لم يكن موقفا حكيما وعقلانيا ما تقوم به عدد من الدول العربية تجاه اليمن، واذا كانت اليمن تعاني من ازمة داخلية وبصرف النظر عن انعكاساتها وتطوراتها، الا انها تبقى قضية يمنية داخلية، والتدخل في الشأن اليمني يعتبر اعتداء سافر على سيادة البلد واهله، وانتهاكا صارخا لمبدأ الاستقلالية، وخرقا فاضحا لقواعد الاخلاق والسلوك الدولي، اما ان تقوم المملكة العربية السعودية بالتعاون مع عدد من الدول العربية بإعلان الحرب على شعب اليمن، وتوريط مصر والسودان وبعض من دول الخليج والمغرب العربي، فأن الاعتداء ينبئ ويدفع باتجاه توسيع رقعة الحرب وإشعال لهيبها في المنطقة كلها، ويجسد إستعمال منهج القوة المفرطة في حل المشاكل والخلافات العربية، ويزيد من اشعال نيران الكراهية والاحقاد بين الناس .
أن ميثاق الجامعة العربية ينص في المادة الثانية من باب الأسس والمبادئ على ما يلي:
1- للشعوب كافة الحق في تقرير مصيرها والسيطرة على ثرواتها ومواردها ولها الحق في أن تقرر بحرية اختيار نمط نظامها السياسي وان تواصل بحرية تنميتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
2- للشعوب الحق في العيش تحت ظل السيادة الوطنية والوحدة الترابية.
أما الجمعية العامة للأمم المتحدة فقد أكدت وفقاً لميثاق الأمم المتحدة، أنه لا يحق لأية دولة أن تتدخل بشكل مباشر أو غير مباشر، ولأي سبب كان في الشؤون الداخلية أو الخارجية لأية دولة أخرى كما مفصل ادناه.
أن اتفاق عدد من البلدان العربية بشن هجوم عسكري ضد الشعب اليمني بزعم حل مشكلة سيطرة الحوثيين على مقاليد السلطة، وهروب الرئيس اليمني هادي عبد ربه منصور بعد تقديم استقالته، يخالف الأعراف والمعاهدات الدولية، بل ويعتبر انتهاكا صارخا لميثاق الأمم المتحدة رقم 103 لسنة 1981 ، والموقع من قبل نفس الدول التي اتفقت على شن العدوان، والذي ينص على ما يلي :
1- لا يحق لأية دولة أو مجموعة من الدول أن تتدخل، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، لأي سبب كان، في الشؤون الداخلية والخارجية للدول الأخرى.
2- يشمل مبدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية والخارجية للدول الحقوق والواجبات التالية:
1- لا يحق لأية دولة أو مجموعة من الدول أن تتدخل، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، لأي سبب كان، في الشؤون الداخلية والخارجية للدول الأخرى؛
2- يشمل مبدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية والخارجية للدول الحقوق والواجبات التالية، منها السيادة والاستقلال السياسي والوحدة الوطنية والهوية والتراث الثقافي، والحق غير القابل للتصرف في تقرير نظامها السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي بحرية، وفى تنمية علاقاتها الدولية وفى ممارسة سيادتها الدائمة على مواردها الطبيعية وفقاً لإرادة شعبها دون تدخل أو تداخل أو تخريب أو قسر أو تهديد من الخارج بأي شكل من الأشكال.
واوجبت على الدول الامتناع في علاقاتها الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استعمالها بأي شكل من الأشكال، أو عن انتهاك الحدود القائمة المعترف بها دولياً لدولة أخرى أو زعزعة النظام السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي لدول أخرى، أو الإطاحة بالنظام السياسي لدولة أخرى أو حكومتها أو تغييرهما، أو إحداث أي توتر بين الدول بصورة ثنائية أو جماعية، أو حرمان الشعوب من هويتها الوطنية وتراثها الثقافي، وفي ضمان عدم استخدام إقليمها على أي نحو فيه انتهاك لسيادة دولة أخرى ولاستقلالها والسياسي وسلامتها الإقليمية ووحدتها الوطنية أو زعزعة لاستقرارها السياسي الاقتصادي والاجتماعي.
ومن بين اهم بنودها واجب الدولة في الامتناع عن التدخل المسلح أو التخريب أو الاحتلال العسكري أو أي شكل آخر من أشكال التدخل.
سافراً كان أو مستتراً، يوجه إلى دولة أخرى أو إلى مجموعة من الدول أو أي عمل من أعمال التدخل العسكري أو السياسي أو الاقتصادي في الشئون الداخلية لدولة أخرى، بما في ذلك الأعمال الانتقامية التي تنطوي على استعمال القوة.
كما ان هذا الاتفاق والتحالف الناشئ بين هذه الدول يدلل على وجود اتفاقات وحوارات خارج نطاق الجامعة العربية تبيت العدوان على الشعب اليمني، فالعمليات العسكرية الجوية منها أو البرية لا تستطيع أن تفرز المقاتل اليمني من بين المدنيين العزل، فالجميع هنا مستهدف، وهذا الاستهداف سيعزز من هيمنة الضغائن والأحقاد التي ولدتها تجارب التدخل المصري في اليمن سابقا والعراقي في الكويت، وحرب 1962- 1970 التي شنتها المملكة العربية السعودية على اليمن من أجل مساندة النظام الملكي.
تحمل الحرب على اليمن والتي أطلق عليها (عاصفة الحزم ) مخاطر اقتصادية كبيرة ، نظرا إلى الأهمية الاستراتيجية لمضيق باب المندب الذي تمر عبره شحنات النفط المصدر من الخليج إلى أوروبا وحوض البحر الأبيض المتوسط، وسينعكس هذا الخطر على شعوب دول عديدة، كما أن مضي سنة كاملة على قيام هذه الحرب بما تحمله من دمار وخراب وموت، وبما تتحمله من أنفاق وهدر في الأرواح والاموال يشكل كارثة انسانية لاينبغي اغماظ العيون عنها.
أن الحرب التي تشنها هذه الدول ليس لها توصيف قانوني سوى انها حرب معروفة بالوكالة ضد الشعب اليمني، وأهدافها معروفة أيضا، وتعد تدخلا سافرا يستوجب على الأمم المتحدة ومجلس الأمن باعتبارهما المرجعين الشرعيين، أن تتدخلا لإيقاف هذه الحرب الشعواء وحماية الشعب اليمني من العدوان المسلح، ويأخذ مجلس الامن زمام المبادرة في تحديد وجود تهديد للسلم أو عمل من أعمال العدوان. ويطلب إلى الدول الأطراف في النزاع تسويته بالطرق السلمية.
وفي بعض الحالات، يمكن لمجلس الأمن اللجوء إلى فرض جزاءات وصولا إلى الأذن باستخدام القوة لصون السلم والأمن الدوليين وإعادتهما.