يعد قانون العقوبات العراقي من اكثر القوانين التي ترسخ التمييز بين الرجل والمراة ويمكن ان نلاحظ ذلك من احكام المادة(427) منه فقد نصت على:
- إذا عقد زواج صحيح بين مرتكب إحدى الجرائم الواردة في هذا الفصل (فصل الاحتجاز وخطف الأشخاص) وبين المجني عليها، أوقف تحريك الدعوى والتحقيق فيها والإجراءات الأخرى وإذا كان قد صدر حكم في الدعوى أوقف تنفيذ الحكم.
وتستأنف إجراءات الدعوى أو التنفيذ – بحسب الأحوال – إذا انتهى الزواج بطلاق صادر من الزوج بغير سبب مشروع أو بطلاق حكمت به المحكمة لأسباب متعلقة بخطأ الزوج أو سوء تصرفه وذلك قبل انقضاء ثلاث سنوات على وقف الإجراءات).
وفي سنة 2003 صدر أمر سلطة الائتلاف المؤقتة رقم (31) بشأن تعديل قانون العقوبات وقانون أصول المحاكمات الجزائية، وقرر في القسم (2) الفقرة (3) منه أن ((يعلق بموجب هذا الأمر تنفيذ أحكام المادة (427) من قانون العقوبات التي تنص على توقيف الإجراءات القضائية ضد المتهم بارتكاب الجريمة إذا تزوج من ضحيته)).
في الحقيقة ما اوضحناه من تعرض حقوق المرأة للانتهاك بموجب المادة (398) ينطبق على المادة (427) لان المهانة واحدة والتأثير هو ذات التأثير والظلم واللا أنصاف هو ذاته في المادتين.
ولكن الأمر الجيد هنا أن سلطة الائتلاف المؤقتة كانت قد التفتت لهذا الأمر هنا فقط في هذه المادة وعلّقت العمل بها أي إنها لم تلغها بل علقت العمل بها وهذا بحد ذاته يعني الانتباه إلى خطورة نتائج هذه المادة على الإنسانية والمجتمع.
إلا أن هذا الأمر سيمكّن الجاني في جريمة الخطف من الإفلات من العقاب وذلك بأن يقوم باغتصاب من اختطفها ثم يعرض الزواج منها حتى يتمتع بالعذر المعفي من العقاب الذي جاءت به المادة (398 ) ولم يشملها قرار سلطة الائتلاف بتعليق العذر المعفي ومعاقبة الجاني بما يستحقه من عقاب.
وفضلا عما اوضحناه من تأثيرات هذه المواد السلبية القريبة والبعيدة المدى، نود أن ننبه إلى الخطورة الشكلية للمادة (427) التي ستولد خطورة موضوعية اشد تأثيرا وهي أن تعديل هذه المادة بُني على أمر صادر من سلطة الائتلاف المؤقتة، لا بل انه في ما يتعلق بهذه المادة فأن تنفيذ أحكامها معلق وليست ملغاة، أن وجه الخطورة يتجسد بالاتي:-
إن المادة (130) من الدستور العراقي تقرر ((تبقى التشريعات النافذة معمولا بها، ما لم تلغ أو تعدل وفقا لأحكام هذا الدستور)).
هنا مكمن الخطورة، أي أن هذه المادة ممكن جدا أن ترجع إلى ما كانت عليه قبل صدور قوانين وقرارات التعديل وتعود إلى العذر المعفي من العقاب للجناة المغتصبين والخاطفين إذا ما قرر مجلس النواب بموجب المادة (130) من الدستور إلغاء كل ما هو صادر عن مجلس قيادة الثورة أو سلطة الائتلاف المؤقت.
مع ملاحظة انه كان هناك قرار لمجلس قيادة الثورة المنحل بالرقم (6) لسنة 2001 يقرر انه (أولا:
يعتبر عذرا مخففا لأغراض تطبيق حكم المادة (130) من قانون العقوبات العراقي الرقم (111) لسنة 1969 قيام من قتل زوجته أو إحدى محارمه بباعث شريف أو قيام احد أقارب القتيلة بقتل من يثير أيا منهما بسلوكها الشائن الذي قتلت بسببه.
ثانيا:
يعاقب بالإعدام من قتل عمدا بدافع الأخذ بالثأر القاتل المنصوص عليه في البند ( أولا) من هذا القرار ولا تسري عليه الأعذار القانونية أو الظروف القضائية المخففة ولا يشمل بأي عفو عام أو خاص.
ثالثا: يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على (7) سنوات أو بالحبس مدة لا تقل عن (3) سنوات من فصل أو حاول الفصل عشائريا في الجريمة المنصوص عليها في البندين (أولا) و(ثانيا) من هذا القرار).
هذا القرار لم يعد له تطبيق الآن بسبب أمر سلطة الائتلاف المؤقتة رقم (7) لسنة 2003، ولكن الخشية أن يصدر قرار من مجلس النواب تطبيقا للمادة (130) من الدستور يلغي أوامر سلطة الائتلاف فيعود قانون العقوبات إلى ما كان عليه بتعديلاته ومن ضمنها هذه القرارات التعديلية التي تشكل انتهاكا لحقوق المرأة .
كذلك ولكي لا يتم استغلال المادة (128 – 1) من قانون العقوبات - والتي تنص على (الأعذار أما أن تكون معفية من العقوبة أو مخففة لها ولا عذر إلا في الأحوال التي يعينها القانون، وفيما عدا هذه الأحوال يعتبر عذرا مخففا ارتكاب الجريمة لبواعث شريفة أو بناء على استفزاز خطير من المجني عليه بغير حق) – نقول حتى لا يتم استغلال هذه المادة لنفس أحكام وموضوع القرار أعلاه وإعادة العمل به استنادا لهذا المادة نقترح أن يتم إضافة عبارة لهذه المادة تقرر أن (لا يعد باعثا شريفا القتل أو الجرح والضرب والإيذاء غسلا للعار) لاسيما وان هذه المادة بشكلها الذي هي عليه يتناقض وأحكام المادة (45 – 2) من الدستور العراقي والتي تنص على (( تحرص الدولة على النهوض بالقبائل والعشائر العراقية النبيلة بما يساهم في تطوير المجتمع، وتمنع الأعراف العشائرية التي تتنافى مع حقوق الإنسان))، وإذ أن عملية القتل أو الإيذاء تحت غطاء غسل العار هي نتاج أعراف عشائرية وتقاليد قبلية تتنافى وحقوق الإنسان لاسيما استنادا لما منصوص عليه في المواثيق الدولية المصادق عليها من قبل العراق كاتفاقية مكافحة كافة أشكال التمييز ضد المرأة والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.