أما بقية احتياجاتي فكنت اعتمد فيها على جارتي الشابة سيدة بنت صالح الازرق، اذ تقوم بجلب الماء من بئر أسفل الوادي على ظهر حمار مقابل بعض النقود التي أحاول أن أزيدها قليلاً حبّاً بهذه القروية الخام والفقيرة، لكن ذلك، أثار حسد فتيات أخريات، بحيث عرضن عليّ جلب الماء بسعر أقل!
كان جوابي لهن دائما: إنَّ ماء سيدة له طعم مختلف!
شأن كثير من العرب، يسعى اليمنيون الى التودّد وإظهار صفة الكرم من خلال الدعوة في البيت لتناول وجبة الطعام، ودعاني معظم أهالي قرية مسوّر إلى بيوتهم.الحقّ،إنّني أحببت الطعام اليمني جدّاً، فهم يستخدمون الفلفل الحار كثيراً، وربّما ذلك بفعل تاريخ تجارتهم الطويل مع الهند، على أنَّ عاداتهم الغذائية مختلفة تماماً عن الطريقة العراقية، إذ إنَّهم يقدمون أنواع الطعام الواحد تلو الآخر، فيقدمون"الشفوت" أوّلاً، وهو ثريد باللبن الممزوج بالفلفل الحار، بعد ذلك يأتونك بـ"السلتة" أو "الحلبة"، المصنوعة من خليط الخضرة الممزوجة بعشبة الحلبة وتؤكل مع خبز (الملوج) الأسمر.
بعد ذلك، ترفع الحلبة ويأتي الرز، بعده "بنت الصحن" وهي شبيهة بقطعة الكيك، وأخيراً يأتون لك باللحم!، فيضعونه وسط الغرفة ويقوم شخص بتقطيعه بخنجره المعقوف (الجنبية) ويناول كلّ شخص قطعة لحم! أما وجبة العصيد اللذيذة، فهي الطعام اليومي للعوائل الفقيرة تقريباً، مصنوعة من عجينة الذرة البيضاء، توضع وسط صحن كبير وتحاط بمرق أبيض، تأخذ قطعة من العجين وتغمسها بالمرق لبلعها بسهولة. يقف "السحاوگ" في مقدمة قائمة المقبلات، وتصنع من الطماطم المسحوقة مع الفلفل الحار والثوم، وتقدّم مع وجبات الدجاج دائماً. ربّما، لم اتعرّف على صنعاء بما يكفي، لكنّي أحببتها كثيراً، لما وجدت فيها من ترحيب وقبول بإنسان همّه البحث عن الأمن والعمل ولاشيء غير ذلك. أحببت صنعاء القديمة؛ بأبوابها وتحفها التاريخية وطريقة بناء بيوتها وتخطيط طرقها، الى جانب هيئة ولباس أَهلها، اللذين يحيلانك الى ألف عام من التاريخ، حتى أنّني كنت أحياناً اتخيّل أنّي اكلّم معد بن كرب حين أُحدِّث بائع العنّاب بلحيته الشقراء المُحنّاة.
دخول بلاد الشام بورقة كهرباء!
أكملت سنتين في اليمن، وأوشكت صلاحية الجواز على الانتهاء، هو مزيّف على أي حال، ويجب أن أجد مخرجاً لهذا المأزق.
في تلك الأيام، وصل صديق الى أستراليا عن طريق ماليزيا، بعد أن خرج من اليمن دون أن يخبر أحداً، عرفنا أنَّه في أستراليا فقط، بعد أسابيع من اختفائه.
يعمل كثير من العراقيين وفق قاعدة لا تُخبر أحداً، لدوافع مختلفة، بعضها مفهوم ربّما، وأغلبها لا يخرج عن شعور مبالغ بالأنانية!
حصلنا على رقم هاتفه وتكلّمنا معه، فنصحنا بالاتصال بمهرّب إيراني مقيم في ماليزيا اسمه (همايون)، معروف بأنَّه (أبو المضمون)، أي إنَّه يوصلك قطعاً الى أستراليا مقابل مبلغ كبير جدّاً في حينه، مقداره 8000 دولار! لحسن الحظ المبلغ بجيبي، أما بهاء فاستدان نصفه من أصدقائنا وتكفّل بمهمة الاتصال بهمايون.
