دخول الفردوس
في 5 تشرين الثاني عام 1999، وصلنا الى اليابسة وترجّلنا من السفينة بعد 8 أيام في البحر، ملابس رثّة وشعور كثّة، ووجوه محروقة بفعل الشمس وكثير من الذلّ، أحاط بِنَا خفر السواحل وموظفو الجمارك مع آخرين يلتقطون الصور لأجساد بالكاد تمشي على قدمين!
كانت الباصات بانتظارنا، جلست قرب بهاء بعد أن تبادلنا تهاني سلامة الوصول، لمحت في عيني بهاء دهشة لم أشاهدها من قبل وهو يتساءل بحيرة وعدم تصديق واضحين: هل وصلنا أخيراً، هل تتخيّل أنّنا الآن في أستراليا، إنَّه يوم عظيم حقّاً؟!
فأجبته: لا أدري يا صديقي، دعنا نرى إن كان ذلك يستحق كلّ هذا العناء، لا أخفيك أشعر بالهوان على نفسي، فأمامنا معضلة الإجابة عن أسئلة الكيف ولماذا أتيتم الى هنا؟ وهو موقف أرى فيه الكثير من الضعف والهوان.
لا أدري، لكني لم أكن سعيدا لسبب ما، لست متفائلاً أو متشائماً، لكنّ الخوف من غموض المستقبل في هذا المكان الغريب تسرّب الى أعماقي.
أدخلونا قاعة كبيرة، فيها طعام ساخن وصحون موزعة وفق نظام "اخدم نفسك بنفسك"، فبدأنا بالتهام قطع الدجاج والرّز بشراهة، إذ كانت الوجبة الساخنة الأولى بعد أكثر من 10 أيام.
سمعت امرأة كانت تترجم عن الفارسي تصيح: يدونه.. يدونه.. يدونه، عرفت أنَّها تقول خذوا قطعة بعد قطعة وليس الدجاجة كلّها!
لم يكن معنا مترجم عن اللغة العربية، فدعاني موظف الجمارك الى قربه لغرض الترجمة، بعد أن أخبره أحدهم بمهنتي وقدرتي على التحدّث باللغة الإنكليزية.
جلست بقربه على كرسي بسيط، وهو يجلس على ذات الكرسي البسيط، إضافة الى منضدة أمامه عليها مجموعة أوراق تحتاج أن نملأها بمعلومات أولية عن الاسم والمواليد والجنسية والمهنة وعدد أفراد العائلة، وأيضاً عمّا تحتويه الحقيبة من مواد قد تكون ممنوعة وكذلك عن كمية المال الذي معك.
بدأ الموظف بسؤالي، فاستغرب عدم امتلاكي لمبلغ محترم يزيد عن الـ 200 دولار وأنا طبيب!
ومع ذلك، قال: إنَّ الأطباء هنا أثرياء وستكون واحداً منهم قريباً! ثم أثنى على لغتي الإنكليزية ورحّب بقيامي بعمل جيد ومفيد معه.
لم أصدق قصة الثراء القريب رغم فرحي الخفي بهذه النبوءة المبكرة!
بدأنا بمناداة كلّ شخص على حدة، نأخذ منه معلومات بسيطة وعادية، لكن حقل المهنة كان الأصعب بالنسبة لي، إذ إنَّ كثيراً من اللاجئين ليس لديهم مهنة محدّدة وكان أغلبهم طلاب حوزة، فكنت أترجمها الى طالب علوم دينية!
بعض قصص المأساة كانت تتّضح من عدد وسكن أفراد العائلة، فترى بعض العوائل موزعة في شتات عجيب، الأب في استراليا والزوجة في العراق، الابن في ألمانيا والبنت في سوريا، وكان الأكراد الفيلية يمثلون نماذج معقدة وقاسية في هذا الاتجاه، بعد أن هُجِّروا قسراً وبصورة ظالمة.
كان معظم اللاجئين لا يحمل سوى حقيبة بسيطة وبعض الملابس.
