"معتقلون داخل النص الذي يكتبه حكامنا
معتقلون داخل الدين كما فسره إمامنا
معتقلون داخل الحزن..
وأحلى ما بنا أحزاننا"
فســـــــــــامحونا ....
ان شتمناكم قليلا واسترحنا..
ســــامحونا ان صرخنا“
نزار قباني
أكد رئيس مجلس النواب العراقي "سليم الجبوري" بفرح غامر ان العراق سعيد بأستضافة اتحاد برلمانات الدول الاسلامية وتذليل جميع الصعوبات ولم اسمع "سليم الجبوري" مرة واحد ان يتحدث عن تذليل صعوبات ومعاناة الوضع الجحيمي الذي يعيشه المواطن العراقي او النازحون في العراء تحت المطر ورحمة السماء شتاءا والشمس الحارقة صيفا وتلاميذ المدارس الذين يفترشون الارض تحت خيام متهرئة .
ما دور منظمة التعاون الاسلامي واتحاد برلمانات الدول الاسلامية وماهي منجزاتها؟ مثلها مثل جامعة الدول العربية.
ماذا قدمت للقضية الفلسطينة والقدس؟ ولدول اعضاء احتلت ودمرت من الصومال الى العراق وليبيا واخيرا ما يدور باليمن وسوريا من اقتتال وارهاب ولانعرف من يستهدفها بعد ان اختلط الحابل بالنابل. وكانت شعوب هذه الدول وقود لحروب طائفية وارهاب اعمى وساهمت دول اعضاء تدعي رعايتها الكهنوتية للاسلام بتغذية ودعم الارهاب بصورة مباشرة وغير مباشرة بالمال والسلاح وتأسيس عشرات القنوات الطائفية تبث البغضاء التي تؤجج الروح العدوانية المتوحشة بالفتاوي والتكفير ، وضربت بعنف كل مكونات وتنوع ووحدة دول اعضاء في اتحاد برلمانات الدول الاسلامية .
وماذا يحمل لنا التاريخ الاسلامي غير صفحات قتل المسلمين على أيدي المسلمين منذ موقعة صفين والنهروان وقتل الامام الحسين عليه السلام على يد خليفة المسلمين واستمر هذا المسلسل عبر الامويين والعباسيين وصولا لابغض حكم "السلطنة العثمانية" وجرائمها البشعة في قتل الأرمن بطرق تستخدمها داعش اليوم وقتل 50 الف مصري دفعة واحدة وجرائم إبادة ضد كل الشعوب التي وقعت تحت سيطرت السلطنة العثمانية.
استمر هذا المسلسل الاسود وصولا للقاعدة وداعش ومشتقاتها التي ولدت من رحم السلف والتاريخ كنتجة لثقافة وسلوك منحرف وعقيدة تكفيرية اقصائية، وليس لها علاقة باي دين او عقيدة انسانية وطيلة تاريخنا نتستر على الاخطاء ونتباكى من النتائج التي سببتها المنظومة البنيوية للسلطة الطائفية والقبلية لهذه الدول التي لاتسمح لثقافة التسامح والمدنية وقتلت فضيلة القانون وهي اسمى فضيلة للدولة والمجتمع.
ان مشكلتنا لم نقرأ التاريخ بمعرفة بل نقرا تاريخ امجاد الحكام بغض النظر عن ما إرتكبوه من جرائم قتل وظلم وحروب، هذه مشكلة المسلمين والشرق الاوسط والعرب على وجه الخصوص.
وهل هناك إسلام واحد ام لكل دولة اسلامها المختلف فتركيا لها اسلامها العثماني، ومصر لها اسلامها الأزهري، وايران الشيعية قائمة على ولاية الفقيه، واسلام عراقي وافريقي ومغاربي متصوف وسعودي وخليجي وهابي سلفي وهكذا دواليك..
