من تتعرض للاغتصاب رغما عنها وان نجت من الجاني او ذويها فان مصيرها سيكون الزواج بالاكراه من الفاعل.. فهذا عقاب اضافي لضحية جريمة الاغتصاب وتكريما لمرتكبها واعفائه او التخفيف عنه من االعقوبة المقررة عليه تحت مظلة القانون العراقي وهذا مانلمسه باحكام المادة (398) من قانون العقوبات العراقي النافذ والمرقم 111لسنة 1969 المعدل والتي نصت على (اذا عقد زواج صحيح بين مرتكب احدى الجرائم الواردة في هذا الفصل وبين المجنى عليها اوقف تحريك الدعوى والتحقيق فيها والاجراءات الاخرى واذا كان قد صدر حكم في الدعوى اوقف تنفيذ الحكم. وتستانف اجراءات الدعوى او التنفيذ حسب الاحوال اذا انتهى الزواج بطلاق صادر من الزوج بغير سبب مشروع او بطلاق حكمت به المحكمة لاسباب متعلقة بخطا الزوج او سوء تصرفه وذلك قبل انقضاء ثلاث سنوات على وقف الاجراءات.
ويكون للادعاء العام والمتهم..) وللتوضيح في النص اعلاه فان الجرائم الواردة في الفصل هي الجرائم المخلة بالاخلاق والاداب العامة عالاغتصاب واللواط وهتك العرض.. فكان مرتكب هكذا فعل بامكانه الافلات من العقوبة او تخفيفها بالزواج من المجنى عليها وقد عدلت هذه المادة بالقانون رقم (91) لسنة 1987حيث اصبح الزواج من الضحية عذرا قانونيا مخففا لغرض تطبيق المادتيين (130)من القانون اعلاه حيث نصت على (اذا توفر عذر مخفف في جناية عقوبتها الاعدام نزلت العقوبة الى السجن المؤبد او المؤقت او الحبس الذي لاتقل مدته عن سنه فان كانت عقوبتها السجن المؤبد او المؤقت نزلت العقوبة الى الحبس الذي لاتقل مدته عن ستة اشهر) والمادة 131ونصت (اذا كان للعقوبة حد ادنى فلا تتقيد به المحكمة في تقدير العقوبة واذا كانت العقوبة حبسا او غرامة حكمت المحكمة باحدى هاتين العقوبتين فقط).
فالنص اعلاه يرسخ الاعراف والتقاليد والقيم الاجتماعية فهو لاينظر للمراة المغتصبة كضحية من جراء اعتداء وقع عليها من الجاني وانما مذنبة وفيه اهانة للمراة وترسيخ دونيتها فبدلا من الاهتمام بها وعرضها على دكتور نفسي وعلاجها لبشاعة وجسامة ماحدث وجرى لها من شخص لم تردعه القيم النبيلة ونصوص القانون فالمرأة الضحية هنا تكون امام اكراه اخر يضاف الى فعل الاغتصاب الاوهو الاكراه بالزواج من مرتكب الجرم بحقها والتخفيف بالعقوبة على مرتكب هكذا جرم بشع وخطير متحققة كامل اركانه..
فهنا نحن امام صورة من صور العنف القانوني وتمييز مبني على النوع الاجتماعي وفيه انتهاك جسيم للكرامة الانسانية والمجتمع باكمله ولحقوق المراة وادميتها بصورة خاصة.
فلكونها ضحية لشخص شاذ وفاسد وبلا قيم يتصرف بحيوانية فتجبر من قبل ذويها على الزواج من المجرم ليستر شرف العائلة بل ان ذويها قد يفرضوا ذلك حتى على المجرم وقد يتوسلوا به ويغروه لاجل ذلك وبلا مقابل لغرض ان يتزوج من ابنتهم الضحية حتى ينقذ شرفهم وسمعتهم وباي طريقة كانت والاتفاق معه على ان يبقى معها ثلاث سنوات حتى يتمتع بالعذر المخفف ولكن اذا رفضت الضحية الزواج منه فانها ستقتل؟
فسيكون قتلها بطريق القضاء والقدر اما عن طريق دس السم او الحرق او الصعق بالتيار الكهربائي.. لانها اصبحت مسيئة ودنست سمعتهم وشرفهم ولو غصبا عنها لانها عورة منتهكة بالاغتصاب فلا مساغ امام هذا النص سوى تلمس الستر وجب الفضيحة من خلال فرض الجاني زوجا لها.
فكيف ستكون حياتها معه وهيه تكرهه وتتذكر جيدا حيوانيته وقت الاغتصاب وخصوصا ان مركتب هكذا فعل انسان مجرم وقذر وبلا اي مبدا او اخلاق واذا انجبت منه اطفال خلال هذه المدة كيف سيكون شعور والديهم تجاههم وهم ثمرة اجبار على الزواج الناجم عن جريمة الاغتصاب وماهي اثار ذلك ؟.. وماهي نظرة اهل الزوج لها او نظرة اهلها لزوجها.؟
ومن المشاهدات فان هكذا زيجات لم تستمر طويلا وضحيتها بكلا الاحوال المراة لانها ستبقى تعاني وتعاني من فعل الاغتصاب والاكراه على الزواج من الجاني والمعاملة السيئة منه والطلاق ونظرة المجتمع وقيود الاهل ورقابتهم ومعاملتهم لها بعد ذلك.
وهذا يعد مخالفة صريحة لاحكام الشريعة الاسلامية وكافة الاديان السماوية الاخرى وكافة القيم النبيلة والمبادئ الانسانية ومخالفا لاحكام الدستور العراقي النافذ وخصوصا في المادة (45) منه حيث نصت (.. وتمنع الاعراف العشائرية التي تنافى حقوق الانسان) وكذلك الفقرة رابعا من المادة (29)منه والتي تمنع كل اشكال العنف والتعسف في الاسرة والمدرسة والمجتمع وبالامكان الطعن بعدم دستوية المادة (398) من قانون العقوبات وحتى ان المجتمع الدولي عد جرائم الاغتصاب وانتهاك العرض جرائما ضد الانسانية وجرائم حرب يستحق مرتكبها اقسى العقوبات ونحن نكافئ مرتكبها ونهون عليه من اجل العادات والتقاليد.
وحتى انها خلافا للمادة (5)من الاتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المراة ونتأمل من المشرع العراقي الالتفات لهذا الانتهاك وتشديد العقوبة وعدم شمول مرتكبها باي عفوا او اي عذر قانوني مخفف انسجاما مع الشريعة الاسلامية وكافة المبادئ والاتفاقيات الدولية المصادق عليها من قبل الحكومة العراقية.