رغم انحسار المياه وتقهقر موجات الامل تبقى ميسان مدينة الفجر الذي ينتظر بزوغ الكلمة واشراقة الحروف فوق بيدر الصبر . ها هم الشعراء الشباب، المجريون، يسمون ملتقاهم الاول باسم الجنوب في محاولة منهم للاعلان عن جهة الصبر والاصرار والمحبة والابداع العراقي. انهم يؤمنون بالجنوب قلبا للعراق عند هطول دموع الامهات في طريق العودة من الحرب وعند لوعة العشاق وهم ينتظرون سطوع حبيباتهم فوق صفحة الحقول. جنوبيون حد الوجع المرتعش كسعفات نخيلهم المجروح من شدة الهجر. يؤمنون باهوارهم صفحة يخطون بين قصبها وبرديها مواويل الحب الاول واللهفة لبيضاء. جنوبيون في الرفض فهم فضاء حر للمحبة وللانسان الذاهب نحو شمس الله . يعصر ارواحهم عشق قديم تجذر في هذه الارض التي نهضوا من طين سومرها مرتلين نشيد الابجدية في سفر الخلود. ولدوا وعلى اكتافهم الواح الكتابة، تنكسر ظلالهم لفرط المحبة وتتورد قصائدهم خجلا عند لقاء الحبيبات. انهم لا يملكون سوى براءتهم الاولى فراحوا يوقدون كلماتهم شموعا في ليل العالم. هكذا تدفقت نصوصهم عشقا خالصا لوجه العراق والقصيدة، فكان لهم هذا المشهد الشعري ولادة اولى:
خطوات روحي
كلما أسمع
أذان قلبكِ
لصلاة الاقتراب يناديني
سأصلي
صلاة العناق
في محراب حضنكِ
سأطيل بالركوع
والخشوع
من شدة جمالكِ
حتى مطلع الضجر
سأبعد شيطان
الشك بآيات الحب
معكِ حتى يسيطر
عزرائيل الفراق
على آخر معاقل نبضي
جنتي أنتِ
سأفوز بكِ
لأشرب خمر
القبل من نهر شفتيكِ
حصاد
أتعبني خريف
اللا عناق
سرق كل أوراق
سنيني
سانتظركِ
بكامل عريي
لارتديني
دعيني أعيش
على جدول نبضكِ
أنثري قربكِ
على ضفاف صدري
لانتعش بحصاد الالتصاق.
تسول
علي صبيح
متسول
في الطرق الحديثة
أحتاج لرغيف خبز
وكتاب
أحتاج للمال
بقدر يمكنني
ان اشتري حذاء لامعا
كي أكمل عامي الدراسي
ويلمع مع ذكائي
في حل المسائل
الرياضية
وللكتاب
كي أكون فيلسوفا
صدقة تدفع البلاء
فمال سيشيد
لك الله في الجنة قصرا
والكتاب
سيمنحك الله
مكتبة كاملة
ونهرا من الخمر
يوم القيامة.
يا شعبي
علي الجنوبي
يا شعبُ ما هذا العناءْ
في جيلنِا ماتَ الحياءْ
حزبٌ على حزبٍ طغى
فأين دينُ الانبياءْ
كن واعياً في ما جرى
الحكُم رأيُ الغرباءْ
في بلدي الحكُم عرى
والغربُ قادوا الرئساءْ
الطفلُ ماتَ والنساء
يا شعبُ ما هذا الهراءْ
والعيشُ فخرٌ بلدما
شعارهم لا للبقاء
والدمُ نهراناً جرت
اظحوا اليهِ الابرياءْ
فلوردُ أمسى باكياً
في جذرهِ صارَ الجفاءْ
والصمت بطنٌ شبعت
والجوعُ اجهش بلبكاءْ
بغدادَ أم عجزت
لمن تودُ الاشتكاءْ
بسملة
حسن فوزي
بسم الحب اللعين اللذيذ
بسم الملائكة الجياع على ابواب المرسلين
بسم القبور التي وسط الزحام سائرة
بسم الكؤوس والطاولات والخمور اللاذعه
بسم العمائم الملفوفة بالبياض
وبحجرها انهر الدم ناضجة
اقيئ هذا الحرف من فرط سمي
ومن جشع الغابرين في الظلمة الحالكة
انزف هذا الجوع من كثر المرائين
بالشكر والتسبيح ولطخات النافلة
احمّل تماسك الشمع ضعفي
احمّل مضاجعة الشمس ذوباني
كرذاذ من فاه زنديق تقذفني
على شياطين زاهدة
يلعنكم اني نصف وهذا القبر رغيف
يلعنكم اني ستر وهذا الدمع شريف
يااااا لسكاكين الذنب تشقق جبهة طرفي
بالنظر من اعلى تكور نهد مصمصة العبد
فأسقط من وجعي قمه.
