تأني رئيس الوزراء حيدر العبادي في الاعلان، وحتى الايحاء، عن خياره في السباق الانتخابي، وإبقاء هوية وعنوان الكتلة التي سيخوض فيها هذا السباق طي البحث والدراسة والتقييم، يعني انه يعكف على تفكيك خطوط التنافس وبالوناته المبكرة وتسريبات جس النبض، وهو ايضا بصدد رصد اتجاهات الرأي العام، واشواق الجمهور الذي تابع عمله وسلسلة المعابر التي اعطى من فوقها اشارات الكفاية والنزاهة ومؤشرات مستقبل برنامج الاصلاح الذي تبناه، وإن تعرض الى عثرات وتحديات ومقاومة ضارية، جنب سوء الفهم، او هشاشة قاعدة الانطلاق.
وإذ نقوم بقراءة هذا التأني من زاوية موضوعية ومستقلة، فاننا نستبصر حكمة الرجل لجهة عدم التورط في خوض انتخابات الولاية الثانية ضمن قائمة مثقلة باسماء الفاشلين الكبار وابطال التعدي على المال العام والمحمّلين باوزار خيانات الوظيفة والمسؤولية الوطنية واولئك الذين تركوا الارض للدواعش المغيرين، وعرضوا الالاف الى محن الموت بايدي العصابات الارهابية، الامر الذي يحتاج الى فريق من النزهاء والاكفاء واصحاب الايادي النظيفة والجباه الناصعة والبعيدين عن شبهة المتاجرة بالدماء وإرشاء الذمم وعفة الناس، والذين لا يبيعون فرص العمل بالمزادات، او يبيعون الوطن باموال مغسولة ومعبأة باكياس القمامة. والعبادي اذ اكد، قبل حرب تحرير الموصل، وبعدها، ان لمكافحة الفساد والفاسدين اولوية لحكومته، وانه آن الاوان لاسترداد أملاك الدولة التي جرى الاستحواذ عليها من الاحزاب والزعامات السياسية في غفلة من القانون، لا يصح ان يضع اسمه في مشروع انتخابي جنب اسماء اولئك المطلوبين للعدالة، وتتجمع تحت يديه ملفات لا تُدحظ عن ثرائهم الحرام الفاحش، وستكون الفرصة مواتية ان تُسحب الشرعية الديمقراطية من نواب وساسة دنسوا هذه السمعة وحولوها الى خرقة مسح لذنوبهم الفاقعة.
وفي هذا، يستطيع المراقب المحايد ان يرصد الضغوط التي يتعرض لها حيدر العبادي لكي لا يخرج على سرب الفساد لانتخابات العام 2018، في حين تتولى اصوات «مختارة» من النائبات والنواب (ليس من دون خطة وتنسيق وتناوب) اثارة غبار الشكوك والطعون في منهج العبادي الواقعي، ونطالع يوميا روايات مسيئة وتشهيرية بادارة حرب تحرير الموصل، وقد بلغ باحدى النائبات ان تسخر حتى بشهادات كبار الخبراء الاستراتيجيين الدوليين حيال مأثرة المقاتل العراقي في تحرير ارضه عندما يجد قادة الدولة والجيش معه في خطوط التماس مع العدو“ وقالت اخرى اننا سنكتشف اننا ما زلنا في المربع الاول. ورقة العبادي في خارطة التنافس الانتخابي المقبل ليست مثل بقية الاوراق، ورقمه يختلف عن الارقام، وعلى بابه يتزايد امتداد طابور المناصرين، وبعضهم يبحث عن مظلة واقية من الحساب.. وما ادراك ما الحساب.
***
ارسطو: “الأفعال الفاضلة تسر من يحب الفضيلة“