بعد عامين على وجود الائتلاف في السلطة
د. باقر الموسوي يتحدث للأنوار حول مسألة اللجوء الى أستراليا
من الانصاف القول إن حكومة الائتلاف الحالية لم تأتِ بقرارات التشديد على المهاجرين غير الشرعيين، وهنا أركز على كلمة المهاجرين وليس اللاجئين، لأن كلمة اللاجئ لها تعريف قانوني دولي ومحلي، ومن الخطأ إطلاق تسمية اللاجئين على عابري البحار لغاية الوصول الى أستراليا بطريقة غير شرعية لحين تقييم طلبات أسباب لجوؤهم وأسباب هروبهم من بلدانهم.
من المعروف أن التاريخ المهم الذي حدد فيه عدم قبول طلبات القادمين بطرق غير شرعية الى أستراليا، إن كانت بحرا أم جوا، كان 13 آب/أغسطس 2012 خلال الولاية العمالية للرئيس كيفن روود، وهذا القرار لم يكن وليد الحكومة الحالية التي يترأسها السيد طوني أبوت كما يعتقد البعض ويتصوره.
إن حكومة الرئيس أبوت قد وجدت في قرار آب 2012 منفعة قومية وإنسانية في الاستمرار في تطبيقه، ما يدلل على أن الحكومتين قد تبنيتا فكرة واحدة بهذا الاتجاه رغم اختلاف الرؤى السياسية لكلا الحزبين والحكومتين.
كما يعلم الجميع أن الانتخابات التي فاز بها السيد أبوت قد أجريت في أوائل شهر أيلول/سبتمبر من العام 2013 وهذا يدلل أن الفارق الزمني ما بين قرار التشديد على المهاجرين غير الشرعيين وبين وصول حكومة الاحرار التي يترأسها الرئيس الحالي هو أكثر من عام. وللحق نقول إن قرار التشديد هو عمالي مائة بالمائة، وليس أحراريا، كما تبرزه وتسلط الضوء عليه الوسائل الإعلامية.
وبعد هذه المقدمة المهمة التي أردنا فيها انصاف الحقيقة، نعتقد أن المنفعة العامة قد جاءت متجانسة ومتفقة ما بين الكتلتين النيابتين الكبيرتين اللتين تشكلان الحكومة والمعارضة. وهنا نطرح السؤال التالي: لماذا يتهم السيد طوني أبوت لوحده في تشديد الرقابة على المهاجرين غير الشرعيين؟
من المفيد ذكره في هذا الأمر أننا ورغم تعاطفنا الكبير ووقوفنا مع مَن يتعرض الى الاضطهاد المنظم في بلدانهم لأسباب وردت في ميثاق جنيف، إلا أننا نقف مع النظام الذي يؤطر عملية انسيابية وصول مَن تنطبق عليهم مفردات التعريف العام للاجئين، والتي وردت في المواثيق الدولية، ووقعت أستراليا عليها كعضو في الأمم المتحدة اسوة مع الأعضاء الآخرين وعليها الالتزام بها.
إنني ومن هذه العجالة، أؤيد الرئيس طوني أبوت في تطبيق القوانين والتشديد عليها كونه يمثل رأس الحكومة التنفيذية، آخذا في نظر الاعتبار مجمل المآسي التي تعرض لها القادمون على متن المراكب الخشبية التي غرق البعض منها، أو تهشم على صخور السواحل البحرية. لقد ذهب ضحايا عمليات تهريب البشر العديد من الحالمين في الوصول الى الشواطئ الذهبية، غرقا، أو فقدانا كون تلك العمليات تدار من مافيات غير خاضعة للرقابة وبعيدة كل البعد عن الإنسانية، كما يحصل اليوم في بحار أوروبا وعلى شواطئ بحارها.
إن البرنامج الإنساني التي تضعه الحكومة الأسترالية فيه من العدالة في التطبيق ما يجعل أستراليا من أهم الدول في قبول الاعداد المهمة ممن يستحق الحماية الدولية، ولكوني من القريبين جدا في خضم هذا البرنامج، أجد أن التشديد في مراقبة الحدود البحرية ومنع اقتراب المراكب غير الشرعية الى أستراليا فيه من الفائدة العامة لمصلحة المنتظرين في دول الجوار للوصول الى أستراليا كبلد دائم لحمايتهم بدلا من اجتياز دورهم من قبل دافعي المبالغ للوصول قبل أن يتحقق من كونهم لاجئين من عدمه، وفي المقابل أن المنتظرين في دول الجوار قد تم تقييمهم من قبل الحكومة الأسترالية سلفا أو من قبل المفوضية العليا للاجئين والتابعة لهيئة الأمم المتحدة كونهم قد حصلوا على معايير تعريف اللاجئ وفق المعايير القانونية.
لكنني من ناحية أخرى، أعيب على الحكومة البطء في إجراءات بعض التأشيرات العائلية المهمة، مثل تأشيرة آخر فرد في العائلة، وتأشيرة كبار العمر المعتمدين على ذويهم، وتأشيرة المعيل. حيث أن النظم المعتمدة في هذه التأشيرات هي الانتظار لعدد كبير من السنوات قبل منح التأشيرة للمتقدمين عليها. بينما أجد من الناحية الإنسانية أن تهتم وزارة الهجرة في تسليط الضوء على نظمها في هذا الخصوص وتقليص سنوات الانتظار الى أقل مما هو معلن لديها.
وفي الختام، أن الحكومة الأسترالية تعمل جاهدة من أجل استقرار القوانين الأسترالية بما تتطلبه الحاجة الفعلية للمهاجرين واللاجئين، آخذين بالنظر وضع القواعد المالية والتخطيط السليم لاستيعاب الاعداد التي تروم الموافقة على قبولها خلال كل سنة مالية.