التداول السلمي للسلطة هو التداول السلمي للكرسي في اختصار بلاغي لقاعدة:
"لكل حاكم وقت يجلس فيه على الكرسي"
لكن سحر الكرسي يثير، حين نتأمل تجارب الحكم في العراق، شهية موازية تتمثل في التشبث به والتنكيل والتآمر لمنع الاخرين من الوصول اليه.
*******
للكرسي اربع قوائم، ويقال انها وُضعت لاول مرة (في قديم الزمان) على هدى ارتكاز الحيوان على اربع، واقدم انواع الكراسي اخترعت لمقام السلطان وكانت من غير مسند “ليسهل الدوران عليها" وسرعان ما وُضع لها المساند (اللعنة عليها) لكي تريح الحاكم وتستبقيه اطول وقت.
ثم تطور تصميمها لتكون على هيئة اسود او ذئاب او صقور او ثعالب لتشيع المهابة والخوف في قلوب الجمهور، وكان البعض من اولئك السلاطين يتمثلون اخلاق وجموح وعنجهية تلك الحيوانات، وعُرف انها كانت تتنقل (والسلاطين عليها) على اكباش مدربة، او على اكتاف رجال اشداء، بعضهم من الاسرى او السجناء او ممن يراد إذلالهم.
*******
بعد تجربة مديدة اكتشف صناع الكراسي حاجة السلطان الى الاسترخاء الى الوراء فاخترعوا “الكرسي الهزاز” الذي يضمن لصاحبه كفاية من الراحة، ولطالما نام السلاطين على تلك الكراسي، وخلدوا الى الراحة عليه من “عناء الحكم” و ”قطع الرقاب” وبعضهم كان يصدر قراراته الخطيرة والمصيرية من عليها، وفي عهود لاحقة روّج بعض السلاطين القول ان هذا الكرسي الذي يجلس عليه انما هو “موضع قدم الرب" وذهب ابن مسعود، وهو يتبحّر في فقه الكرسي السماوي ليعلن ان بين هذا الكرسي والماء خمسمائة عام، لكن المؤرخ الشهرستاني قال:
ان العرب اهدرت من الدماء في التطاحن على الكرسي اكثر من الدماء التي سفحوها في حروبهم مع الاقوام الاخرى.
كان ذلك في الماضي..!!
ـــــــــــــــ
"احـلام الحقـد تلـد وحوشـا"
غويــا