تسال احد النواب وهو من الذين تولوا ادارة اكثر من وزارة ويرى فيه البعض انه يصلح ان يكون بديلا مناسبا لرئاسة الوزراء لكن تساؤله الاخير هو الاخر اثار تساؤلات عن مدى وعي وادراك هذا الشخص في تشخيص الاهمية والتراتبية بين اعمال البشر...!
عرض صاحبنا في تغريدته الغريبة تساؤلا مفاده هل من المصلحة العامة تسريح 600استاذ جامعي (بروفسور) لبلوغهم الستين من العمر والقانون يسمح لهم اكثر من ذلك واستبدالهم ب600 من الشباب حملة الشهادات العليا ويقصد بذلك ايجاد معالجات للازمات والاخطاء المتراكمة لدولة المحاصصة الفاشلة..
وهنا نقول بدون تحيز وفي ضوء المعايير المعتمدة في العالم المتمدن وحتى في دول الجوار فان النظرة للاستاذ في هذا العمر تعده خبرة متراكمة وثروة وطنية في ذروة العطاء لايمكن الاستغناء عنه او تهميشه واستبداله بحملة شهادات بدون خبرة واغلبيتهم تسلقوا للشهادات العليا عبر قنوات التوسعة التي تعتمد معايير سياسية وليس مهنية وعلمية لضمان اختراق الاحزاب الدينية للوسط الجامعي واخضاعه لسياستها ولعله من المؤكد ان المنطق يقول ان 600غرام من الذهب هي اكثر قيمة من600 غرام من الحنطة والامر لايحتاج لجدل بيزنطي لكن مجلس النواب وبسبب الثقافة العلمية المتدنية والمستوى الدراسي المنخفض للاغلبية يجعلهم يفكرون ويتسالون حتى عن البديهيات لافتقادهم للمعلومات والثقافة العامة وللرؤى الحضارية.. وقد انتشرت ثقافة غير صحيحة مفادها ان كل من حصل على شهادة ماجستير ودكتوراه بجب ان يعين استاذا في الجامعة وهذا امر غير معمول فيه في العالم كون وزارة التعليم العالي تعلم وتخرج لعموم المجتمع والجامعات لها مواصفات نوعية لاختيار الاستاذ الذي يصلح للتدريس علميا وتربويا في اطار قانون الخدمة الجامعية الذي ضمن الحياة الحرة الكريمة للاستاذ الجامعي اسوة باقرانه في العالم وتفرغه المطلق لهذه المهنة النبيلة لاخر يوم من حياته.. وهذا القانون لا يتعارض مع ايجاد فرص عمل لحملة الشهادات العليا بحسب تخصصهم في الوزارات وكذلك رفع المستوى المعيشي لافراد المجتمع جميعهم بدون استثناء فالعراق دولة غنية نهب الفساد وسوء الادارة مواردها وبالامكان ومن خلال تعظيم الموارد والغاء امتيازات الرئاسات والهيئات والمفوضيات ووضع سياسة اقتصادية لتنمية القطاعات غير النفطية بزيادة الانتاج ومحاربة الفساد..
وامام التفكير الستراتيجي الاف الحلول الاقتصادية والادارية دون المساس بحقوق مشروعة اقرتها شرائع السماء وعملت فيها الشعوب وتنطلق بان للبشر مؤهلات غير متساوية تضعهم في مراتب وسلم من الاستحقاقات غير المتساوية فالناس عند الله وفي القانون غير متساوين في الاجور كل بحسب تاهيله وطبيعة عمله لكنهم يتساوون بالحقوق والواجبات والحريات..ولذا فان التساؤلات وخلط الاوراق مابين هذه 600 وتلك 600 غير مشروعة وتمهد لؤد قانون الخدمة الجامعية واهانة متعمدة واذلال لالاف الاساتذة وافراغ الجامعات من العقول والكفاءات وفتح الابواب للفوضى وانهاء اخر ماتبقى من معايير الجودة الاكاديمية وبدات بالتوسعة خارج القانون والتي تجاوزت نسبة 500% وبدون شروط او التزام بالخطط العلمية مما ضخم اعداد الحاصلين على شهادات عليا دون الحاجة المجتمعية او الجامعية لتلك الشهادات وانتهت بحملة للابادة الجماعية لعلماء العراق ولا يبالغ من سيقرا سورة الفاتحة على روح التربية والتعليم العالي والبحث العلمي وستتحول سمعة جامعاتنا لذكرى محاها الجهل وتخبط الفاسد لانقاذ نفسه من ثورة الشباب.
فاغتال العلم والعلماء.