أذكر، أنَّ رجلاً بديناً كان يحمل معه أشرطة تسجيل كثيرة بذلنا وقتاً في عدّها والكشف عن ماهيتها، ثم تبيّن أنَّها مجرد محاضرات دينية ومواعظ!
استغرب موظف الجمارك عن كلّ هذا العدد، فيما تكفي موعظة واحدة أو اثنتان لإرشادك الى طريق الصلاح! بعد الانتهاء من نحو 30 شخصا، طلب الموظف أن آخذ قسطاً قليلاً من الراحة مع فنجان قهوة، وهو شيء فاجأني، حيث لم أكن قد تعوّدت على شرب القهوة بعد.
صعدنا الباصات مرَّة أخرى، بعد الانتهاء من إحصاء وتسجيل كلّ اللاجئين أخذونا الى أقرب مطار في مدينة دارون الشمالية ومنه بالطائرة الى قاعدة كيرتن الجوية في غرب أستراليا.
استغرقت الرحلة أربع ساعات، لا أذكر منها الا يد المضيفة تربت على كتفي! فتحت عيني بصعوبة بالغة، فقالت: يبدو أنَّك متعب جدّاً، حسنا لقد نمت طوال الوقت.
تستطيع النزول الآن... وصلنا!
التخطيط لإضراب مفتوح
وصلنا الى الكمب في الساعة العاشرة مساءً، وسط ظلام دامس بالكاد نميز من خلاله الأشخاص حولنا، رأينا مثلاً، إحدى حارسات الكمب وهي ترتدي قميصاً أبيض وشورتا ضيقاً بلون خاكي يكشف عن أفخاذ بيضاء عظيمة! كنّا أربعة نقف جانباً، بهاء، حسين، أبو سراج، وأنا، نادت علينا الموظفة وقادتنا الى كرفان صغير بسرير واحد من طابقين، ما إن وضعت رأسي على السرير حتى أكملت نومي الى الصباح، لم أعرف كيف وأين نام الآخرون!
اكتشفنا في الصباح الباكر كم كنّا محظوظين، فقد بتنا ليلتنا في واحد من عشرين كرفاناً فقط! كرفان مكيّف بباب يمكن إغلاقه بوجه العقارب والأفاعي التي حذرونا منها! فيما بات معظم اللاجئين في خيم كبيرة وعلى أسرّة من حديد في جوّ حارّ ورطب جدّاً.
استيقظنا صباحاً على أصوات هرج وتذمر واحتجاج عالية من اللاجئين، فجميعهم أناس حالمون بأضواء ومدن لا تنام، وبفراش دافئ وغذاء شهي ونساء جميلات ربّما، فكيف يجلسون فوق التراب الآن، يهشُّون الذباب عن وجوههم وحلمهم الأغلى شربة ماء باردة؟! أُعيدت عملية أخذ المعلومات من جديد، مع إصدار بطاقة عاجية برقم وصورة اللاجئ.
مضت الأيام الأولى قاسية على المستوى النفسي، إذ إنّنا نجهل تماماً ما يدور حولنا، فالحرّاس يجرون التعداد علينا كلّ عدّة ساعات وسط درجة حرارة شديدة، ولا يوجد أي وسيلة اتصال بالعالم، ولم يسمح لنا بالحديث مع المهاجرين الذين سبقونا الى الكمب، من عراقيين وأفغان وبعض السريلانكيين، الا بعد أيام من وصولنا. كانت الأحاديث والشائعات تدور حول قصّة مفادها، أنَّ الأستراليين لن يعطوا إقامة دائمة أو يسمحوا بالسفر، كنّا نتداول تلك القصص بين مصدِّقين وغير مصدَّقين، ونظنُّ أنَّ من غير الممكن أن تكون أستراليا بهذه القسوة!