ولاتقف هذه الأسلمة على التباين الفقهي والفكري بل على الانقسامات الحادة والاقصاء والتآمر والتحارب بعنف يظهر كلما حدث حادث وازمة وفرخت لنا منظمات ومليشيات بسببها اشتعلت المنطقة بالحروب والتهجير ويبدو حلها بعيدا حتى الان.
باتت هذه الدول مرتعا خصبا وملاذا لهذه المنظمات او الجماعات التي تفرخ من البطون وتتشظى لمئات الفصائل التي تتزاود على القتل الوحشي واشاعة الرعب والتخريب ونكس الارث الانساني وتدميره.
اقرأوا كل التاريخ..
حتى بعد التحرر من الاستعمار الاوربي وظهور ما يعرف بالدولة الوطنية الاسلوب نفسه متبع بالاستيلاء على السلطة ومحاكمة الخصوم على الطريقة الداعشية ذاتها وان لبست ثوب الثورية والعلمانية.
هذا متأتي من تراكم تراثي وتاريخي وفقهي يحكمنا باثر رجعي وكاننا لازلنا قبائل نتقاتل في صحراء الجزيرة العربية.
لاعذر لمن يقرأ التاريخ وما يجري اليوم ان يندهش او ينرعب.
انه تاريخ طويل من سفك الدماء والقتل والاستبداد والقمع.
مما دفع الدكتور المرحوم أحمد الوائلي للقول:
ان التاريخ زبالة تزكم الانوف.
والوائلي من اكثر الخطباء اعتدالا وتسامحا ومعرفة بالتاريخ الاسلامي ولم يك يوما منحازا الا للقرآن والسنة النبوية وصاحب ادلة قطعية علمية بكل محاضراته.
وفي عام 1984 في احدى محاضرات الشهيرة في امارة الكويت حذر بشدة من الحرب الطائفية التي اتت علينا، كان هذا استشراف معرفي بقراءة دقيقة للتاريخ والواقع العربي وانظمة الحكم العربية والاسلامية التي نتحمل نتائجه اليوم .
العراق حرص وقاتل على اسضافة القمة العربية ولم يجني العراق غير العداء والتآمر من معظم الاطراف العربية قبل ان يجف حبر بيان القمة العربية. وجمع رئيس الوزراء نوري المالكي بعدها 60 دولة بمؤتمر مكافحة الارهاب وكانت النتيجة احتلال الارهاب لثلث العراق وبمساعدة جل الدول التي حضرت المؤتمر .
هذه التجارب وضياع المال والوقت لاتنفع في درء المخاطر من دون ترتيب البيت الداخلي واطلاق التنمية وحصانة مؤسسات الدولة والقضاء على الفقر لايقاف التدخل الخارجي الذي بات يستهدفنا علانية من نفس الدول الحاضرة.
باتت اللعبة مكشوفة من قبل امارات لاتتعدى نفوسها نفوس قصبة عراقية وجدت وخلقت هذه الامارات خدمة لتكملة مشروع "سايكس – بيكو" في الايغال بتجزاة المجزء والسيطر على طرق البترول والغاز واعادة رسم المنطقة من جديد ضمانا للهيمنة القديمة الجديدة وهذه حقيقة لم يخبئها الغرب وامريكا وتقولها مراكز الدراسات الاستراتيجية بعد ان تاكدت من شللنا وعجزنا الذي سببته الانظمة الاستبدادية المتواطئة التي لاهم لها سوى البقاء على سدة الحكم والسلطة .
اليوم رئيس البرلمان العراقي "سليم الجبوري" يولي اهتمام باستضافة احدى هذه المنظمات الشكلية التي يعمل بها مئات الموظفين دون ان نسمع بدراسة اونشرة لها او نشاط عملياتي او فكري عن ماهية نشاطها وما هو الدور التي تلعبه في مواجهة المشاكل المتفاقمة التي تواجه العالم الاسلامي من تخلف وارهاب وما هي مساهمتها في التعليم والتنمية البشرية للشعوب الاسلامية وحقوق الاقليات والمرأة والطفولة .
