غفران حداد/ بيروت
أشهر ما قيل عن الكعب العالي فقد كان عبارة الموسيقار المصري الراحل محمد عبد الوهاب حيث قال "أنوثة المرأة تبدأ من الكعب العالي". على الرغم من أن الكعب العالي الآن يلبس عادة من النساء فقط، ويعتبر جزء أساسي من أناقتهنّ، إلا أن الجذور التاريخية لهذا الابتكار يؤكد إنه كان للرجل، فقديما كان يخص الفرسان الفارسيين في الشرق الأوسط الذين استخدموه لوظيفة معيّنة، فكان يساعد في تثبيت قدم الفارس على حديد السرج، كان وحش الذاكرة إجتاحني فجأة وأنا أتجول بين محال لبيع الأحذية في بيروت لاختيار حذاء بكعبٍ عالٍ.
وخلال دخولي إحداها لفت نظري مشهد رجل لبناني وهو يلبس زوجته فردة لحذاء كعب عالي وهي متذمرة لم يعجبها شيء، وبعد قياسها أكثر من تسع موديلات من الأحذية انتهى الموضوع بقرار خروجهما لمحال آخر. فقلت في سرّي كم يحترم الرجل اللبناني للمرأة ولا يعتبرها انتقاصا لرجولتهِ وهو جالس تحت قدميها ليقيس لها الحذاء، فهي حبيبته وشريكة حياتهِ، وخلال عودتي للمنزل مر أمامي شريط ذكريات لمعاملة الرجل العراقي للمرأة فمنذ أن وعيت على الدنيا وإلى اليوم لم أرَ هذا المشهد، بل ما كنت اشاهدهُ كثيراً في مرحلة مراهقتي عراك جارنا "أبا شاكر" وهو يضرب زوجتهِ بحذائه أمام الجيران وإحدى المرات ضربها بفردة كعب عالي من أحذيتها. فكسر لها أنفها ونزفت الدم الكثير وجاءت لنا شاكيةً لكي نأخذها لأقرب مستشفى، وأما أكثر موقف يضحكني ويحزنني بذات الوقت، خلال دراستي في كلية الإعلام، أتذكر زميلة دوما ترتدي الحذاء بالكعب العالي وتأخرت ذات مرة عن المحاضرة وحين سألها المحاضر عن سبب التأخير قالت: "دكتور كنت أنتظر بابا يترك حذائي بالأرض حتى أرتديه لأنه كان يضرب بهِ أمي". فضحكنا جميعاً وكنا نظنها مزحة، لكنها كانت الحقيقة، لا أجزم أن جميع الرجال العراقيين لا يحترمون زوجاتهم وإنَّ الجميع يضربوهنّ بالحذاء ولكن أكتب لهذه الفئة الشاذة وأتمنى أن تكون قليلة، وأقول لهم رفقا بالقوارير وصباحكم سكّر.