قضية الصواريخ الروسية التي تعبر أجواء العراق الى سوريا من دون ترخيص منه، إنْ صح الامر، ستعني مؤشراً مهماً لتغييرات الحرب على الارهاب وفي توازن القوى الاقليمية وتحالفاتها قد لا يتحمل العراق تضاعيفها في الوقت الحاضر، وستُحسب-الى ذلك- كتجاوز للسيادة العراقية واستضعاف لاستقلال البلد، وستنضم الى ما قبلها من تصريحات منسوبة لمسؤولين خليجيين بوجوب وضع العراق تحت الوصاية الدولية، يضاف لها استباحة القوات التركية للاراضي العراقية لتوضع جميعها تحت عنوان: استضعاف الدول المجاورة للعراق كدولة ناجزة السيادة، وهو حسب هذه التصرفات هامش جغرافي صالح للقضم او الاستباحة، أو بوصفه “دولة مشكلات “كما كتب عنه صحفي خليجي و “يجب وضعه في غرفة العناية المشددة” او انه كما قالت يوماً صحيفة اخوانية مصرية (العدالة) خرج عن الانضباط، ويومها تحدث روبرت فيسك كاتب الانديبندنت عن اتصالات تجري بين عواصم المنطقة لبحث “تغييرات“في العراق.
الجانب العراقي، الرسمي، يتفرج في اغلب الاحيان، او يتأنى بالتعقيب والرد، لكن الاخطر، هو سلوك البعض من الزعامات والنواب لكسب ود هذه العاصمة او تلك، واستطرادهم في بيع اسلاب الدولة وماء وجهها الى هذا الجار أو ذاك، بل ويدخلون في لعبة عبثية سمجة يتبادلون خلالها اتهامات بالولاء (والعمالة) للدول المجاورة، والاستقواء بالجار على ابن البلد، الامر الذي يشكل معادلة يكون معها التذكير بسيادة العراق لا اهمية له قبل ان يُظهر اهل العراق، من الساسة والمتنفذين واللاعبين واصحاب القرار والكواليس، حرصاً وخوفاً وعطفاً وغيرة على العراق أكثر من الجيران.
وساكون واضحاً بالقول: ان الدول المجاورة تستضعف العراق ليس في حلقات قوته العسكرية او البشرية او الاقتصادية، وإنما في جوانب اخرى تتعلق بالسياسات والصراعات الداخلية والمواقف التي لم تكن راشدة، وهي نفسها تشجع استباحة سيادة العراق، وساكون اكثر وضوحاً لاقول: نعم، ان العراق ليس ضيعة لأحد، ولا يجوز، في الظروف الطبيعية او في غيرها، ان تتعامل أي دولة، او أية جهة مسؤولة فيها، وكأن العراق مكب للنفايات او ساحة لتصفيات الحساب..
لكن (انتباه) سيكون لكل هذا قوة الردع والبأس لو ان اصحاب الشأن والنفوذ تعاملوا مع العراق بوصفه عراقهم.
***
“الحكمة هي صاحبة الشّريعة،
والأخت الرّضيعة لها”.
ابن رشد