ما يحدث في قضية البرلمان والاستجوابات لا يعدو – من زاوية معينة- عن فصل من الكوميديا.. فصل واحد مسلٍ والبقية رطانات.. إذ ل بد ان يتبعه السؤال الجاد: وماذا بعد؟
كان شارلي شابلن يقول: يبدأ الجد حين ينتهي الهز.
شابلن، الذي كان يعلن انه لا يحب الجد، لكن الجد، مثل الدم، يجري في عروقه، فلا يمكن للحياة ان تمضي في طريق الهزل واللعب والمقالب الى ما لا نهاية، ولا يمكن لها ان تكون جادة، متجهمة، مُستنفرة على الدوام.
لقد انشغلنا، واستغرقنا، بالضحك طوال هذا الفصل العجيب، وأزيد مما هومُحتمل، وشاهدنا فنونا من المضاحك والتسليات السياسية فيما بعض الهزل كان كوارث طاحت على رؤوسنا مصحوبة بالعويل والخراب والدماء، وبالمقابل ظهر لهذا الهزل ابطال ومخرجون وجمهور، وتجار خردة عكفوا على ترويج وعي عام مهزوز، وقد حذر على الوردي من اغواءات الجمهور حين يستسلم الى ثقافة مهزوزة.
ولأسباب معروفة، واخرى غير معروفة، فان لاعبين كثيرين في ساحة السياسية عملوا، ويعملون، على إطالة شوط الهزل، ومنّوا النفس ان لا يخرج العراق الى فضاء الجد والبناء والسلام، وهكذا، يبدو اننا انتجنا سياسيين للهزل اكثر مما انتجنا سياسيين للجد، وهذا يفسر لماذا كانت الاستجوابات او التهديد بها اقرب للهزل منها الى الجد.. لنتذكر "ميثاق الشرف" الذي له علاقة بهذا الفصل مثلا:
اين صار؟ .
عمليا، ومن الناحية المنطقية، ينبغي ان تتوقف، الان، سيناريوهات الهزل السياسي والمسرحيات التهريجية وتمارين التسقيط ولي الايدي ولغة استعراض القوة ذات الرائحة بالتحشيد الانتخابي المبكر، فقد اصبح كل شيء واضحا، وهو ختام فصل الكوميديا: انتم تحشدون للانتخابات القادمة ايها السادة، وتبدأون حملتكم مبكرا من فصل الاستجوابات الهزلي..
فلا تضيعون وقتكم، بين من يخشى الخروج من الهزل هاربا من استحقاق النقاط والحروف.. وبين مَن يتطلع الى مرحلة الجَدْ، ليضع النقاط على الحروف.
********
حكمة ايرانية
"من يجلس فوق مقعدين يسقط بينهما".