في العراق كل حادث او تعثر لمشروع توجد تبريرات جاهزة قبل وضع حجر الاساس من قبل الحكومة المركزية او المحليات في الاقاليم وكما يقول المثل الشعبي "عذره تحت ابطه" بعد ان استهلكوا "قوانة" النظام السابق ومخلفاته جاءت داعش والارهاب التي سيندحر بهمة شباب وشيوخ العراق الشرفاء الذين لا يملكون سوى عراق المقدسات ملاذا وكرامة ووطن ليدافعوا عنه حد الرمق الاخير.
ثم جاءتنا تبريرات هبوط اسعار النفط وادارات الدولة والحكومة تسيطر عليها الاحزاب الحاكمة نفسها منذ 2013 يتناوبون على المناصب اذا كان برميل النفط 150 دولار او 30 دولار لم يبنوا مدرسة نموذجية واحدة او مستشفى بيطري واحد ولا اقول مستشفى للبشر. بل خربوا ما كان موجود اصلا والغوا كل مظاهر الجمال حتى النصب والتماثيل التي كانت موجودة لأعظم نحاتي العراق والتي تمثل قصص وحكايا موجودة في وجداننا وسردياتنا الحكائية تم تشويهها.
وقضوا على المساحات الخضراء وضفاف الانهر والبنايات الاثرية وشارع الرشيد مثال صارخ. احتلت العاصمة العراقية بغداد مركز الصدارة في قائمة أسوأ المدن التي يمكن العيش فيها، حسب تصنيف أصدرته"Mercer" وهي واحدة من أكبر شركات استشارات الموارد البشرية في العالم. وصنفت بغداد على أنها الأسوأ في العالم من حيث جودة الحياة فيها. ونشر في مجلة فوربيس الاسبوع المنصرم ومنذ 15 عام يتكرر هذا التقييم من مؤسسة علمية وحرفية في تقيمها.
وفي اليوم نفسه يخرج علينا وزير النقل "كاظم فنجان" ليخبرنا اننا احفاد انبياء واجدادنا هم الانبياء وهذا امر غير معروف عن السيد الوزير سابقا بانه نساب وعالم بالرجال وانثروبولوجي من الطراز الاول وعالم اركولوجي. والامر الافظع من هذا وذاك ينبري ويتبارى البعض للدفاع عن اخطاء الادارات وهلوساتها وخطلها ادارات تعجز عن جمع القمامة في الشوارع ولم تخجل من تجيش فضائياتها للنيل من اي شخص يخالفها الراي ويبدا تخونه بالعمالة والمعداة للسامية والدين وطابور خامس .اي منطق هذا واي شعب يريد اللحاق بالشعوب بعد ان طالته الديكتاتورية البشعة والحروب والحصار.
لاباس ان نبدا بابسط الامكانيات ونبني حجر على حجر بصبر واناة لكن علينا ان نكون موضوعيين وعلميين في تحديد الاولويات، كل الامر بحاجة الى صدق وليس تطبيل وتهويل وتخوين وتسقيط وكاننا في عرس انتخابي كما يقول البعض. الجميع فرح بان تكون الاهوار والاثار كوجهة سياحية تدر على المدن والبلاد ايرادات واموال ويتم تشغيل الشباب ونخلص من ريع الزقوم الاسود الذي جلب للعراق كل هذه الحروب والمشاكل. والكل يفرح ان تكون لدينا وسائل نقل حديثة وطرق امينة ومطارات نتباهى بها مع دول الجوار.
هذه صورة بلد يريد ان يكون وجهة سياحية ولم يستطيع طباعة دليل سياحي او اصدار منشور بلغات اخرى للتعريف بها او انتاج فلم وثائقي عن مدنه الاثرية وكنوزها للترويج السياحي ولاتملك باصات نقل ولا طرق نظامية ولا اشارات مرور ولا خرائط سياحية ولا ترقيم للشوارع والازقة والاماكن العامة. المانيا واليابان نهضت بعقد بعد خسارتها وخرابها وكذلك سنغافورة وكوريا الجنوبية استطاعت بسبعة سنوات من تعليم شعبها ليبني كل هذه الانجازات والمدنية الراقية وكل هذه الشعوب تتعبد بالبوذية او لادين لهم ولم يكونوا احفاد انبياء لا من قريب ولا من بعيد ولم يدعوا انهم خير امة.
السؤال المؤرق: هل من المعقول نحن بلداء لهذا الحد؟
ونتشابك ونتقاذف التهم على صفحات التواصل الاجتماعي ولم ننظر للخراب تحت اقدامنا ومن حولنا وهل شعور البعض بانه ادنى من الايرانيين والاتراك والإماراتيين في نظافة مدنهم وتسويق السياحة وهم لا يمتلكون عشر ما يملك العراق من ارث حضاري واثار تخص الانسانية جمعاء.
العراق احدى اهم حواضر العالم والدنيا عبر العصور ويعد اغنى بلد في الموارد وصولا للموارد البشرية وهذا الاهم، وهل نحن بحاجة الى خطب دينية خارج سياق الادارة والاقتصاد والسياسة واذا كنا احفاد انبياء كما يقول وزيرنا المفدى ونغرق بالقمامة والخراب فليسأل نفسه؟ وهو جاب العالم برا وبحرا وجوا ورأى الدنيا "كلكامش القرن الحادي والعشرين" ويعلم وماذا فعل احفاد الشيطان والكفرة؟
من احترام للانسان والبنى التحتية والمواصلات والتعليم والصحة وحقوق الحيوان. ام انه ادمن خراب البصرة وجوارها وتبلد احساسه بالجمال والذوق والفطرة او انه يريد رفع عزيمتنا لاننا نغرق بالفساد والبنى التحتية المدمرة والمتهالكة، ويريد ان ينسب كل عراقي الى نبي. وهذا يقع تحت طائلة غسيل المخ والوهم والتعلق بحبال الماضي بعد ان افلسنا بالوقت الحاضر وبات مستقبلنا مجهول، واذا كان كل هذا الفساد جاء من احفاد الانبياء ماذا بقي لأحفاد الشياطين مــــــــولانــــــــــــا.