بين نفي وتأكيد ومصدق ومكذب وبين رأي خبير ورأي فطير نسمع من الفضائيات ونقرأ ماتنشره الصحف من تقارير متضاربة وتحذيرات حكومية وأمريكية مخيفة ومرعبة ، تحاكي إنهيار سد الموصل في شمال العراق ذهبت بالبعض للظن بوصف تلك السيناريوهات مخاوف لالهاء الجمهور واثارت الخوف. وذهب البعض الآخر الى نظرية المؤامرة نتجة لإنعدام الثقة بشكل مطلق بالحكومة وعدم الشفافية، ان تضارب التصريحات الحكومية كما عودتنا تنطوي على الغموض والتناقض، نتيجة لتشابك الصلاحيات وفوضى الادارة التي تشبه شبكة العنكبوت بين مؤسسات الحكومة التي لاتقي من جوع ولامرض ولاتحمي من المخاطر. لكن أخيرا أصدر المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة العراقية "حيدر العبادي" مشكورا مأجورا بياناً عن الأخطار المحتملة لسد الموصل وإمكانية انهياره والكوارث البشرية والمادية والاقتصادية والبيئية التي ستحدث جراء الانهيار الاخير للسد والدولة العراقيىة برمتها. وقال البيان، الذي حاول احتواء الخوف لكنه جاء بالعكس بصور مرعبة لما يحدث في حال انهيار السد: إن الحكومة تستعد لإجراء صيانة للسد الأكبر في العراق، التي تعطلت بعد احتلال داعش لمدينة الموصل، وأرفق البيان بما أسماه دليل الإرشادات لتلافي خطر انهيار السد، قال فيه إن المخاطر المحتملة تتمثل في ارتفاع منسوب مياه السد إلى 319 متراً، وهو أمر غير محتمل، إذ أن ارتفاع المياه في سد الموصل حالياً هو 307 أمتار.
وأضاف البيان أن عُمق المياه في نهر دجلة ستصل إلى أكثر من 15 متراً إذا انهارالسد، وستصل المياه إلى بعض مناطق الموصل بعد مدة تتراوح بين ساعة واحدة وأربع ساعات، ما يستوجب اتخاذ تدابير عاجلة وحازمة في المدينة.اذا كان الانهيار غير محتمل لماذا كل هذه الصورة القاتمة. ولاادري لمن موجه هذا الخطاب باتخاذ تدابير عاجلة وحازمة، اليست هذه من خطط ومهام الحكومة بوضع خطط انقاذ وطوارىء؟! ام ان على الشعب يهرب مبكرا قبل الكارثة؟!!. وزاد المكتب الاعلامي مشاهد الرعب حيث صرح: في تكريت من المنتظر وصول موجة المياه المتدفقة بعد يوم أو يومين، وفي بغداد بعد ثلاثة أو أربعة أيام، مع ارتفاع الماء في مجرى النهر إلى عشرة أمتار. وطالب سكان المناطق المحاذية لمجرى نهر دجلة بتجنب اندفاع مياه الفيضان إلى مناطقهم، وفي بغداد سيؤثر ارتفاع الماء حسب البيان على أوضاع أعداد كبيرة من سكانها، ويضطرهم للنزوح من مناطقهم لتجنب تعرض الأبنية للمخاطر، ولدرء الإصابة بالامراض. وحذر من تضرر البنى التحتية الأساسية، ما يتسبب في تعطل الخدمات مثل الكهرباء والمياه الصالحة للشرب، كما ستتأثر الأراضي الزراعية بشكل واسع، ما يتطلب "العمل على إنقاذ معدات ومكائن المشاريع المختلفة قدر المستطاع". وطالب البيان السكان إذا انهار السد بالانتقال إلى المناطق المرتفعة، والإبتعاد عن النهر مسافة ستة كيلومترات باتجاه المناطق المرتفعة، وتجنب المخاطر في المناطق المحاذية للنهر أو فروعه التي تعد أعلى من مخاطرها في غيرها من مناطق الفيضان. السؤال الملح والمصيري هل تعجز التقنيات والعلماء في تجنب سيناريو انهيار سد الموصل واهوار العراق تعاني من جفاف مزمن قضى على الثروة السمكية والدواب وهجر السكان. الم يكن بإمكان الحكومة من خفض مناسيب مياه السد بتفريغه طيلة الاعوام المنصرمة وماهي المبالغ التي صرفت وستصرف على السد لا احد يعرف رقم او حقيقة الامر. اليس ماصرف على سد الموصل من صيانة بقدر تكلفة سد النهضة الاثيوبي الذي يوفر 6 الاف ميغا واط من الطاقة الكهربائية وهل نملك في العراق خطط استراتيجية للموارد المائية وتحتاج الى تقنيات وتكنلوجيا حديثة وخطط استثمارية انية ومستقبلية. تعد المياه من الحروب والمنازعات المؤجلة في الشرق الاوسط وبعض دول افريقيا. يعاني سد الموصل من مشكلة بنيوية منذ إنشاءه ويعتبر اخطر سد في العالم ويصرف عليه مليارات الدولارات دون ان تدرس او تبحث عن بدائل للسيطرة على هذه المخاطر الكارثية المحدقة التي يسببها السد عاجلا ام اجلا.
بدأ بناء السد مطلع الثمانيات من القرن المنصرم بعمر تشغيلي 80 عام ولم يبلغ نصفها ولكن يعاني من عيوب بنيوية منذ انشاءه في منطقة كلسية رخوة كما يحدثنا اصحاب الخبرة وتضارب اسباب انهيار السد جعل من القصة مثار شكوك واشاعات لها اول ما لها اخر في ظل غياب الرأي العلمي الرصين وتداوله بين الساسة ومن في السلطة من اجل التسقيط والاتهامات المتبادلة وهنا تكمن خطورة الامر.
منذ عام 2007 حذرت هيئة المهندسين في الجيش الامريكي العاملة في العراق من الاثاره التدميرية بتشريد وغرق خمسة ملايين إنسان ودمار مادي يقدر 200 مليار دولار دون اذن صاغية ولا حياة لمن تنادي ازاء كل هذا السيناريو الوشيك الحدوث باي لحظة وفلم الرعب الغير متخيل تكتفي الحكومات بإصدار ارشادات للمواطنين او تنفي الموضوع جملة وتفصيلا.
مهزلة قاتلة وجديدة ظهرت على السطح وبلبلة مجالس ومواقع انترنيت وفضائيات والحكومة لم تكلف نفسها بعقد ندوات مع المختصين من ذوي الخبرة لطمأنة الجمهور ولم تستنفر لطلب المساعدات الدولية منشغلة بشكل الحكومة هل من التكنوقراط ام محاصصة ام اغلبية مطلقة؟!!. مما حدى بالمواطن العراقي يتفرج ويضحك على هذا الفلم الاكشن والمرعب. احتلنا البرابرة ولم نخلص لننتظر انهيار سد الموصل ونخلص من هذه الحياة المنهارة بكل جوانبها ولا عزاء للوطن الذي باعه عملاء البرارة خردة و"تفصيخ" في اسوأ مزاد علني للشركات المتعددة الجنسيات ودول الجوار وصندوق البنك الدولي. واصبح المواطن العراقي واليأس وجهان لعملة واحدة.
انا لله وانا اليه راجعون.