حدث هذا، حين ظهر تجمع فتيان "الصمّ والبكم" في ساحة التحرير، وهم يهتفون باشاراتٍ معبرة من ايديهم، واماراتِ وجوههم، وأصوات نبيلة من أفئدتهم، ضد الطغمة الفاجرة الحاكمة، وكلها تعني: إرحلوا.. إرحلوا.. رسالة المشهد هذا واضحة وبليغة: ارادة الثورة لن تُقهر.
***
سماحة المرجع.. باسمك يرتكبون النهب والمذابح
سماحة المرجع السيد علي الحسيني السيستاني محفوظٌ مقامُه..
أعرف، وليس لديّ شك، ان سماحتكم صادق النية في مساعدة العراقيين على التفاهم، والتحاور بالحسنى، وأيضا على تصويب سياسات اهل القرار، من احزاب وزعامات، موالية (علنا) لكم، ومُقلّدة (عيانا) لمنهجكم، وأعرفُ (كما يعرف الملايين) انكم شكوتم، وتشكون، من انحراف هؤلاء عن طريق الورع والعفة والرحمة والرشاد، وإيغالهم بالفساد والظلم والجشع، دونما نيّة أو اشارة الى انهم يأخذون بما تنصحُ، وما تُرشدُ، وما تحذّرُ، وقد تعاملوا مع إرشاداتك وتحذيراتك، بالنفاق والمخاتلة، والتعمد على احراجك، وذلك بالاعلان عن ترحيبهم بنصائحك الوقائية، في العلن، وبضربها عرض الحائط بالتطبيق، وفي كل مرّة يعود سماحتكم الى نقطة البداية، فتنصح وتحذر، ويعودون هم الى الظهور من على الشاشات الملونة مرحبين، مخادعين، وفيما بينهم يتهامسون: ليقلْ المرجع ما يريدُ ان يقول، ونفعل ما نريد أنْ نفعل، أما الحكومة التي تديرها هذه القوى الفاجرة فقد تعودت على على خداع الناس بتشيكل لجنة لترجمة رسائلكم الى اجراءات، ولم ترَ نتائج عمل اللجنة النور لسبب بسيط هو انه لا وجود لتلك اللجنة في الواقع، فيما الملايين المقموعة والمُذلّة والمهمشة تنقذف الى حيرة مريرة في تأويل هذا الوضع، ويندلع التساؤل، ويكبر ، يكبر، فوق ما تتسع له الافئدة ما إذا سماحتكم لا تعرف حقا ان مريديك لا، ولن يأخذوا بنصائحك، ولا فائدة من تكرار الشكوى حيال تنمّرهم، كما جاء في خطبة الجمعة 15 تشرين الثاني من تأكيدكم على "الشكوك بعدم جدية السلطة واحزابها في تحقيق الاصلاح".
سماحة السيد المرجع.. بصريح العبارة، ان اصحاب السلطة يتحكمون الآن، باسمك، بمصائر الملايين، وقد أخذوا البلد (باسمك) الى الفتنة والمجاعة والفساد، ويتجهون الآن (باسمك) الى حلّ أحمقٍ دموي لإخضاع الشعب الثائر ولخروج الامة عليهم..
الامر الذي لم يبقِ مكانا مفيدا للرسائل التي توجهونها لهم كل جمعة.. بانتظار رسالة مهمة واحدة منكم تأخرت كثيرا: اتركوا السلطة حالا ايها المجرمون.. انا برئ منكم.
***
إرفعْ يدكَ.. انتَ واحدٌ منهم
من دون لفٍّ ودوران، انت واحدٌ من الصف الاول لحكم المحاصصة والفساد والقتل والفجور، وما يطالهم يطالك، بحكم منطق الشراكة والتضامن والتغطية على المخالفات والجرائم، عدا عن خيانتك الامانة كونك "راعي الدستور" في وقت ادخلوا هذا الدستور في بالوعات سحيقة وصاروا يخرجون منه ما يناسب مقاسات أحذيتهم، وانت ساكت ومتواطئ، ومنذ البداية نأيت عن التزام المادة 71 الفقرة 15 التي تقضي بوجوب سحب الثقة عن رئيس الحكومة في حال فقد الزمام ومارس القتل الجماعي والكذب. وقد حاولتَ، برهم، بتلك الحركات الالقائية البهلوانية، عبثا، ان تميّز نفسك عن شركائك الموغلين بقتل ابنائنا، لكن أحدا منا لم يكن ليصدقك، سيما بعد لملمت امارات وجهك الزائفة بعد المذابح، واعتكفت في "غرفة الرئاسات" المعتمة، وفي حفلات الكتل السياسية المسلية، مُحَشدا الدعم لصاحب السلطة الكسيح، العاجز، القاتل، وصرتَ تسرب إيحاءات مضحكة الى وظيفة تقوم بها لضبط التوازن الامريكي الايراني، ولكذبة الاصلاحات والحلول الوسط، والنداءات المبحوحة لحماية دماء الشبان االشجعان، وأحسب انك، في ذلك، كنتَ تضحك مع نفسك، او تضحك على نفسك.
يقال لنا، يا برهم، انك تمثل المكوّن الكردي في سلطة القرار الوطني، في وقت لم يسيء، ويدمر، ويرهن مصالح وسمعة الشعب الكردي الطيب، الشقيق، وتضحياته المديدة اكثر من ساسته، وانت واحدٌ منهم، إذْ حوّلتم حلمه النبيل في التحرر والاستقلال والعيش الآمن الى حسابات في البنوك وعقارات مترامية في ارض الاقليم وأرض الله، من دبي الى لوس انجلوس، والى كواليس وصفقات ووأد للحريات واغتيالات وسجون لمزيد من اذلال الشعب الكردي وافقاره.. وكل ذلك وُضع في حشوة هجمات الشوفينيين الارذال ضد الكرد والنيل من الاخوة القومية.
ربما من حسن حظنا يا برهم ان الاحداث والهبة المليونية القت بصفتكم الاعلامية "فخامة الرئيس" الى سلة المهملات سوية مع موصوفات "معالي" رئيس الحكومة، و"السيد" رئيس البرلمان، ولكم جميعا في رقابنا (مسؤولين وساسة) دينٌ ابديّ بان نسجلكم في دفاترنا كحراس أمناء لمرحلة الانحطاط، التي عشناها ونشهد سقوطها، غير مأسوف عليها وعليكم.