لا يعجبني عطر فيك
وليس بزندك اثر خالي كي اشهق كفره
يا بسملة اللعنة من اقصى الصفر من رقمي وحتى اخر صفر ينقشني على هامش سكري..
من حقك ان لا تنصفني بهذا جدا..
فمن يولد من رحم النار يكبر رماد او يصعد دخان
فكيف وانا ابن اللاشيء.
بسملتي تنكر اني كنت لا اعرف اسمه.
او كيف برب يخلق مثلي ولا يشكر مثله..
رصيف للبيع
سجاد ميثم
كذا الحال يا حبيبتي
شاءت الاقدار
فافترقنا وابتعدنا
افتراق الروح عن الجسد
فما زالت آمال اطفالي
في ذاكرتي
حتى كبروا كبروا كبروا
وغزير الشيب ينمو
وهم في ذاكرتي؟
يا حبيبتي يا حبيبتي
قد قسمونا كأصحاب السجائر
حين يقذفون بالدخان عاليا
فتتضح تلك خريطةٌ
تلك خريطة
هكذا التقسيم
يا حبيبتي بغداد…..
بربكِ اتقبلين ما فعلوا
بتلك النوارس
تغفو بلا مأوى
على الرصيف….
وكان احدهم له قفشة
من اللهجة العامية (انه بيتي الرصيف بيوم طكني العوز ااشكتب عل الرصيف الدار للبيع؟؟؟ )
كذبوا
علي حبيب الشّابي
غَارِقٌ لِيلُ بلادي
ِبسكارى
شَرِبوا كلَّ دمائي
يَا لهذا الصّبحِ كيفَ النّورُ فيهِ
قد تَجلّى
وهَناك الوردُ دامٍ
والندى يسَقي بقايا من قبورِ الثّائرينْ
حيثُ جهرا
ودعَ الغصنُ حكاياتِ الثكالى
حيث ُ فيِهنْ
كلُّ عامٍ الفُ كفن ٍ
َدفنتْ الفَ ضياءٍ وكتابْ
وَبِلا أدنى خجلْ
كلُّ عام ٍ
سوف تَأتي
تَسلخُ الغصنَ بداعِ
أن ثوبَي في نحولٍ
عِندَما يَأتي الربيع
يا لهذا
كم ْإلى أطفالِنا قد
همسَ الصّوتُ رصاصا
وهوى فيهم بكاءً وصراخا وعويل ْ
وأنا منذ ُ وجودي بَالعدمْ
بظلامٍ في البطونِ
أيْنعتْ بي خلجاتي أنّ طعمَ الدّمِ سرٌّ
في نضالي وكذا في ظُلمِ نفسي
ها أنا بينَ ضياعٍ وَوَطنْ
وانتصار وَوَهنْ
ونفوسٍ تَشربُ الموتَ طواعا وتموتُ
في شعارِ الزاّهدينَ كذبا
أينَ مجدي؟ أينَ امي؟
أينَ دمّي؟
من أراهُ بعدَ موتي؟
يا صديقي كلُّهم قد كذبوا
لم أجدْ فيهم مُحبّا
وطني
قتلوك
بسياطٍ من دماءِ
غّارِقٌ ليلُ بلادي
بسكارى وضياءٍ ودماءٍ وحنانٍ
وكتابْ
حديث بين الرصاصَةِ الوردة
جعفر علي
في وطني
تختلف الاشياء
كل شيء يختلف
فالرصاصةٌ صغيرة جدا
لكنها تفعل ما هو أكبر من حجمها
بوسع رصاصة هنا ان
تحرقُ بستاناً جميلًا
والرصاصةً تقتلُ شخصاً
يا للغرابة
في وطني
يضعون الورد في البندقية
أيــا الهي
انا لا ريد أن اكون من تجار البنادق
أريدُ فقط ان اصنعُ زهرة للشمس
ونرجسا لليتامى
وياسمينا للاطفال
أريدُ أن أكون بائعا للورد في بستان…
ومن حولي عصافير
انا لا ريد ان كون بائعا للبنادق
لا اريد لراسي ان يحشوه برصاص
ها هو رصاصهم
يسد الفضاء على الطير
وها انني ماض
في مهنتي
اصنع من الرصاصات والهموم النازفة
ازهارا تنام
مع الفقراء على الارصفة .
تأخرت..
حسين سالم الاسدي
الوقت يمضي كالبرق...
نفدت شهوة انتظارك..
كم اتشهى لرؤيتك..
بهت نورك من قلبي...
تأخرت...
أنهاري جفت ومات زرعك في قلبي..
لن ترى زرعا ..
فقط قلبا قاحلا..
تأخرت... غادر نهاري..
وانطفئت نجومي...
وحطمت المصابيح...
تأخرت .. لن اعزفك على اوتار قلبي ..
كسرت الحاني. ..
وتاهت حروفي... تأخرت...
عودتك لا تسمن ولا تغن من جوع. ..
انا على وشك الموت..
غادري..