دفاعا عن ثورة العشرين ولم أذكر فيها أسماء الأشخاص المنقودين لعدم ضرورة ذلك و للنأي عن شخصنة الموضوع:
ثورة العشرين في مرمى الشتامين الجهلة!
لا نكاد ننتهي من التصدي لحملة أكاذيب وشتائم وتشويه لرمز من رموز العراق والعرب والمسلمين، حتى يبدأ النفر المشبوه من مدرسة بول بريمر ومعاهد الصحافة الممولة من بريطانيا وغيرها حملة أخرى. فلم تكد تنتهي حملة التشنيع والهجاء الطائفي ضد العرب والعروبة والإسلام "الدين والتراث الإيجابي"، وضد صلاح الدين الأيوبي، وما استتبع ذلك من إنكار لوجود المسجد الأقصى في القدس - الأمر الذي سيثلج قلب ليبرمان وأمثاله - حتى دعا كاتب معروف على مواقع التواصل لتحويل موقع المنارة الحدباء إلى مراحيض عامة متبعا خطى من سبقوه في الدعوة لتحويل ما تبقى من مساجد الفلوجة إلى مراقص وملاهي ليلية بعد قصفها، ثم تبعه بيومين أو ثلاثة شخص آخر تسانده كاتبة على الفيسبوك إلى إطلاق حملة معادية لثورة العشرين الوطنية ضد الغزاة المستعمرين البريطانيين.
ولن أذكر أسماء المتطوعين الجدد في هذه الحملات المشبوهة والتي يبدو أنها مخطط لها جيدا، لن أذكر أسماءهم، إذ يبدو أن البعض منهم يريد أن يشتهر على طريقة المفضوح هيروستراتوس الذي أراد أن يدخل التاريخ بأقذر فضيحة أخلاقية، فأحرق معبد الجميلة أرتيميس (إلهة الصيد الأغريقية).
المشكلة هي أن هؤلاء الكتبة لا يقولون ما يمكن الرد عليه علميا، بل هم يهرفون بما لا يعرفون ولا يفهمون.
إنهم يجهلون حتى ما يهاجمونه ويشتمونه بضراوة البلطجي الغبي المستأجَر.
فثورة العشرين عندهم مجرد ( حلف منفعة بين إقطاعيي الأرض وسدنة الكهنوت رفضوا مشروع عراق حديث ثم هزوا ذيولهم كالكلاب بعد أن ألقى لهم البريطانيون بعظمة الإقطاع!).
و هذا الشخص الشتام هنا يجهل حتى ما يشتمه، ففي الجملة نفسها يفهم القارئ أن الاقطاعيين قادوا الثورة ثم يقول أن الثورة فشلت حين ألقى المحتلون بعظمة الاقطاع للثائرين، فهل تحالف الإقطاع العراقي (هو يقصد هنا العشائر العربية العراقية وشيوخها) غير الموجود، مع سدنة الكهنوت (هو يقصد رجال الدين الوطنيين الذين انحازوا الى الثورة)؟
هل حدث ذلك قبل أن يفبرك البريطانيون الإقطاع كطبقة مصطنعة من خلال قانون "اللزمة" الذي هندسه الخبير الاستعماري البريطاني السير آرنست داوسن وطبقته حكومة النظام الهاشمي التابع لبريطانيا في الثلاثينات، أم بعدها؟
إن الاقطاع والإقطاعيين بشكلهم ومضمونهم الطبقي المعروف لم يكن لهم وجود في العراق آنذاك، بل كانت هناك قبائل وعشائر تعيش اقتصادا زراعيا مشاعيا والقبيلة أو العشيرة هي مكون مجتمعي وليست طبقة اجتماعية كالإقطاع يا فهيم!
وقبل البريطانيين حاول الوالي العثماني مدحت باشا تطبيق قانون الأراضي العثماني وذلك ببيع ومنح الأراضي الأميرية الى القبائل وسكان القرى ولكن محاولته فشلت وانتهت بانتهاء حكمه.
إذن في عراق العشرينات من القرن الماضي، لم يكن هناك إقطاع تقليدي، بل كان هناك ما يسميه حنا بطاطو اقتصاد الديرة المشاعي أو الممالك المشاعية المكتفية ذاتيا / ثلاثية العراق ك 1 ص100".
أما عن سدنة الكهنوت، فهم كأي فئة اجتماعية، وقف قسم منها ضد أسيادك البريطانيين المحتلين ومع الثورة، ووقف قسم آخر ضد الثورة، أو اختار الصمت والحياد ظاهرا والتآمر ضدها سرا، كما يروي علي الوردي تفاصيل الثورة في مجلداته الستة التي تحمل عنوان "لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث" رغم تحفظاتي الكثيرة على منهجية الوردي التأليفية.
أما زميلته الأخرى التي تشتم ثوار العشرين وتصفهم بالعبيد، وتصف الثورة بأنها ( ثورة قبيحة أضاعت فرصة العراق بالوصول للعالمية كمثيلات للوجود البريطاني أمثال الهند وهونغ كونغ والارجنتين وسلطنة عمان والخ ) فهي تختم منشورها الركيك مخاطبة آباءنا وأجدادنا الثوار بالصراخ: ( بئساً لكم ولتاريخكم الاسود المليء بالأخطاء الشنيعة ).
إن هذه السيدة ليست أكثر ذكاء من زميلها القائل بوجود الإقطاع العراقي في العشرينات والذي ألقى له البريطانيون بعظمة الاقطاع في الثلاثينات، فهي لا تعرف - مع أن الخبر معروف حتى للصبية في المدارس الابتدائية - أن الهند حررها المهاتما غاندي من الاحتلال البريطاني بالقوة الشعبية المنظمة والهائلة، وبثورة لا تختلف عن ثورة العشرين إلا بالأسلوب التطبيقي، فغاندي اختار طريق المقاومة والثورة السلمية "أسلوب اللاعنف" وثوار العشرين امتشقوا أسلحتهم البدائية كالفالة والمكوار لمقاومة الغزاة! فقليلا من الخجل و نزرا يسيرا من الدقة في اختيار شتائمكم وتلفيقاتكم وإلا طردكم مشغلوكم وأسيادكم من الخدمة!
*السيدة المذكورة تعدد إنجازات المحتلين البريطانيين وتذكر من بينها إنشاء "نادي العلوية"! هنيئا لها ولمن معها في هذا النادي..
بقي أن نعرف من رعى وأدار ويدير هذا النادي ..
حزر فزر؟!
وأخيرا هل يعلم هؤلاء الشتامون أن ثورة العشرين ( بدأت في بغداد - حيث لا إقطاع ولا سدنة كهنوت كما يقول المشنِّع الجاهل - في صيف 1920 بمظاهرات شعبية خرج فيها العراقيون ضد الاحتلال البريطاني للعراق/ موسوعة المعرفة، مادة ثورة العشرين)، ثم امتدت إلى الفرات الأوسط لتتحول إلى ثورة مسلحة بالأسلحة البدائية وهزمت جيوش الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس في معارك ملحمية عديدة منها: الرارنجية والدغارة والعارضيات وتلعفر والرميثة وبشنة والجسر وغيرها وقتل فيها المئات من جنود ضباط بريطانيين كبار؟
*رابط موسوعة المعرفة - مادة ثورة العشرين:
http://www.marefa.org/%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B4%D8%B1%D9%8A%D9%86