في الأسبوع الأوّل، دُعينا أنا وبهاء وحسين ونصير وهلال، باعتبارنا نتحدّث اللغة الإنكليزية، لاجتماع مع إدارة المعسكر المسؤولة عن الخدمات، ومدير دائرة الهجرة المسؤول عن طلبات اللجوء، والأخير كان شخصاً ذا وجه متجهّم، يعامل الجميع بفوقية وغير محبوب من اللاجئين.
شرح لنا مدير المعسكر واجبه ومسؤوليته في تقديم وجبات الغذاء وشروط السلامة في المعسكر وعن ضرورة التعداد اليومي لضمان عدم هروب أي منّا خارج المعسكر.
ضحكنا من احتمالية هروب أحدنا من معسكر وسط الصحراء! ثم تحدّث (Craig) مدير الهجرة المتجهّم بالطريقة التالية:
نحن لم ندعكم الى هنا، دخلتم من الشباك، لا أعرف السبب المباشر لمجيئكم، لكن أعرف أنّكم تبحثون عن الحليب والعسل في هذه الأرض، أرضنا!
أثار كلام المدير غضبنا، حتى أنَّ زميلي حسين قال غاضبا موجِّهاً كلامه لي بلغة عربية: قل له يا حمودي ماذا فعل صدام بِنَا وكيف هجّرنا من العراق!
صرخت لندا وهي من حرس المعسكر، وكانت تجلس بين المدراء بصوت عالِ:
We know what saddam does
لندا من أصول لبنانية وتجيد اللغة العربية، ويبدو أنَّ كلام حسين أطلق لسانها. انفضّ الاجتماع سريعاً برسالة أرادوا إيصالها للجميع تلخّصها عبارة واحدة: "عليكم أن تتحمّلوا ما يجري بلا شكوى أو تذمر والا تفكّروا بالهرب مطلقاً!" خرجنا محبطين مع إحساس بالمرارة، حتى أنَّ بهاء ألمح بطريقة ذكية الى كلام المدير قائلاً: هذا الغبي لا يعرف أن العراق مَنْ وصف في العهد القديم بأرض الحليب والعسل! تجمّع عدد كبير من اللاجئين بانتظار نتائج أول اجتماع، فاختصرت لهم الموجز وأنا اتأمل الوجوه السمراء المتعبة بأفواه فاغرة.
قلت لهم نتيجة الاجتماع هي:
لا تفكّروا بالهرب وأمامكم أيام طويلة من الانتظار، بالمختصر العراقي، يعني اللي يجي من غير عزيمة يكعد بدون فراش، ويجوز حتى بدون عشه! وصلت مجموعة كبيرة أخرى خلال أيام، تبعتها مجموعة من 80 شخصاً، عُرفوا بمجموعة الثمانين، بعد ذلك، وصلت مجموعة الى جزيرة كريسمس، ومنها الى الكمب وعُرفوا بمجموعة كريسمس، أما نحن الـ 350، فعرفنا بمجموعة أبي علي الكويتي!
وصل عدد اللاجئين الى 1200 شخص، وأغلبهم من العراقيين والأفغان، مع عدد من الإيرانيين والسريلانكيين والفلسطينيين وواحد من المغرب وآخر من الجزائر، إضافة الى امرأة وطفلها من الاْردن.
وضع جميع المهاجرين في معسكر أو قاعدة جوية قديمة تقع وسط أحراش برّيّة، محاط بسياج عالٍ على مساحة لا تتعدى الكيلو مترين، وفيه مطعم كبير نسبيّاً محاط بكرفانات، وفيه كذلك، ملعب لكرة السلة فقط، تحيطه مساحة ترابية صغيرة اتّخذناها ملعبا لكرة القدم. مضت أسابيع ونحن غير مسموح لنا بالاتّصال بالعالم الخارجي، وضع تلفاز وسط خيمة وثلاث قنوات تجارية مسموح بمشاهدتها فقط، استبدّ القلق بالجميع، خاصّة مع من ترك عائلة خلفه.
