للطائفية لغة خاصة بها.
لغة مخاتلة.
زئبقية.
متآمرة.
مشحونة بالتأليب والغل والتعبئة ضد الآخر، لكن بمفردات وعبارات تفيض بالرحمة المغشوشة، والموضوعية الشكلية، وبالاستطرادات المنتقاة بعناية من محضر الانشقاق السياسي الذي عصف بالخلافة والدولة والادارات الاسلامية المتعاقبة.
والاكثر دقة، انه صار لكل فريق طائفي لغته وايماءاته وتاويلاته وادبه الفقهي– السياسي .
يتجه بك من العام المتفق عليه(او هكذا يبدو) الى الخاص المختلف فيه (وهو المهم) لكن عبر انشاءات شديدة التعرج، لنكتشف في النهاية ان (العام) الديني لم يكن عاما، بل ديباجة افتتاحية لحشوة (الخاص) الطائفي الاستئصالي.
اللغة الطائفية ليس سوى جملة تتخذ من الدين رداء (أو هوية) لها.. جملة متكلفة البناء، مشوّهة العرض، متضاربة الترجيع والتنصيص.
الاخر، بالنسبة لفريق طائفي (لا يُحدد بالاسم) هو موضع اتهام بالخطل والعناد. لا يريد الاعتراف بالحقائق المدعومة بالايات القرآنية الموثقة، وبالاحاديث المتفق عليها.
والآخر، نفسه، قد يبدو (لفريق آخر) فكرة مشيدة على الضلال والبُدَع والانحراف والجهالة.
قد تلجأ الجملة الطائفية الى تسفيه الاخر بواسطة تسفيه طريقة تفكيره، او طريقة التعبير عن قناعاته.
تقول لنا: انظروا لهم كيف يجمعون حججهم من قمامات الكتب..
او: كيف يتعاملون مع الدين المشترك بانتقائية مقصودة..
انهم يسيئون له.
في هذه الجملة لا يبدو الحق (في بعده الطائفي) إلا بوجه واحد، نهائي، شامخ، لا يطاله الشك، ولا يصمد امامه اعتراض، وهو هنا يساجل اضعف حجج الآخر، وليس اقواها او اكثرها قربا للمنطق، ويعكف على ليّ المعاني لتتطابق مع مسطح التحريض السياسي.
الفقه، في الجملة الطائفية، يوظف نفسه، في خدمة المشروع السياسي للطائفية، والسياسة تتوظف في خدمة المشروع الطائفي للفقه.
شيء من الفقه وشيء من السياسة في نسق طائفي. اما التاريخ فانه يبدو في حمية المساجلات تاريخا واحدا، مدرسيا، لكن سرعان ما يفترق، على يد الجملة الطائفية، الى تاريخين (والدين الى دينين) يخطّئ كل منهما الآخر، إذ تقوم هذه الجملة بواجبها في انتاج البضاعة الكيدية، وذلك من خلال مبان لا أركان لها، ومعان لا اوتاد فيها.
اللغة الطائفية، المعاصرة، بحاجة الى معاينة معرفية، معملية، استقصائية..
فهي اخطر من الطائفية، نفسها.