بعد انتظار لأسابيع وأكثر من اتصال ووعد بالوصول الأكيد، رحّب همايون بقدومنا.
تركت عملي، قمت بتصفية كلّمتعلقاتي، وذهبت رفقة بهاء لحجز بطاقة السفر الى ماليزيا.
كانت ماليزيا في حينها، لا تطلب سمة دخول "فيزا" عن العراقيين، لكن وقبل الدخول الى مكتب حجز التذاكر، طلبت من بهاء الاتصال مرَّة أخرى للتّأكد من أنَّ كلّ شيء على ما يرام، وأن همايون مستعد لاستقبالنا فعلاً. بعد أكثر من محاولة اتصال، ردّ همايون بلغة إنكليزية ولكنّة إيرانية... فاري دانجورس ، دونت كم هير ما براذرس، وأغلق الهاتف!
في رحلات البحث عن المجهول، غالباً ما تتعرّض للفشل، كثير من محاولات التعلّق بخيوط الخلاص الواهية، وها هي ذي خيوط أملنا تتقطّع مرّة أخرى.
مجدّداً، صرنا محاصرين بهواجسنا البعيدة، وها نحن أولاء، بلا عمل وجواز سفر، وكأنَّ الرحلة ابتدأت الآن!
عدنا الى مقر تجمّعنا في الشقّة الأرضية البسيطة، حيث يسكن أصدقاء مقربون يعملون في صنعاء.
سمعت يوماً، من صديق مقرب قوله: "من يريد الَحج حَج ومَن يريد أن يهج هج"، فقرّرت أن أهجّ ولا بدَّمن أن أكمل "هجيجي"!
لا شيء يشغل البال أكثر من فكرة متسلّطة، وقد تسلّطت عليَّ فكرة الهروب من العالم العربي كليّاً.
في رحلة البحث عن منفذ ومنقذ للخروج من اليمن، سمعنا عن وجود مهرّب وصل حديثاً لليمن يدعى أبو مهند، وهو عراقي مُرَحَّل من الاْردن الى اليمن في قضية تتكرّر باستمرار مع العراقيين الذين تحدث لهم مشاكل في الأردن فيتم ترحيلهم الى اليمن.
انطلقنا في اليوم التالي للقاء المنقذ الجديد، ظهر أنّه طويل كلقلق، مقوّس الظهر لفرط طوله، يقف شابان في غرفته، ويجلس هو خلف طاولة متواضعة، ليترك انطباعاً لدى زبائنه بأهمية عمله وشخصيته.
رحّب بِنَا وبدأ يشرح خطّته بثقة واطمئنان، على أنَّه سعى لإقناعنا بالذهاب الى لندن وليس أستراليا! ثم شرح لنا طريقة الخروج على النحو التالي:
نخرج بجوازات عراقية من صنعاء، ننزل في الشام بجوازات يمنية مختومة بـ"سمة دخول" الى إندونيسيا، ثم نطير من الشام الى إندونيسيا، ومنها عن الطريق البحر إلى أستراليا.
وكم يكلفنا ذلك من الوقت والمال يا منقذنا العزيز؟
تستغرق العملية من الوقت أسبوعاً واحداً أو أقل، ومن المال 6 آلاف دولار عن كلّ شخص، ثم أعود من إندونيسيا بعد الاطمئنان على وصولكم الى أستراليا! قال أبو مهند تلك العبارة بثقة وحزم.
يا سلام عليك أبا مهند، لكن ماذا تعني بالشام؟ نعم، نعم، أنتم معشر الأطباء فقراء وطيبون، الشام هي دمشق يا عزيزي! نعم، فقراء وطيبون، وخشيت أن يضيف ساذجين!
ومع ذلك، لم تمنعني ثقته المفرطة بنفسه من القول: لكن يا أبا مهند، دمشق أو سوريا دولة بوليسية بعثية ولا اعتقد أنَّ عملية الدخول لها بجواز مزيّف وغير عراقي بالسهولة التي تتحدّث عنها، شخصياً أفضل النزول في موريتانيا أو جيبوتي!
