لمتمر بالعراق مرحلة أبتُذلت فيها الالقاب والمناصب ما تمر به هذه الايام، ولم تبلغ فوضى الادعاءات بالوجاهة وتبوء المقامات والمراقي والمراتب والصفات الرنانة والنياشين ما بلغته محافل السياسة والاعلام في العقد الاخير من تاريخ هذه البلاد، تكفي الاشارة الى لاعب "نصف موهوب" في ساحة الاعلام لا يمر شهر من دون ان يحصل على وسام مزعوم او لقب دولي لا اساس له من الصحة. ومؤخرا أعلن عن تعيين نفسه سفيرا لمرجعية دولية لم يكن ليسمع بها أحد.
وثمة آخر، اقل موهبة، لا يرضى مخاطبته بالاسم المجرد او بعنوان وظيفته المتواضع، ويخجله التذكير بمهنة والده المتواضعة، غرورا،.
والغريب ان دعاة دينيين من بطانة السياسة صاروا ينافسون غيرهم في الاغترار بالالقاب البراقة، فيما يورد ابو بشر الدولابي في كتابه "الكنى والاسماء" ان الانبياء موسى وداوود ومحمد كانوا رعاة غنم ولم يكونوا ليتنكروا لمهنتهم امام طواغيت عصورهم. وفي كتاب "تنبيه المغترين" للشعراني اشارة لسفيان الثوري يحذر فيها من من اولئك الذين يتظاهرون بوجاهات المناصب "فإن تحتها ذئاب كاسرة" .
وعن انقلاب القيم والاندفاع في والوجاهات والاغترار بالمناصب في عصر بني امية نُقل عن ابا ذر الغفاري قوله:
"كان الناس ورقا لا شوك فيه، فصاروا شوكا لا ورق فيه"
وفي "شرح نهج البلاغة" لابن ابي الحديد مقولة بليغة لعمر بن الخطاب، يقول: "اللهم لا تكثر لي في الدنيا فاطغى".
الكاتب الانجليزي الشهير "توماس كارليل" تلقى عرضا من رئيس حكومة بلاده "دزرائيلي" ان يحمل لقب "لورد" فرد عليه بالقول:
"ان اللقب وما يتبعه من امتيازات لن يرفع من قدري شيئا".. ويمكن ان نقوّل كارليل ما لم يقله:
لن يحط من قدر الانسان أن يكون بلا لقب.