ما تزال بعض الظاهر الإدارية كالبيروقراطية والروتين والتسويف وكتابنا وكتابكم والبطالة المقنعة والفساد بمختلف أنماطه وعدم احترام الزمن والاستهانة بمصالح المواطنين مهيمنة على مؤسساتنا، كذلك الجهل إلى حد الفوضى في تفسير القوانين والتعليمات وصياغة الكتب الرسمية، وما تزال المحسوبية والمزاجية تتحكم بمصائر الناس وتعطل مصالحهم، لنقل بعض السلوكيات موروثة وقديمة، والدليل وجود كم هائل من الانتقادات ورسوم الكاريكاتير التي تسخر من تلك السلوكيات في الصحف العراقية منذ العهد الملكي حتى سقوط النظام المقبور، وإذا كانت العهود السابقة متخلفة تقنياً بلا حواسيب ولا انترنيت ولا بريد ألكتروني، فإن عصرنا يشهد قفزات نوعية في الحوكمة والإدارة الإلكترونية، إلا أننا ما نزال دولة ورقية بامتياز، فهل يعقل أن تستغرق عملية إضافة اللقب أو تعديله شهوراً عدة بين دائرة أحوال الشخص وأحوال بغداد وأحوال الكرخ أو الرصافة وجهاز مكافحة الإرهاب والاستخبارات ثم الجنسية العامة والجوازات والضريبة؟ وقد يكون الأمر على الأغلب خطأً كتابياً ارتكبه موظف سابق، فما ذنب المواطن أن يتحمل كل هذه الأعباء؟! وهل يعقل أن تستغرق معاملة أصولية قرابة الأربع سنوات وقد روجت على وفق قانون نافذ صادر عن مجلس النواب في العام 2011م، بتسويفات غير مبررة بحجة أن القانون يتنافى مع تعليمات مجلس قيادة الثورة المنحل؟ والأدهى والأمر أن تنجز معاملات مشابهة، وحين تحاججهم يقال لك لقد أخطأنا بتلك المعاملات، وليس من المعقول أن تحتسب حقوق مادية لمختلف منتسبي مؤسستك باستثناء الدائرة التي تعمل بها وحين تستفسر عن السبب لا تسمع سوى إجابات مبهمة، تبريرات لا أول لها ولا آخر، وأنت في سرك تسخر لأنه يستلم أضعاف تلك الحقوق التي حرمت منها، ولكي يغيضك أكثر يقول: في الحقيقة والواقع كنا على أيام المسؤول الفلاني نستلمها، لكن عندما جاء بعده المسؤول العلاني أوقفها لأنه كان هناك تقشف، وقصص كثيرة نسمع بها ونعيشها لا يمكن أن أشبهها إلا بعبارة واحدة هي(الإرهاب الإداري).
الإرهاب أنواع: القاعدة وداعش والجماعات الأصولية الدينية والسياسية والعرقية والطائفية المسلحة بمختلف توجهاتها، وهناك إرهاب ديني وعرقي وفكري وثقافي واجتماعي واقتصادي، ذلك أن كل فعل قسري يستلب حقاً أو إرادة إنسانية أو اختياراً أو هوية أو انتماء أو ولاءً هو إرهاب، وإذا كنا قد انتصرنا على داعش وقبلها القاعدة وأشباههما من الجماعات الإرهابية، فإننا بحاجة ماسة للخلاص من الإرهاب الإداري الذي يعاني منه المواطن، وليس في الأمر مبالغة كما قد يظن البعض، فبعض الموظفين لغاية في نفس يعقوب يتلذذون بالتسلط وإلحاق الأذى بالمواطن، وبعض المؤسسات تدار من شلل وميليشيات حزبية، والويل لمن يشتكي أو يتظلم، المواطن مستلب أمام الوحوش الإدارية لا يستطيع أن يعاتب ولا نقول يحاسب موظفاً مقصراً أو مخطئاً، وكلنا نختزن صوراً بشعة للإرهاب الإداري.