واحد من كتب السيرة، وقد صدر مؤخراً، حمل عنوان (فريدريك دوغلاس، ملهم الحرية)، ويوصف من قبل محرر واشنطن بوست على أنه سيرة غير عادية لرجل كانت سيرته قد كُتبت مراراً من قبل.
السيرة الأولى لفردريك دوغلاس، وهو عبد حرّر نفسه، كان قد وضعها دوغلاس نفسه في عام 1845، ووصف فيها تجربته كعبد، حتى إنه وقّعها بـ (العبد دوغلاس) حيث لاقت حينها رواجاً كبيراً قبل أن يصدر كتابه الثاني (عبوديتي وحريتي).
مؤلف السيرة الأخيرة، غير العادية، (ديفيد بلايت) يولي بكتابه اهتماماً خاصاً لمعنى أن يكون دوغلاس مُلهِماً، أو نبياً، للحرية أكثر من انشغاله بتفاصيل السيرة، وإلى هذا تعزو واشنطن بوست الطبيعةَ غير العادية للسيرة الجديدة.
إنه كتابٌ في تأمل السيرة بما يغني تصوّر المؤلف عن أن فكر وعقل دوغلاس كانا كثيراً ما ينشغلان بالنبوءة، بصورة المستقبل كما يفكر فيه ذلك العبد الذي تحرر بموجب إرادته وشجاعته.
حينما دعي دوغلاس عام 1841 إلى مؤتمر بلندن بعد هربه من العبودية فقد كان يحثّ على إلغاء عقوبة الإعدام، ومن بعدما ارتقى المنصة خطيباً فإن أحد أهم الحضور، وليام لويد جاريسون، وهو من كبار المدافعين عن إلغاء العقوبة ظل يؤكد: "ببساطة لم أكره العبودية بشدّة كما حدث في تلك اللحظة"، وكان يعني لحظة حديث دوغلاس وحماسته. آنذاك بات دوغلاس من حجج مناهضي العبودية بوصفه مثالاً حيّاً على قدرة (العبيد) الفكرية في العمل كمواطنين مستقلين، فيما وجد الآخرون المخالفون لذلك أنه من الصعب تصديق أن مثل هذا الخطيب العظيم كان عبداً.
قاد دوغلاس الحملة ونجح في إلغاء العقوبة في بريطانيا. يشير مؤلف السيرة إلى أن أي خطيب لم يُسمَع في أمريكا كما سمع دوغلاس، وكان خطابه ضد عقوبة الإعدام مما ألهم الأمريكان كراهية العبودية.
لقد مات دوغلاس في منزل كان هو قد أنشأه على تلة منفردة جنوب شرقي واشنطن؛ هذا المنزل بات يمتلك قيمة رمزية كبيرة في حياة الرجل وقد دوّن فيه آلاف الصفحات من أجل الحرية.
من أحد جوانب المنزل كان دوغلاس يطل على تلال ماريلاند، الولاية التي وُلد فيها عبداً وهرب منها حراً، فيما هو يقف في جهة أخرى مقابلة من المنزل على منظر رائع من مقر الكونغرس الأمريكي ومركز التسوق، كرمز للمكتب الفيدرالي الرفيع الذي كان قد بلغه حراً.
هذه الرمزية في التاريخ الأمريكي هي ما جعلت من القصر موقعاً تاريخيا يتمتع باهتمام وطني لافت.
من مآثر دوغلاس أن المتطرفين من مناهضي عقوبة الإعدام وبعد نجاحاتهم رفعوا شعار (لا اتحاد مع مالكي العبيد)، فكان ردّ فريدريك دوغلاس: "سوف أتعاون مع أي شخص على فعل الصواب وليس مع أي شخص على فعل الخطأ". وكان هذا متوقعاً حتماً من رجلٍ كان محفزُّه المباشر للهرب من العبودية باتجاه الحرية قصة حب مع فتاة من أصل افريقي كانت هي قد سبقته إلى الحرية فأعانته كثيراً حتى تمكن من الهروب العظيم.