ماذا قدمت كل المنظمات الاقليمية والدولية للعراق والارهاب يحتل ثلث اراضيه وياتي من دول اسلامية مجاورة . بلد انهكته الحروب وستنزفه الفساد وضاعت ثرواته بين الاحتلال واتباعه وخربت ونهبت نفائسه الاثرية والتراثية ووصل الامر لحد ضياع ارشيف الدولة العراقية "ذاكرة الامة" منذ تاسيسها عام 1921 على ايدي عربية وبمساعدة ضعفاء النفوس وبعضهم يجلس تحت قبة البرلمان اليوم .
لقد اصبحت تجربة المواطن العراقي مع كل هذه المؤتمرات معروفة سلفا هي مناسبات لسرقة ملايين الدولارات التي تصرف من الحكومة العراقية عليها فتجربة القمة العربية ( 27 مارس 2012) كلفت العراق مليار ونصف وحضر عشرة رؤساء عرب وعطل الدوام لمدة اسبوع في العاصمة بغداد مصحوبا بمنع تجوال.
وصرف على النجف عاصمة الثقافة الاسلامية 2012م 500 مليون دولار لبناء منشات تركت حفر واصبحت مستنقعات آسنة والحال مثله لمشروع دار الاوبرا الذي كلف الميزانية 18 مليار دينار ، دون سائل او حسيب اورقيب وضاعت الفرصة على اجيال من الشعب العراقي . وبغداد عاصمة الثقافة التي كلفت مليارات الدولارات دون ان تترك ولو اثر يذكر سوى بهرجة احتفالية وانتاج افلام في بلد لاتوجد فيه دار عرض سينمائية واحدة صالحة للعرض السينمائي . وقد ألف الناقد والمؤرخ السينمائي المعروف "مهدي عباس" كتابه (افلام ولكن) يوثق بالتفصيل والدقة حجم الفساد والهدر المالي لـ 30 فلم بميزانية تقدر11 مليار دينار عراقي ولم يراها المشاهد وبقيت حبيسة مخازن السينما والمسرح وهي هابطة فنيا لاتلبي الشروط الجمالية للسينما لامن قريب ولا من بعيد .
اصبحت كل المناسبات والمؤتمرات عبثية وعميائية بامتياز في بلد غارق بالارهاب والجريمة المنظمة وتردي الخدمات ولايوجد فيه مستشفى واحد مطابق للشروط والمعايير الصحية ومئات الالوف من العاطلين وتدهور مخيف في البنى التحتية والتعليم .
اذن نحن نعيش وجه خفي ومشرعن للسرقة من خلال مناسبات رسمية للاهدار وسرقة المال من قبل سماسرة السلطة والمقاولين المرتبطين بالكتل السياسية التي لاتكل ولاتمل من النهب والعمولات والاستحواذ على المال العام وكلها تملك لجان اقتصادية لهذا الغرض . ومع تدهور اسعار النفط والحرب على داعش لازال الساسة يستمرأوا الغش والكذب والسرقة في بلد نفطي ضيعت حكوماته (ترليون دولار) خلال عقد من الزمان ويعيش 37% من سكانه تحت خط الفقر وتعيش الاف العوائل على نبش القمامة لسد رمقهم ويهاجر شبابه عبر البحار في رحلة محفوفة بالمخاطر المميته للبحث عن احلامهم بايجاد فرص للتعلم والعمل او بحثا عن الامان .
السؤال ماذا تضيف لنا هذه المنظمات ونحن نعيش خراب ودمار كان بعض اعضاءها المتنفذين والمسيطرين عليها مصدر لخرابنا ودمارنا وقتلنا وتصدير لنا كل انواع المصرطنات الغذائية والفكرية .
{وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ }.