لقاء مع الكاتبة الكندية مارغريت آتوود: قال عني غونتر غراس:
أعتقد أنني إما أمام وزيرة أو بائعة هوى!
كتابة / جيليان تاماكي
قبل اللقاء بها كانت روايتها الصادرة حديثا "القلب يذهب في الأخير" قد حازت على إعجاب القراء والنقاد وكبار الأدباء في كندا وأمريكا، وهي أينما تذهب يلتف الكثير حولها من الصحفيين لغرض إجراء لقاءات معها وقبل وفاته التقى بها غونتر غراس الأديب الألماني المعروف في مهرجان أدب الحرب الباردة في فنلندا حيث قال لها:
"أعتقد أنني إما أمام وزيرة أو بائعة هوى، ولست متأكدا من الباقي"، هذا ما قالته لنا بعد أن تحقق لقاء معها حيث سألتها:
- - ما هي الكتب التي ستستوقفك الليلة؟
- الحق هناك عدة كتب تستوقفني الليلة وقد تكون كذلك على مدار الساعة فلابد أن يكون معي دفترا للملاحظات وقلم رصاص كي أدون عليه ملاحظاتي عن مجموعة الكتب هذه التي سأتوقف عند قراءتي لها وقد جرت عادتي عليها هكذا منذ زمن بعيد منها القصة البوليسية للكاتب البلجيكي جورج سيمنون وبطله المفتش ماغريت، ومن الكتب الصغيرة طبعة محدودة من القصائد الحديثة تسمى "الصمت" وهي لابنة عمي جانيت باركوس، ورواية تاريخية عن آثام ملوك فرنسا في القرن الرابع عشر لموريس درون لقد قرأتها من قبل، لكن يتعين عليّ مراجعتها مرة أخرى محبذة قراءتها ليلا والوقوف على ما فاتني منها، وكومة أخرى من الكتب بعضها لكاتبة الأطفال غابرييل روي.
- لماذا هذه الكومة من الكتب لغابرييل روي هناك؟
- لأنني أريد كتابة مقال عنها لإدراجها في كتاب يصدر قريبا عن مساهمة هذه الكاتبة الناطقة بالفرنسية في الكتابة للأطفال كي يطلع عليه القراء ممن بهذا العمر في أمريكا الشمالية، غابرييل روي كانت قد كتبت مجموعة من هذه القصص عندما كانت في السنة النهائية في المدرسة الثانوية عام 1950، اخترت وبعناية شديدة بعضا منها فهي من بين العديد من الكاتبات الكنديات اللاتي تميزن خلال القرن العشرين المنصرم وباتت معروفة على المستوى العالمي حالها كحال لوسي ماد مونتغمري، مازو دي لا روش، مارغريت لورانس وأليس مونرو، أنا أستمتع كثيرا بمعرفة المزيد عن قصة حياة هذه الكاتبة.
- أخبرينا عن القصص القصيرة المفضلة لديك؟
- أنا من عصر الذين نشأوا على المختارات الراقية من القصص القصيرة الأدبية الكبيرة، لذلك كنت أقرأ همنغواي، كاثرين مانسفيلد، جيمس جويس، ويليام فولكنر، مورلي كالاهان كاثرين آن بورتر، جون أبدايك وبقية جيلهم عندما كنت لا أزال في المدرسة الثانوية، وكنت أقرأ أيضا أول مختارات لروبرت ويفر من القصص القصيرة الكندية ورائعة جيمس ريني قصة "الفتوة"، ويفر له دور فعال في تطوير القصة القصيرة في كندا ومن خلال برنامج مختارات راديو CBC حيث كان أول من ساعد في نشر نتاج العديد من شعراء كندا الشباب وكتاب القصة القصيرة من بينهم أنا.
- ما الذي تعنيه الكتب المفضلة لديكِ؟ وفي أي وضع يمكن لك أن تكون؟
- من الصعب جدا أن نختار ويجب أن تكون هناك واقعية في الاختيار، فولكنر على سبيل المثال، أو همنغواي أو أليس مونرو، أو مثل "طيور أمريكا" قصة الكاتب وري مور، أو كيلي لينك، غوغول، تشيخوف، فلوبير، دي موباسان، هنري جيمس، أو راي برادبري.
- ما هو آخر كتاب قرأتيه وجعلك تبكين؟
- آه البكاء على الأعمال الفنية موضوع في حد ذاته يثيرني دائما، فقديما قالوا العمل إذا لم يجعلك تبكي هو عمل فاشل وكان هناك جمع كبير من السيدات والسادة في أواخر القرن الثامن عشر يبكون لمجرد قراءتهم لرواية عاطفية بسبب حساسيتهم العالية تجاه كل ما هو عاطفي ويعتبرون تلك الدموع علامة لقلوبهم الضعيفة، جين أوستن في "العقل والعاطفة" استطاعت أن توقف تدفق هذه الدموع بقوة بطلتها على عكس تشارلز ديكنز الذي جعل ممن يقرأ قصصه ورواياته يحمل الكثير من المناديل معه لمسح دموعه وكأن ديكنز يتعمد إجبار قارئه على البكاء الذي حمل أوسكار وايلد على أن تكون ردة فعله ساخرة عنه حينما قال: "يجب على المرء أن يكون له قلب من حجر لقراءة رواياته دون أن يبكي".
البكاء على أي عمل فني قد لا يكون له أي علاقة مع ما يتمتع به من جودة، ولكن ربما يمكنني أن أذرف دمعة من الإعجاب عندما أقرأ شيئا جميلا ومذهلا كقصص التضحية بالنفس وكذلك حكايات الشجاعة والمخاطرة إذا كان البطل أو البطلة مصيرهما الموت في هذه العملية التي تجعلني أبكي في النهاية.
- من هم الكتاب الثلاثة الذين يمكن أن تستضيفيهم لحفل عشاء أدبي؟
- كان بودي أن أدعو ثلاثة كتاب رحلوا إلى الدار الآخرة وسيكون من المناسب دعوتهم إلى حفل عشاء لأنني أود أن أراهم.
أولا: الروائي والكاتب المسرحي الكندي روبرتسون ديفيس، كان يحب وجبة جيدة من الطعام ودردشة حية، هو يمتلك خزينا من الحكايات المسلية وكان واحدا من أوائل الكتب التي قرأتها له "طاولة نقاش صموئيل" أمتعني أسلوبه الحواري.
ثانيا: الروائية الإنكليزية أنجيلا كارتر لديها معين لا ينضب من تفاصيل غريبة تتسم كتاباتها بحكم دنيوية غالبا ما.
ثالثا: الروائي الكندي وكاتب قصص الأطفال مات كوهين وهو الساحر في كتابته السريالية كان صديقا لي لسنوات، ومع هؤلاء الثلاثة أود أن أضيف: ادغار لورانس ال دوكتورو المتوفى هذا العام وقد وصف بأنه واحد من الروائيين الأميركيين الأكثر أهمية في القرن العشرين المنصرم كانت لدي متعة تناول الطعام معه في مهرجان أدبي في فنلندا عام 1980وقبل سقوط الاتحاد السوفيتي حيث وجدت الروس هناك وقيل أنهم من الكي جي بي (الاستخبارات الروسية).
وجدت كذلك هناك كاتب حقيقي هو غونتر غراس كان يعتقد أنني كنت إما وزيرة أو بائعة هوى، هؤلاء جميعا كنت أحلم بهم يقفون على بابي لأقول لهم: مرحبا بكم أيها الأصدقاء القدامى، أدخلوا كندا باردة من الخارج.
عن / صحيفة نيويورك تايمز