(غرف النساء) قصيدة تستعيد حكمة الأمهات في التفكّر بمصائر البنات، وهي حكمة يستعدن معها الخبرات والتجارب، تجاربهن وتجارب تاريخ النساء بشكل عام.
استعادة الخبرات والتجارب قد تسمح بسردٍ كثير وبكلامٍ أكثر لكن الحكمة تقتضي كثافة التعبير، فلا تكون حكمةً بغير الكثافة التي تختزل حتى لا تفيض وتومض لكي لا تغشي البصر وتوحي من أجل أن لا تفضح.
إنها قصيدة عن آلام النساء؛ عما يعتمل في سرائر النساء، في غرفهن الداخلية المغلقة، وعن الخيبات التي يمكن أن تطيح بتلك السرائر الوادعة في غرف دواخل النساء.
هي قصيدة عن خوف الأمهات على مصائر بناتهنّ لكنها قصيدة تفصح بشكل لا مباشر عن قلق البنات أنفسهن.
تريد القصيدة أن تتحدث عن الحب فتنشغل عنه بالخوف. هكذا تكون الغرف الداخلية مغلقة ولكنه انغلاق يحيا على أمل الانتظار.
هذه القصيدة القصيرة كثيفة تماماً فهي تنطوي على استعادتين؛ البنت الشاعرة تسعيد حكمة الأم، وقبلها تستعيد الأم بحكمتها التجاربَ والخبرات.
ولكن.. لا الحكمة يكفيها الاختزال لتكون حكمة، ولا القصيدة القصيرة تكون قصيدة بالكثافة وحدها.
تتطلب الحكمة شيئاً من البلاغة، بينما تحتاج القصيدة ما يبرر ويسوّغ شعريتها لتكون قصيدةً لا مجرد حكمة.
وفي هذه القصيدة تتضافر الحكمة والشعر معاً باعتماد تقنية الخاتمة التي تكون معها (الصدمة التعبيرية المفاجئة) مركزَ ثقلٍ يتمدّد ليشعّ على جسد القصيدة كله.
الخاتمة الأشد بريقاً هنا هي مطارق الرجال التي تحطم كل شيء؛ الأقفال وغرف الحب والأحزان واللا مبالاة.
المفاتيح هي الوسيلة المتوقعة لاكتشاف سرِّ المغلَق، ولو شاءت الشاعرة التوقف عند هذه الوسيلة المتوقعة والاختتام بها لكانت القصيدة مجرد حكمة ولضاع على القصيدة جوهر شعريتها.
مجاز (المطارق) هو البؤرة التي أضاءت ما سبقها من مجازات وبرّرها أيضاً.
(غرف النساء)
للشاعرة البريطانية/ الصومالية: ورسا نشاير
ترجمة: محمد عيد إبراهيم
تقول الأمهات:
ثمة غرف مغلقة
داخل النساء كافة؛
مطبخ للحبّ،
غرفة نوم للحزنِ،
وحمام للامبالاة.
يأتي الرجال، أحياناً،
بالمفاتيح،
ويأتي الرجال، أحياناً،
بالمطارق.