صارت جماعة الخيم تتكدّس معنا في الكرفانات الصغيرة عند الظهيرة، فالجوّ حارّ جدّا في شهر تشرين الثاني في أستراليا، تحدّثت مع ممرض أسترالي يعمل داخل الكمب عن إمكانية أن أرسل رسالة معه الى الأهل، كتبت لهم سطرين فقط:
أهلي الكرام، أنا في أستراليا الآن بخير وسلامة، لا أستطيع المراسلة معكم الآن، سأشرح التفاصيل لكم لاحقاً.. سلامي للجميع.
أخذها مني وأرسالها الى أهلي.
نفدت سكائر المدخنين وبدأت ثورة التبغ كما أسميتها، يميل المدخنون للعصبية والتوتر كأعراض انسحابية للنيكوتين وهذا معروف علمياً وزاد من توترهم شعور المجهول الذي يعانونه.
تجمّع عدد منهم عند بوابة إدارة المعسكر وأخذوا يصرخون بوجه الحرس ويهدّدون بتكسير السياج، فخرج لهم المدير ووعدهم بتعيين سيكارتين لكلّ شخص بعد كلّ وجبة، سواء كان مدخناً أو لا، على أن يتمّ تدويرها فيما بينهم، حدث ذلك وفاز بسكائر مضاعفة من كان لديه كثير من المحبّين!
مضت ثلاثة أشهر ولم يُسمح لنا بأي اتصال أو مقابلة أي منا للحديث عن أسباب لجوئه الى أستراليا، كنّا نتوقع أن يوجه لنا ذلك السؤال في اليوم الأوّل من وصولنا وقد أعدّ كلّ واحد منا قصّته الخاصة، التي قد تكون حقيقية أو مفبركة للحصول على اللجوء.
اتذكر أنَّ بعض الأحوازيين ادّعوا أنَّهم عراقيون ومضطهدون من قبل نظام صدام وألّفوا قصصاً عن إعدام ذويهم! كنّا نسمع من بعض الحرس المتعاطفين مع محنة اللاجئين ومن ممرض أيضا كان يعارض عمل الحكومة الأسترالية في طريقة معاملة اللاجئين، عبارات تشجيع للقيام بعمل ما لإيصال محنتنا إلى الرأي العام، حتى أنَّ بهاء استغرب ذات يوم من قول أحد الحرّاس العبارة التالية: "لن يكترث لكم أحد ما لم تفعلوا شيئا"، فتساءل بهاء، ترى ما الذي يجب علينا فعله؟ بدأ حراك داخل المعسكر واتصالات بين اللاجئين لتنظيم إضراب عن الطعام، على أن نتدبر أمر الاتصال بالعالم الخارجي، وأن نسمع صوتنا الى الدولة الأسترالية لإرغامها على الاستماع لقصصنا والاهتمام بمعاملات لجوئنا، وصار الاتفاق أن ندعو لإضراب مفتوح. دبّت حركة نشطة، تخلّلتها زيارات ليليّة وسريّة بين غرف اللاجئين وخيمهم لتشجع الجميع على القيام بالإضراب. المهاجر عودة الفلسطيني، وهو الوحيد بيننا تحمّس لفكرة الإضراب جدّاً، يبدو أنَّها أحيت ذكرياته مع الاحتلال الإسرائيلي، حتى أنَّه ردّد مراراً:
يا... أهلا بالمعارك!
إضراب عن الطعام
علمت إدارة الكمب أنَّ اللاجئين يخططون للإضراب عن الطعام، وعلمنا أنَّ الإدارة لا تشجّع على هذا العمل وأنَّها قلقة على سلامة الجميع، لكنَّ الإشارة التي فهمناها، أنَّهم قلقون وخائفون من عملية الإضراب ذاتها، لأنَّها ستفضح طريقتهم اللا إنسانية في التّعامل مع اللاجئين. مرّة أخرى، دعوا أكثر من 30 شخصاً للحديث معهم عن طريقة عمل دائرة الهجرة وكيفية تلافي المشاكل التي قد يسبّبها الإضراب عن الطعام.