يبدو أنَّ كلامي حرّك مياه بركته النرجسية، فإجاب بشكل قاطع: لا تخف أبداً، استطيع دخول الشام والخروج منها بورقة الكهرباء!
عدنا بعد أسبوع لاستلام جوازاتنا اليمنية، أنا باسم (فؤاد) وبهاء باسم ( بشير)
قلتُ: معوّد ابو مهند، صارلي سنتين باليمن ما عرفت واحد اسمه فؤاد أو بشير، سمينا صالح أو ناجي على الأقل؟ فكرّر عبارته الخالدة... اطمئن دكتور، الشام تدخلها بورقة الكهرباء! في تلك الظروف واللحظات المعتوهة، لا تستطيع الا أن تحاول تصديق هذا الكذب الأخرق، ولا تملك الا أن تتمسك بأهدافك...وفوت بيها وعالزلم خليها.
الى بلاد الشام
غادرنا صنعاء في يوم مشمس ورائع من تموز عام 99 ، أنا، فؤاد، وبهاء، بشير، وعبداللطيف احمد العوذلي الاسم اليمني المستعار لصاحبنا أبي مهند، واسمه الحقيقي عبد اللطيف عباس العبادي.
كان أبو مهند يرتدي سترة، شأن أغلب اليمنيين، يبدو أنَّه يفكّر بزيادة تنكّره كيمني قحّ، وكان الجوّ المعتدل في تموز اليمن يساعد كثيراً على ارتداء السترة.
خرجنا من صنعاء دون مشاكل بواسطة الجواز العراقي، وفي محطة مطار الأردن، أخذ أبو مهند يتجوّل في غرف المطار وردهاته شبراً شبراً، وكأنَّه يبحث عن شيء أضاعه، يعمد الى استفزاز الموظفين بطريقة طفولية منفّرة، ويطلب الدخول في أماكن خارج محطة الترانزيت بشكل أخرق وغير مبرّر.
أقول له: أخويه أبو مهند، اكعد واستريح.
فيُجيب: أنا أعرف عمان شبراً شبراً، تماماً مثل معرفتي لبيتي! استقرّ أخيراً وأخرج عدّته من حروف وأختام ليختم بها جوازاتنا اليمنية برقم وتاريخ الخروج من صنعاء، وأثناء ذلك، وقف رجال الأمن الأردني فوق رأسه، لكنّهم وبقدرة قادر لم يلحظوا الأختام!
طرنا الى دمشق بعد ساعات من القلق والاضطراب، كانت الرحلة قصيرة من عمان إلى دمشق، وفي أول عشرين دقيقة، خبأنا الجوازات العراقية تحت القدم في باطن الحذاء.
نزلنا ونحن نحمل الجوازات اليمنية في دمشق، أنا وبهاء في طابور، وعبد اللطيف أحمد أخذ طابوراً آخر.
وضعت 20 دولارا في الجواز، سحبها الموظف بسرعة الى جيبه وختم جوازي!
تسلّلت خارج الصالة بسرعة وتبعني أبو مهند.
انتظرنا نحو خمس دقائق وبهاء لا أثر له، بدأت أقلق، خمس دقائق أُخرى مرّت كدهر.
جاء اثنان من الموظفين بلباس خاكي وسألونا إن كان بشير(بهاء) معنا؟
قلت: نعم معنا.
أبو مهند أنكر ذلك، وأراد تأجير تكسي والخروج من المطار! طلبوا منّا العودة معهم لمعرفة ما الأمر مع بشير؟ جلسنا الثلاثة في غرفة ضيّقة مع موظفين كثيرين، وبعد أخذ وردّ، قال أحدهم: جوازاتكم معمولة بشكل جيد لكنكم لستم يمنيين!
طلب أحد العسكريين، وهو شاب وسيم، بشوارب شقراء، ورتبة تشبه رُتبة نائب الضابط العراقية من زملائه أن يتصرّفوا معنا بحرّية، فأومؤوا له بالموافقة!
