحب يصبح هاجس الأستمرار نقيض العزلة والنسيان، ليصبح طاقة مضافة بالحيوات وهي تدفع الى الحضور كشاخص حضاري لا يمكن نسيانه أو التخلي عنه حتما.
بل أزعم أن هذه الحياة وهذا التوقد، توقظ حيوات كانت غافية في قاع كائن واستحضرتها قوته لبلوغ وتجاوز المحنة أستمرارا.
تلك لذائذ هواجس أدركتها ولمستها في فضاءات حوار أقتحمت فيه شجاعة امرأة تحدت كارثة المحنة لتقف على بوابات ضفتها الأخرى وتعلن عن حضورها مرة اخرى وتقول تلكم هي ورقة محنتي وقد مزقتها الى الأبد.
وأزعم أن لمحيطها بكل تمفصلاته كان سببا في بقاء جذوة الحب ومعانيه وجماليته يقظا في قلبها، لتدخل مرابعها الفنية من جديد بمعنى الأنسانة..
الفنانة الصبورة المتحدية محنة كادت أن تودي بحياتها. ويقين الصبر منحها قدرة التحمل والعبور الى ضفة الحب والجمال واللون.
أنها التشكيلية الرائدة عادلة فاضل الأبراهيمي، مقتربا من محطاتها وهواجسها في حوار غير تقليدي وهو ربما الأول التي تكشف فيه ما لم تقله في سابقات حوارية نشرت في صحف ومجلات محلية وعربية:
- ·كيف كان التحدي في ظروف ندرك هالة النسيان وقد أصبحت مظلة على الجميع؟
لم أنتمي الى واحات النسيان والضعف والأنزواء أبدا، منذ الوهلة الأولى للصدمة كان أفق الأمل شكل هالات من الأشعاع في قلبي، وكان لون الحب ماردا، قويا صمدت عواصفي وعواطفي بأتجاه جبال الضعف، فصار التحدي عنوان رئيس في كل تفاصيل إيامي، وشعرت بالمقدمة أنتصارا داهمني وأنصهر معي حد التوحد.
- ·وكان معرضك الشخصي الأخير "حياة، فن، تحدي" تعبيرا عن كل هذه الهواجس وقوة الحضور؟
هو واحة تأكيد معناي، ومحاكاة واقع أذهلني المؤلم فيه، وصار نقطة الأرتكاز للتعبير عن أنتمائي للحظة التغيير وإيجاد مخرجات للتواصل مع المشهد الذي شهد حضوري فنا ودرسا، ولذا ضم المعرض محطات من سيرتي الفنية، وصولا الى لحظات المحنة والتحدي مع لوحات الصراع اللوني التي جسدت فيها أنتصاري على العزلة والنسيان، ويقين وجودي حية أسابق الضعف بما أحمل من قوة لون وفكر وبيان أدواتي المعرفية وقد حافظت عليها بكل أبعادها، وأزعم هي في داخلي كوليد لا أريد له أن يغادرني.
- ·في أعمالك متسع من الأنتماء لموضوع التراث سيما وأنت من مدينة تمتلك مشتركا في التراث مع العاصمة بغداد؟
شغفي بالتراث منذ نعومة أضفاري وقد عشت في البصرة "تراث وفن وحواري" تشبه الى حد ما بعض شواخص بغداد، وهذا التراث بشواخصه العلامة البارزة في مدن الجنوب، وهذه الموضوعة صارت لدي هدف وأحتجاج على ما أصاب الكثير من المواقع التراثية للعبث الأستثماري التجاري الذي أسقط عنها هويتها الأصيلة، وهي رسائل لكل مهتم بالتراث في صورة الشناشيل سواء في البصرة أو أي مكان أخر، فكانت القباب المزركشة حكاية في أعمالي لون ومعمار، ولا تخلو منها أبدا، بل صارت مصدرا لبحثي الدائم عنها، فنا ودرسا، وكان لها أن تتطور كتجربة عند أنتقالي الى بغداد لتنضج وتتفاعل مع الحكايات الكبيرة وهي تنتشر كالشعر في ملاذات بغداد.
- ·هناك أختلاف في ماهية الرؤى الفنية في تناول موضوعة التراث، من أي زاوية تتفرد التشكيلية عادلة عن الأخرين؟
جيلنا نشأ وهو يملك الموهبة في تخصص صار هدفه في الدرس الأكاديمي ويطلع على تجارب الأخرين، وتكون قراءاته ذات وعي أزعم أنه يختلف ومغاير عن تجارب من سبقوه، ولذا صار فعلنا ورؤانا تختلف نوعا عن الأخرين، وكانت تجربتي هي الأحاطة بمفاهيم التراث الشعبي برؤى حداثوية كما عبر عنها الكثير من النقاد ممن تناولوا تجربتي الفنية، وهي ذات فعل تطوري يمتلك عنصر التجريب بأستمرار، ولذا هي تنسجم الى حد ما مع الحارة البغدادية بكل حميميتها.
- ·كيف تنظرين الى التراث العراقي وهو العلامة الفارقة في كل مدنه؟
أراه وقد شدني التراث العراقي بثراء معناه، ودفق روحيته الأصيلة، وهو زاخر بتفاصيل المفردات العراقية والأهلة والشناشيل التقليدية والمرموزات والوجوه السومرية، كما الحلي التراثية التي تستعملها المرأة، أنظر الى المرأة العراقية كمحور تدور وتنضج بل وأبني عليه غالبية أعمالي التشكيلية ،وهو بأختصار قصيدتي اللونية التي أتغنى بها في فرشاتي.
