إن الادارة علم يكتسبه الشخص أما من خلال الدراسة، أو الخبرة التي يحصل عليها من ممارسة العمل. ومن المؤسف أن يفتقد العديد من موظفي الدولة العراقية، ونعني هنا الذين يتصدون للمشهد الوظيفي في درجاته العليا، إذ يفقتدون المنهج العلمي في ادارة عملهم الوظيفي. ففي النظام السابق كانت الدرجة الحزبية هي معيار الدرجات الوظيفية العليا مثل مدير عام، أو سفير، أو وكيل وزير، أو وزير وقد عشنا عنجهيتهم وأوامرهم التي تدلل على الفراغ العلمي لمفهوم الادارة وذلك طوال السنوات التي عملنا فيها كموظفين في دوائر الدولة العراقية.
الأمر اليوم في عراق ما بعد العام 2003 لم يتغير حاله فقد وصل الى المناصب الادارية المتقدمة العديد من الأشخاص الذين لم تسنح لهم فرصة العمل في الوظيفة الحكومية من قبل، لكنهم وجدوا أنفسهم بين ليلة وضحاها، او في غفلة من الزمن في منصب متقدم بسبب موقعه الحزبي أو من خلال تنظيف أكتاف المسؤولين، أو ربما لقرابته أو صداقته بهذا المسؤول أو ذاك، وقد ساهم نظام المحاصصة الطائفية الذي بنيت عليه الدولة العراقية الجديدة في زيادة عدد الذين تسنموا المناصب المتقدمة والكبيرة على حجم مستواهم التعليمي، أو خبرتهم الادارية، الأمر، الذي أوقعهم وأوقع العراق في مطبات كبيرة.
لن ننجر الآن الى مناقشة مشكلة الفساد المالي في الدولة العراقية التي استفحلت في السنوات الأخيرة بشكل مذهل فهذه قضية لا يمكن مناقشتها بسطور في مقالة، لكننا نعتقد أن من بين أسباب تفشيها كظاهرة خطيرة هو اختيار الأشخاص غير الكفوئين اداريا.
ما أريد في حديثنا هذا عن الجانب الاداري المتردي في العراق هو النموذج الحي الذي يحصل في السفارة العراقية في استراليا، لاسيما خلال الأيام الماضية فمَن يصدق أن سفارة جمهورية العراق خالية من كبار بعثتها الدبلوماسية وتدير شؤونها الدبلوماسية والادارية بكل أسرارها موظفة محلية من جنسية عربية، درجتها الوظيفية، سكرتيرة السفير.
نعم، السفارة خالية من كادرها الدبلوماسي المتقدم فالسفير مؤيد صالح غادر الى بغداد بعد طلب الاستدعاء الفوري الذي وصله من وزارة الخارجية بسبب حادثة المشاجرة غير المسبوقة في تاريخ الدبلوماسية العراقية التي حصلت بالسفارة بينه وبين الدبلوماسية ليلى أحمد كاظم، وقبله غادر الشخص الثاني محمد العبيدي الى بغداد متمتعا باجازته السنوية، وقبلهما غادر القنصل عمار محمد فاضل الى بغداد أيضا، وقبل هؤلاء جميعهم غياب الدبلوماسية، سكرتير أول، ليلى أحمد كاظم بسبب الطرد العنجهي الذي تعرضت له من قبل السفير وهي الآن تتمتع باجازة اجبارية ولا تستطيع ممارسة صلاحياتها الممنوحة لها بالقانون نتيجة تعسف وتسلط السفير.
لم يتبق في السفارة الا صغار الموظفين، سنا ودرجة وظيفية، ومنهم ضياء أوسي، سكرتير ثالث، وهو، الذي يكون من المفترض المخول الرسمي بادارة شؤون البعثة الدبلوماسية، لكن حقيقة ما يجري في السفارة تؤكد على أن السيد أوسي لا حول له ولا قوة أمام الصلاحيات الممنوحة حصريا من قبل السفير لسكرتيرته الشخصية المحلية، الحاكم الفعلي للسفارة.
فهي التي تأمر وتنهي، وهي التي تمنح الاجازات الاعتيادية، وهي التي يجب تبليغها عند خروج أو دخول أي موظف أو عامل في السفارة، وهي التي تستلم البريد العادي والسري، وهي التي تقوم بتوزيعه على أقسام السفارة وسفيرها الذي يحب أن يسمى ب“سفير العراق العظيم“ والعظيم يحبها معطوفة على المبتدأ وليس ما أضيف اليه، كون المضاف اليه لايعني للسفير بشيء.
المثل العراقي يقول : "ظل الدار لمطيرة وطارت بيه فرد طيره" ينطبق تماما على حال سفارتنا العراقية في استراليا ...
ويا أسفاااااه على حال عراقنا!!.
المتواجدون الآن
562 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع
ظل البيت لمطيره !
- التفاصيل
- المجموعة: الكاتبة وداد فرحان
- الزيارات: 1068
آخر ما نشره كتابنا
- 22تشرين2 فوزيـة حسـن - فنانـة مبدعة في مسيرتها الفنيـة ومتألقـة في جميع ادوارهـا 2019-11-22
- 22تشرين2 جيمس بوند في التركي 2019-11-22
- 22تشرين2 رسالة الى زملائي وأخوتي قضاة العراق البواسل 2019-11-22
- 22تشرين2 متى طفرت الدموع من عيني.. وبكى الكثيرون؟ 2019-11-22
- Home /
- نخبة كتاب بانوراما /
- الكاتبة وداد فرحان /
- ظل البيت لمطيره !