أيام أو اشهر وتنتهي الهجمة الشرسة التي قامت بها بهائم بشرية لا تمتلك ضمير أو شرف أو مروءة، سيترك الهاربين جثث أصحابهم ورفاقهم متعفنة، وسيحار الناس في مصير تلك البقايا المتعفنة المتروكة، فتلتهمها حفر مجهولة، وتضمها ارض يباب، فلا قبور ولااسماء كأي حيوانات نافقة، في حين سيهرب بجلده من يتمكن من ذلك، حاملا معه ما تمكن من اكتنازه في فترة وفرت له قليلا من التنفيس عن ذاته المكبوتة، وعكس كل أمراضه النفسية الدفينة جراء خلل في تربيته او سمعة عائلته، لينتقم من كل الطيبين.
أيام وعدد من الشهور وتتحرر كل البنات الأسيرات، بعد ان جسدت لهم البهائم التي اغتصبت الطفولة وروعت النساء معاني الانتقام والحقد والكراهية.
ستعود البهائم الى أهلها ومناطق سكناها وتنعكس خطورتها على عوائلهم، فالشذوذ النفسي والجنسي والعقلي لن يستثني حتى محارمهم من أفعالهم، فمن اغتصب طفلة لم تبلغ العاشرة من عمرها لن يتوانى من اغتصاب ابنة أخته او عمته او ابنة أخيه وحتى اقرب الناس إليه، هاجس الحاجة الجنسية سيطغي على عقله ومشاعره أينما كان، الخطورة الاجتماعية لمثل هذه البهائم البشرية تستوجب على أهاليهم ان كان لم شرف وكرامة ان يقتصوا منهم وان يسلموهم الى اقرب نقاط قانونية لمحاسبتهم وليتقي المجتمع خطورة أفعالهم، على أهاليهم حماية أنفسها منهم قبل غيرهم، فمثل هؤلاء البهائم المسعورة أثبتت وبالدليل القاطع أنها لا تمتلك ضمير ولاشرف ولاقيم ولا اعراف مثل غيرها من البشر.
ستعود العديد من العوائل ممن تهدمت منازلها وسرقت محتوياتها وأتلفت محاصيلها ووقعت بناتها تحت الأسر الداعشي، لن يعوضهم شيء في الدنيا عن كرامتهم وعن شرفهم، لن يعوضهم اي شيء عن حياتهم وأعمارهم التي انقضت تحت خشية الرعب والخوف والإرهاب والموت والذبح والتوجس، كيف يمكن ان يطمئن هؤلاء لمثل هذه العقارب التي لم تزل تختبيء في بيوتها بعد أن حلقت اللحى ونزعت السراويل والدشاديش القصيرة، ويختفي التشدد والتطرف منهم مؤقتا، وعادت لتتقمص إشكال وتصرفات البشر الأسوياء، عشائرهم وأهلهم أول من يكون مسؤولا عن أفعالهم وعليهم ان يقبضوا عليهم ويقدموهم ليدلوا بما ارتكبت أياديهم وعقولهم، وليكونوا شهودا على غيرهم من البهائم.
اقتربت الساعة ودقت معلنة الحساب والعقاب، فما قامت به هذه المجاميع التي تتشابه مع البشر في الأشكال وتختلف معهم في الضمير والعقل والعواطف والقيم والشرف والنزاهة والمروءة، تتشابه مع البشر في الشكل وتختلف معهم في كل شيء طيب وجميل، يسيطر عليهم الوهم والخرافة والجنون، ويتسلحون بمعونات وعتاد وأسلحة لا يعرفون كيف تصلهم، ولا يعرفون أصول اللعبة، هؤلاء انتهى دورهم وعليهم أن يتحملوا تبعات دورهم القميء وأفعالهم الإجرامية، وعليهم أن يحل عقاب الدنيا قبل عقاب الآخرة.
ستكون لهم ممرات آمنة ليسهل عليهم الهروب كما وفروا لهم طريق الدخول، وسيتخلون عن أسلحتهم لكنهم لن يتخلوا عن حقارتهم ونذالتهم وعقولهم المتعفنة، لكن ظروف بقائهم انتهت بعد أن حققت اللعبة مرادها وأهدافها، وان تعود العوائل التي ذبح أولادها وسبيت بناتها وقتل شبابها الى بيوتهم مجاور لدور القتلة والذباحين والسراق والبهائم المتبرقعة بالدين، ستعود الطيبة والوقار والسكينة مقابل الضلال والأجرام والغدر، وشتان بين تلك العوائل التي لم تتمكن حتى من الدفاع عن أنفسها، وبين من غدر ونكل وسرق وتجبر وعاث فسادا، بين بشر تريد الحياة وتؤمن بعقيدة وبين بهائم متطرفة لا تعرف معاني الحياة وتؤمن بحماقة التاريخ وبقصص الخرافات التي عافها الزمن، ولم يكن اختيارهم لاضعف الخلق اعتباطا، فالايزيديون لم يتسلحوا ولم يفكروا بتأسيس ميلشيات مسلحة ولا كيان يتسلح ليدافع عنهم، سلاحهم المحبة والطيبة والسلام وتلك طبائع لا تنسجم مع الغدروالارهاب والجريمة.