- ·مرة قالت عادلة "لا أزال هنا، وفني لا يزال يزهو" الى ماذا تبوحين بذلك المعنى قوة؟
لأنني وقفت عند مفترق طريق، واحد يؤدي الى العزلة والنسيان، والآخر يؤدي البقاء والتحدي، لذا أخترت الثاني لأنتصر وبيدي فرشاتي التي تلون طريقي الجميل الذي أخترته بوعي وروح تحدي وأيقاع حضور، وكان مثار أعجاب من البعيد قبل القريب، وهم غير مصدقين هذا التحدي في زمن صار قاحلا منه، ووجدت أنني أخترت الدرب الصح لأستمر في فضاء الفن والتشكيل واللون، ولم تغب عني حيوات البحث عن المغاير فيما أختاره من أعمال تدلل على هذا التحدي.
- ·أشعر أن الأسلوب الانطباعي يشكل حالة مشتركة لدى الكثير من الفنانين، كيف تتخذ الفنانة عادلة بعدها المغاير؟
هنا يكمن الوعي والفهم للمدرسة الأنطباعية، وكيفية توظيفها بشكل مختلف عن الأخر ، وحتى في طبيعة اللون وتدرجاته هناك رسائل نفسية أتحكم فيها لأثارة المتلقي وأبقيه بجانبي حتما، ولكل فنان أسلوبه الذي يدونه من خلال اللوحة في متنها الحكائي لتفاصيل المدرسة الأنطباعية، ولذلك تجد هناك أختلاف في "الفيكرات" والألوان.
- ·كيف تنظرين الى ملحمة نصب الحرية لجواد سليم؟
هو حلم مؤجل لقادم نحلم به ونتمناه. ونريد أن يكون له تماثلا في مخيلة الشعراء والأدباء والفنانين لملحمة دونت صورة العراقي في تحديه وبطولته وأنتصاره، باعدا عنه كل تلك الأنكسارات والخسارات اليومية، هو نوع الخلود الشاخص كمعلم من عجائب الدنيا في لغة النحت الحديث.
سيرة ذاتية
- ·مواليد البصرة/1945،خريجة معهد الفنون الجميلة – قسم الرسم لعام 1965
- ·عضوة نقابة الفنانين العراقيين
- ·عضوة جمعية التشكيليين العراقيين
- ·مسؤولة قسم الفنون التشكيلية في مديرية النشاط المدرسي بديوان وزارة التربية سابقا.
المعارض الشخصية
- 1.عام 1976 / المعرض الاول في محافظة البصرة.
- 2.1983/ في مقديشو في ديوان وزارة التربية.
- 3.المعرض الرابع في البصرة.
- 4.المعرض الاخير (حياة، فن، تحدي) في دائرة الفنون التشكيلية عام 2016.
المشاركات الفنية
- ·المشاركة في عدة دورات فنية للفنون التشكيلية في بغداد والبصرة.
- ·المساهمة في معرض الفنانين الاول لفناني البصرة المقام في بغداد 1968.
- ·المساهمة في المعرض الثاني للفنانين البصريين في البصرةعام 1971.
- ·المساهمة في معرض جمعية التشكليين في البصرة عام 1975.
- ·المساهمة في اكثر معارض النشاط المدرسي في بغداد والبصرة.
- ·المساهمة في معرض دور الثقافة الجماهيرية في بغداد وبعض المحافظات.
- ·المساهمة في معرض المؤتمر الاول لنقابة الفنانين في البصرة عام 1978.
- ·المساهمة في اكثر المعارض الخاصة للبوستر السياسي لدور الثقافة الجماهيرية والاتحاد العام لنساء العراق ونقابة المعلمين وشركة النفط الوطنية لعام 1975- 1976-1977-1978.
- ·المشاركة في معارض نقابة الفنانين العراقيين.
- ·المشاركة في القاعات الفنية الاهلية.
- ·عرض ومشاركة في عمان والشارقة وقطر.
- ·المشاركة في معرض الفنانات العراقيات بغداد -1978-1999-2009.
- ·مشاركات في عدة مناسبات في (مركز صدام للفنون سابقا) بغداد منذ عام 1987 لغاية 2009.
- ·المشاركة في معارض المرأة لوزارة الثقافة دائرة لفنون لعام 2009-2010.
- ·المشاركة في معرض دائرة الفنون التشكيلية لوزارة الثقافة في كركوك عام 2010.
- ·المشاركة في مهرجان الواسطي الدولي للفنون التشكيلية – وزارة الثقافة 2010.
مجال العمل الوظيفي
- ·معلمة التربية الفنية – مدرسة الفيحاء النموذجية – البصرة 1965.
- ·مدرسة في معهد المعلمات في البصرة –تدريس اصول التربية الفنية.
- · مشرفة فنية في النشاط المدرسي لتربية بغداد الكرخ – 1987.
- ·مشرفة تربوية 2000.
- ·مسؤولة الفنون التشكيلية في ديوان وزارة التربية.
النشاطات التربوية
- ·اقامة عدة دروس تدريبية ونموذجية في البصرة وبغداد
- ·طبعت لها ملزمة بعنوان (النهوض بدرس التربية الفنية)
- ·طبع لها تقويم لرسوم الاطفال المتميزين بالرسم عام 2005
- ·القاء محاضرات فنية للمعلمين والمدرسين والمشرفيين الفنيين- لدورات مديرية الاعداد والتطوير.
- ·الاسلوب في العمل الفني
- ·الرسم التجريدي المبسط.
.....