ما كتبه حازم الأمين في صحيفة الأمير السعودي خالد بن سلطان "الحياة"، يصلح ليكون مثالا بارزا على انعدام الضمير المهني والشخصي وعلى التحريض السافل والرخيص ضد مجتمع دمرته عصابات داعش الوهابية وأنظمة الحكم العراقية الفاسدة طوال عقود وآخرها نظام المحاصصة الطائفية والعرقية الذي جاء به أسياد الأمين وأسياد أميره السعودي المحتلون الأميركيون.
ففي مقالة بعنوان (الموصل تودّع غرباء "الخلافة" الفاسدين لتستقبل غرباء جدداً جاؤوا من الجنوب)، يقدم الامين صورة مضطربة ومشبوهة المضامين لما يحدث في المدينة خلال معارك تطهيرها القاسية والمكلفة من العصابات التكفيرية وهو يقصد بالقادمين من الجنوب قوات "الحشد الشعبي" تحديدا.
ها هو يبدأ مقالته بمشهد رجل (خرج من حي باب الطوب في الموصل القديمة، والذي يتمركز فيه عناصر داعش، قال إن طائرة قصفت منزله وإنه خرج مع زوجته وأمه من بين الأنقاض.
وهو حين لاقاه جنود الجيش العراقي عند أول شارع الدواسة، كان غبار يغطي وجهه ولحيته، أما أمه وزوجته فلم تظهر على وجهيهما وثيابهما آثار قصف.
قال الرجل: "خفس البيت علينا".. فيما جندي أشار إلي بأن الرجل مجرد عنصر هارب من داعش، وإلا فما الذي أبقاه في "باب الطوب" إلى اليوم ).
حازم الأمين وبعد أن حكم بأن هذا الرجل بريء لأن (لحيته ليست طويلة كافية للقول إنه كان يقاتل مع داعش/ عن جد وليس مزاحا)، لم يقل لنا ما جنسية الطائرة القاصفة وهل هي عراقية أم أميركية أو من جنسية أخرى، ولكننا لا نظنه كان سيتأخر عن القول إنها عراقية لو كانت كذلك فعلا.
أما تسويقه للاتهام المباشر للعسكرين العراقيين بكونهم يعتبرون أهل الموصل كلهم من عصابات التكفيرية الداعشية ويرتكبون الكثير من التجاوزات بحقهم فهو واضح ولا يخفى على أحد، وهو اتهام كذبته علنا رسمية هيئات ومنظمات دولية عديدة في بيانات وتصريحات معلنة، دع عنك أن جنرالات أميركيين كذبوه أيضا.
وفي السياق ذاته فإن هؤلاء الجنرالات الأميركيين وغيرهم – وعلى عكس حازم الأمين الذي قطع بأن المعارك تدور بين داعش والقادمين من جنوب العراق في الموصل - أكدوا ان " القادمين من الجنوب لم يشتركوا في معارك أيسر الموصل أما في الأيمن فقد وافقوا بعد توسلات شديدة من صديقهم العبادي ونظرا للحاجة القتالية الماسة على مشاركة قوة صغيرة من الحشد الشعبي في معارك أيمن الموصل، فهل سمع حازم الأمين بأشياء كهذه أم أنه مربوط بحبل تكنولوجي سري إلى المخابرات السعودية فقط وبشكل مباشر فلا يسمع سواها؟
ثم يضع الأمين قبعة الجنرال العارف في الأمور العسكرية، وينقل لنا الأسرار التالية عن (صحافي غربي عاد لتوه من تخوم خط القتال قال إن لا تقدم للجيش، وعناصر “داعش“ استعادت المجمع الحكومي عند أطراف الموصل القديمة..).
وهنا ثمة تشكيك ونفي تام لوقائع تقدم القوات العراقية، قوات الجيش العراقي التي قطع حازم الأمين في عنوان مقالته بأنها قادمة من الجنوب، ولسنا في معرض تأكيد أو نفي هذا الخبر أو ذلك من اخبار سير المعارك طالما ان التقدم مستمر والمعارك في الحروب كل الحروب تشهد تقدم وتراجع والتفاف وتسارع وتباطؤ، ولكننا أردنا التأشير على النقطة التي التقى فيها القلم المستأجر الوسخ الذي يبث الشائعات العسكرية المعادية بطريقة غبية مع القلم المنتمي لأحد طرفي الحرب وهو طرف داعش في حالة الأمين. وهنا، فلا يمكن للقارئ التفريق بين القلمين لأنهما بعيدان عن القلم الحريص النقدي الذي يعرف كيف ينقد الأداء الرخو والضعيف والتجاوزات ونقاط الخلل في الخندق المقاتل للإجرام التكفيري الوهابي لمصلحة سير المعركة والحفاظ على النصر المتحقق وقد فعل حملة الأقلام الوطنية العراقية ما يليق براياتهم الوطنية والديموقراطية في كل المعارك التي مرت في تكريت والضلوعية وجرف الصخر والفلوجة التي لم تتجاوز نسبة التدمير فيها مجتمعة 15% لأن القادمين من الجنوب شاركوا في معارك تحريرها، أما الرمادي التي مُنِع الجنوبيون من المشاركة في معاركها فقد دمرها طيران التحالف الاميركي ومفخخات داعش معا بنسب مروعة فاقت 50% بشهادة أهل المدينة.
أما عن أسباب ووقائع وتفسيرات حازم الأمين لسقوط الموصل تحت سيطرة داعش في حزيران 2014 فهو يقدم لنا رواية جديدة ومريبة ولكنها جديرة بالانتباه حقا، فهو يقول نقلا عمن سماه "مرافقنا الموصلاوي الآخر " ( إن لحظة استيلاء داعش على مدينته نتيجة مؤامرة نوري المالكي وتخاذل النجيفي، كانت تصلح لإعلان إقليم سني يحكمه أهل المدينة عبر النقشبنديين والبعثيين السابقون - يقصد: السابقين -، يعود ويؤكد أن داعش هو المصير الذي اختاره العالم لنا بهدف منعنا من إقامة الإقليم السني).
آها... كش ملك إذن! :
كانت الخطة تقضي بإقامة إقليم سني يقوده البعثيون والنقشبنديون ولكن مؤامرة المالكي وتخاذل النجيفي واختيار العالم هو أسقط الموصل بيد داعش وسقط معها الإقليم!
ولا تسألوني عن معنى عبارة "اختيار العالم" لأني أوردتها من باب الدقة في الاقتباس وليس من باب الحسد للأمين على ذكائه وفطنته ونباهته الصحافية!لكن هل تعرفون من سيصدق ويصفق ويطق اصبعتين لهذه الرواية التي قدمها لنا حازم الأمين؟ إنه الحاكم الذي هزمته عصابات داعش نوري المالكي، وسيكون للمالكي أسبابه القوية بشهادة حازم الأمين وأميره وخلاصتها:
فالموصل كانت متجهة إلى جيب عزة الدوري والنقشبندية ولكن سيارات الجيب التابعة لداعش والتي استوردتها لهم قطر وأخواتها سبقت الدوري إليها.. مسكين يا المالكي ولا خلف الله عليك يا حازم غير الأمين!