ان مثل هذه النماذج الفارة والتي تلوذ بأهلها كمثل الذئاب المنفلتة التي تتربص الفرص للانقضاض على الضحية في اي فرصة يكون فيها الضحية ضعيفا او قليل الحذر، وفي أية فرصة تمكنه من نهش الجسد، بما فيها أهلها او اقرب الناس إليها، بالنظر لامتلائهم بتخمة التشوه الفكري والحقن الطائفي، مما يجعلهم على الدوام وقودا للكراهية والحقد والإرهاب وتخريب كل صور التعايش السلمي والسلام المجتمعي.
لسنا بحاجة للرثاء والنواح فإننا بحاجة ماسة لتفعيل أسس القوانين، فلكل جريمة ينص عليها القانون عقوبة ولسنا بحاجة للمواعظ والأمثال والحكم، فالقانون الذي يعاقب الجناة نفسه الذي يعطي المجني عليه حق التعويض، وكلنا نريد حياة لا يشوبها الخلل، ولا يعفى فيها المجرم، والمتهم بريء حتى تثبت أدانته، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، ولنا الحق في طلب المحاكمات العلنية العادلة، ومن قتل نفسا عمدا يعاقب بالموت، ومن ارتكب جريمة من جرائم السرقة المقترنة بالظروف المشددة يعاقب أيضا بالموت، وها نحن نفتح صدورنا ودماء أخوتنا وبناتنا وأبنائنا ومحنتنا وما صار علينا أمام الضمائر الحية لتمهد للحكم قبل أن يقول كلمته.
بدأت النهاية وبدأ التدحرج نحو الهاوية وأغلق الملف، وانتهى العرض بمئات الآلاف من الشهداء والقتلى والأسرى، مع أن الثقة بدأت تهتز، والشك يحيط بكل الاحتمالات، فأين تحل بقايا البهائم؟ وأين سينتهي دورها ومتى يبدأ مجددا؟
وإذا ثبت للعالم نهاية الفكر الداعشي وانحطاطه الإنساني وتقاطعه مع صيرورة الحياة المدنية والعصرية، وخروجه من عصر الكهوف والظلام الى عصر التكنلوجيا والعولمة وحقوق الإنسان، فقد ثبت أيضا بان الساعة التي تقررت فيها نهاية التنظيم لا تعفي البشرية من ملاحقة كل تلك النماذج المنحطة خلقيا وعقليا وفكريا واتخاذ أقصى الإجراءات التي تحفظ للبشرية أمنها وحياة أفرادها وحقوقهم المشروعة في الفكر والعقيدة.
كيف يمكن أن نهدم الهوة العميقة التي خلفتها البهائم في المنطقة؟
وكيف نعيد الأمن والسكينة إلى نفوس المدنيين والفقراء والبسطاء من أبناء تلك القرى النائية التي استبيحت؟
وكيف نعيد الثقة والإخوة التي كان يعتقد بها الايزيديون في قرى سنجار أو بعشيقة وبحزاني؟
لم تزل الخطورة الاجتماعية التي تبثها عقول المنحرفين من مدعي التمسك بالدين، والتطرف الذي يؤمنون به مع إلغاء الأخر، والدعوة الى قتله وإنهاء حياته، ما يدعو الإنسانية أن تتخذ مواقف وقرارات تلاحق هذه الجماعات أينما كانوا وكيفما كانوا، فهم دود الأرض الذي يقتل الزرع، وهم البهائم التي تعيث فسادا بين المجتمعات، وهم بعد كل هذا البهائم المفخخة التي تفجر أجسادها النتنة بين أي كتلة بشرية لإنهاء الحياة ، دون أن يقيدها دين أو مذهب أو قومية أو نوع أو جنس، وبهذا فهم أعداء الحياة.
واذا مرت هذه الصفحة المريرة على الايزيديين كما مرت صفحات قبلها لم تكن اقل منها ضراوة وهمجية وسوادا، فهل يمكن ان نتعظ ونستفاد منها.