المشترك الذي يجمعها هو عنصر القوة، وبذا يكون البقاء في عالم الحيوان للأقوى.
أما نحن أبناء آدم، فقد ميزنا الله عن باقي المخلوقات واختصنا بالعديد من النعم أولها العقل ومايحمله من حنكة وأفق في التفكير والتدبير والتخطيط لخطواتنا وماتؤول اليه أعمالنا، وبهذا ما عاد البقاء في المجتمع البشري يقتصر على دور الأقوى فقط، لاسيما ونحن في عصر العلم والتكنولوجيا، فحلّت وجوبا أدوار الأصلح والأفلح والأفضل والأكمل والأتقى والأنقى والأفهم والأقدر والأجدر، مجتمعة جميعها في آن واحد وآنية واحدة من غير إسقاط أي دور منها، ليكتمل بناء المجتمع ويطّرد تقدمه ورقيه مع الزمن كمّا ومع باقي المجتمعات نوعا. شريطة ان يبقى دور القوة ملازما للأدوار كلها.
حين سئل برناردشو عن أسس السعادة قال: "أسس السعادة خمسة؛ المال.. المال.. المال.. المال.. المال".
ولو أردنا استعارة مقولته هذه، فبإمكاننا القول ان أسس النجاح في إدراة البلد وأسّ الحفاظ عليه عشرة؛ "القوة،
القوة،
القوة.. وعاشرا القوة".
أقول رأيي هذا ونحن في القرن الواحد والعشرين، في عصر ارتقت فيه وسائل العيش وتقنياته الى ما يقرب من الخيال.
اليوم في عراقنا الجديد -كما يدعون- أرى ان جميع الأدوار التي أسلفت ذكرها موجودة بشكل كامن داخل كل فرد سوي من أفراده، وبامكانه بذرها على أرض الواقع، شريطة ان تكون تلك الأرض خصبة ومهيأة لاستقبالها.
باستثناء نفر ليسوا من الصلاح والفلاح بشيء لأنفسهم او لأخوانهم العراقيين او للبلاد.
ومن سوء حظ العراقيين عقب زوال حكم صدام حسين، ان يكون لهذا النفر منصب ومقعد وحقيبة، وبالتالي تكون لهم كلمة وموقف وقرار، وهم ألد أعداء العراق قلبا وقالبا ومخبرا ومظهرا، حيث يتدرعون بحجج الوطنية والحرص على مصالح البلد، وفي الحقيقة هم يتأبطون له شرورا، فيما هم يرتدون زي الصديق والمحب، وهم كما قال ابو نؤاس:
إذا امتحن الدنيا لبيبب تكشفت
له عن عدو في ثياب صديق
وقطعا هم يتخذون من الحرباء ونهجها نقطة شروع، ينطلقون منها في تحديث أساليب العداء وأدواته وأنواعه، فيستحدثون من فنونه الجديد والغريب.
وهنا ينحسر علاجهم فيقتصر على دور القوة فقط، ولن يجدي الكي حينها إن كان آخر الدواء..!
بل يجب ان يكون أوله.
هو نداء إذن، من العراقيين يضعونه في صندوق الشكاوى على باب رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة، أن طهر المناصب العليا من أولئك الأشرار، من أول بادرة سوء تصدر منهم، قبل تمركزهم في منصبهم واحتكامهم به وتحصنهم تحت دبلوماسيته وبقوة أحزابهم وكتلهم.
فالسيئ من المسؤولين كما اعتدنا يفرغ سمه في جسد العراقيين، وبعد حين يصل اليه العقاب -ان وصل- ويكون إذاك قد اتخذ لنفسه مكانا قصيا في دولة تؤويه كما آوت الذين من قبله، او يكون قد شد رحاله الى أخرى يحمل جنسيتها ويكن الولاء لها.