انعقد الاجتماع صباحاً في قاعة خارج الكمب، نقلونا اليها بواسطة الباصات. ابتدأت الحديث امرأة، قدّمت نفسها ممثلة عن وزير ودائرة الهجرة، وبعد المقدمة أشارت مجدّدا الى الطريقة غير القانونية التي وصلنا بها الى أستراليا، وأنّنا قفزنا خارج الطابور ودخلنا من الشباك، وهي عبارة ذكرها الوزير الهجرة وما عُرف حينذاك بقضية الـ queue jumper.
ثم تحدّثت عن عددنا الكبير وغير المتوقع، وأن لا خيار أمامنا سوى الانتظار، وأكدت صدور قانون هجرة جديد يقضي بمنحنا فيزا مؤقتة لسنتين يعاد النظر بها بعد انتهائهما، وشدّدت على عدم سماح الفيزا بمسألة لم الشمل العائلي أو السفر، لكنّها تسمح بالعمل ودفع الضرائب والحصول على الرعاية الصحية. حاول بعضنا نقد الأبعاد والجوانب اللا إنسانية لهذا القرار، خاصة فيما يتعلّق بعدم السماح بلم الشمل العائلي، حتى أنَّ أحد الآباء، رفع ابنه الصغير عالياً وأجهش بالبكاء متسائلاً، فيما إذا كُتب اليتم على ابنه الصغير الآخر الذي تركه مع أمه في إيران بسبب القرار الجائر. انفضّ الاجتماع برسالة واضحة أخرى، تشبه الأولى، مغزاها... تحمّلوا ما يجري لكم ولدينا قرارنا الذي يجب أن يحترم.
كانت الأجواء عاطفية وحزينة بشكل استثنائي، مشفوعة بخيبة وصدمة شديدتين، فأحلام العيش بسعادة وكرامة أوشكت أن تذهب أدراج الرياح.
أعادونا الى الكمب، وقبل النزول من الباص لاحظنا امرأة مع طفلين تفترش خرقة بالية تحت فيء شجرة في جوّ حارّ جدّا لتعلن بدء الإضراب. تأملتها بألم وحرقة، وأجهدت نفسي في إبقاء وجهي بعيداً عن مشهدها المحزن كي لا تفضحني دموعي، ومع ذلك، همس زميل يجلس بجانبي: انظر، انظر يا دكتور، الى متى هذا الذلّ والبكاء؟
سمعت غصّة في صوته، ورأيت دموعه تنهمر مثل مطر غزير في يوم شتاء حزين! صار الاتفاق أن تقوم مجموعة مؤلفة من ستة أشخاص بإدارة الإضراب وأخذ دور المفاوض مع إدارة الكمب، وكنت ضمن المجموعة، لكن دكتور منجد المدرس وأبا ميثم وأبا باقر، تولوا المهمة وكانوا بالواجهة واكتفينا بإعطاء المشورة فقط.
كان الدكتور منجد يجيد الإنكليزية بطلاقة، مدفوع بحماسة شبابية تصل الى حدّ التّهوُّر، لكنَّه يعرف تماماً ما يتوجب عليه فعله، فبدأ بسقف عالٍ من المطالب، حتى يتسنّى له الخروج بشيء منصف وعملي لرفاقه المحتجزين.
الدكتور منجد قصة استثنائية، إذ أصبح لاحقاً أشهر جراحي العظام في أستراليا، بعد أنَّ طوّر طريقة مبتكرة في علاج بتر الأطراف. بدأنا التجمع في الساحة الترابية المواجهة لإدارة الكمب، افترشنا الأرض في جوّ حارّ، وضع البعض قطعا من الكارتون على رؤوسهم للاحتماء من الشمس، وألقى آخرون شعراً حماسياً يتغنّى برفع الحيف والظلم عن بني الشر، أما الشعراء الشعبيون، فتباروا في كتابة الشعر والدارميات التي تسخر من گريك والاس Craig Wallace مدير الهجرة وتوعّدوا بتلقينه درساً لن ينساه!