مباشرة، طلب الشاب منّي النهوض والدخول في غرفة جانبية، فدخلت الغرفة مربكاً، أحمل حقيبتي واتصبّب عرقاً بشكل رهيب.
عادة، أضيق ذرعاً في مواضع الكذب، تعلّمتُ وتربيت أنَّ النجاة في الصدق، لاحظت غرفة جرداء الا من كرسي مكسور القوائم، طلب مني الشاب خلع ملابسي!
سألته: هل تسمح أن تعرّفني باسمك؟
فقال: جمعة، دون كثير من الاكتراث.
قلت له: جمعة، أخبرك بالحقيقة كاملة مقابل وعد شرف منك أن تتركنا نعود من حيث أتينا.
قال: لك ما أردت، وأقسم بشرفه.
فأجبت: أنا عراقي وطبيب عسكري، جئنا من اليمن نبحث عن ملاذ آمن خارج سوريا فهي ليست وجهتنا، ثم أخرجت جوازي العراقي من الحذاء وهويّتي العسكرية من الحقيبة وناولتهما له.
أدّى التحيّة العسكرية لي، وخاطبني بكلمة سيدي!
قال: الاخوان معك كذلك؟ قلت: نعم.
نادى على بهاء، فأخبرته بما جرى، فسلّم الجواز إلى جمعة ووقف بجانبي.
ثم نادى على أبي مهند، فدخل يدردم وينكر معرفته التّامة بنا، وبقي مُصرّاً على أنَّه تاجر يمني ورجل حقوقي معروف! فما كان من جمعة الا أن صفعه بقوّة على خدّه الأيمن وعاجله بضربة أخرى خبط عشواء على رأسه! مخاطبا إياه: كن محترما كما أصدقاؤك الذين تنكّرت لهم!
أخذ جمعة كلّ أوراقنا وعاد لنا بها بعد أقل من عشر دقائق مع الجوازات اليمنية المزيّفة، ثم التفت لي وقال: كما وعدتك، تعودون من حيث أتيتم بألف سلامة!
كان جمعة مثالا للعربي الشهم المخلص في أحسن ساعاته، أخذنا الى صالة المغادرة وقَصّ لنا بطاقات تذاكر العودة الى اليمن على أقرب رحلة طيران من دمشق الى بيروت وعمّان ثم صنعاء.
شكرت فضله ورجوته أن يشتري لنا سكائر، دخّنت دون انقطاع، فقدت شهيتي تماماً، واختفى صوتي ألماً وانكساراً.
كل ما استطعت فعله، هو أن أسأل أبا مهند ساخراً، لماذا لم ترهم ورقة الكهرباء!
كانت ليلة كئيبة وقاسية في مطار دمشق رغم كلّ ما بذله جمعة في التخفيف عن بؤسنا وقلقنا، يا الله كم كان ذلك الشاب مؤدّباً وسَمحْاً معنا!
لا أعرف إن كان ليلاً أم نهاراً ذاك الذي طرنا بهِ من دمشق الى بيروت، لم ننزل من الطائرة في مطار بيروت، كانت مجرد فترة قصيرة لتبادل الأمتعة والركّاب وأقلعنا ثانيةً الى عمّان التي كان التوقف فيها طويلاً، بحيث قضينا معظم النهار في مطارها.
لم أعد أرغب بالحديث مع أبي مهند، بعد إن انكشف غباؤه وكذبه، ولا أحبّ الحديث مع هذا النوع من الناس.
صديقي بهاء هادئ ومتحفّظ بطبعه، ونادراً ما يبادر الى الحديث مع الغرباء، يؤمن جدّا بسريّة العمل... أي عمل، يزن كلماته مرّات عديدة قبل نطقها.
كان يحلو لي أن أُسميّه بهاء أبو العقل.
ينحدر من عائلة متعلمة ونشأ في بيئة هادئة وميسورة، فأبوه محامٍ، وكان يحمل جوازاً رسميّا وباسمه الحقيقي.
بهاء لا يدخّن باستمرار، لكنّه كان يقول: أحبّ التدخين معك!
في نهار ذلك اليوم العصيب، كنّا نتبادل نظرات الخيبة والهزيمة أكثر مما نتحدّث وكنت أتركه بين فترة وأخرى لأزور منطقة التدخين.
في منطقه الترانزيت صادفتُ شابين عراقيين، بدت على وجهيهما ساعات الانتظار الطويلة، وكان القلق والترقب واضحين في حركاتهما وطريقة نظرهما الى العابرين، جلست بقربهما، فدار الحديث عن المطار والرحلات، عرفت أن وجهتهما ماليزيا.
كان اسم الأول حسين، وهو شاب لم يبلغ العشرين بعد ويدرس في ماليزيا، والآخر اسمه كريم، وهو في الثلاثين من عمره، وذكر أنَّه ذاهب لماليزيا أملاً في إيجاد طريق الى أستراليا!
تشعّب الحديث عن طرق التهريب، حكيت لهم ما جرى لنا، فضحك حسين من هذا الطريق المتعرّج الذي اتخذناه، ثم قال: أعرف شخصاً يدخلكم الى اندونيسيا عن طريق ماليزيا بطريقة سهلة والسفر الى الأخيرة ممكن وسهل بالجواز العراقي، أي إنَّ العملية لا تحتاج الى جوازات يمنيّة!
شكرت حسين على معلوماته القيّمة، وقلت له: سأعود الى اليمن واستقر هناك للأبد على الأكثر، ومع ذلك، أعطيته رقم هاتف الشقّة التي يسكنها أصدقائي في صنعاء، وطلبت منه أن يترك لي رسالة في حال وجد ما يستحق الاتصال، على أنَّي ودّعتهم ولم انتظر أي لقاء آخر.
زعل بهاء مني، بعد إفشائي أسرار رحلتنا وعدم احتفاظي بها!
عدنا لصنعاء في اليوم التالي، استغرب موظفو المطار كثيراً، عندما وجدوا أنَّ جوازاتنا خالية تماماً من ختم الخروج من صنعاء قبل يومين ولم ندخل أي دولة أو مطار! دخل كلّ منا على انفراد مع موظف في غرفة، وكانت حصتي أن أدعى من قبل نقيب بشوارب منتوفة بفعل القات الى خارج الغرفة.
الملاحظ، أنَّ معظم اليمنين يتسلّون بشواربهم أثناء مضغ القات (التخزين)، ويقومون بنتف شعرات كثيرة من شواربهم، وحواجبهم أحياناً.
بدأ النقيب حديثه معي عن شرف العمل وأداء الواجب، ملمّحاً الى أهمية حمل أوراق رسمية ممهورة بأختام الحكومات الحاكمة بالعدل والإحسان للرعية، ذلك أنَّ الأمر ليس سائبا!
قلتُ: أعطيك 100 دولار!
فانفتحت أسارير النقيب بشكل لافت، لكنّه طلب 300 دولار، لان جوازي لا يحمل ختما واحداً على الأقل؟!
كنت مُتعباً ومنهكاً بشكل فظيع ولا أحبّ بطبعي هكذا نوع من الجدل.
نقّدته 300 دولار، واستلمت جوازي الذي اشتريته بـ150 دولاراً من أسواق قم!
ومع ذلك، شكرته لحسن صنيعه معي، ولحرصه وتفانيه في خدمة الوطن السعيد والحفاظ على أمن الشعب.
صاحبنا أبو مهند، طلب منا البقاء معا في الفندق من دون إخبار الآخرين بفشل الرحلة، ثم نعيد المحاولة من جديد بعد عدّة أيام! إذ إنَّ عدم نجاحه مع أوّل زبائنه سيكون ضربة قاضية لمستقبل عمله في التهريب ويضرّ سمعته كأستاذ وخبير ذي مصداقية!
قلتُ له: لن اشتري وهماً وكذباً مرّة أخرى، مع السلامة، أنا ذاهب الى سكن الأصدقاء في صنعاء، لكن بهاء بقي معه والتحق بي بعد يومين.