ما أحوجنا إلى الراحل عمو بابا في هذه الأيام .. ما أحوجنا إلى سطوته وتفرّده في فرض كل أساليب الاحترام والتوقير لمعنى الانضمام إلى المنتخب الوطني .. والأهم أننا في حاجة شديدة إلى اتحاد لا يتورّع عن فرض هيبة المنتخب على أكبر اللاعبين وأشهرهم فضلا عن أدناهم شهرة وأقلهم نصيبا من الأضواء!
كان صواب عمو بابا يطير حين يسمع مجرد السمع أن لاعبا اعتذر عن الانضمام إلى المنتخب، وكان يمارس (ديكتاتوريته) المفرطة مضطرا لا مخيرا من أجل أن يرد الصواب إلى أكثر من نجم اعتذر في ما مضى عن الالتحاق بالمنتخب إما للمرض أو للدراسة أو لظروف عائلية أو للالتحاق بصفوف ناديه، ولم نسمع في زمن عمو بابا والاتحادات التي عايشها في السبعينيات والثمانينيات أن لاعبا رفض إكمال التدريب مع المنتخب أو السفر معه لمجرد يقينه بأنه سيجلس على دكة الاحتياط وأنه لن يشارك كلاعب اساسي في مباراة دولية!
أتصور أن لاعبا مثل حسين سعيد أو عدنان درجال أو فلاح حسن فكر ذات يوم في أن يتخلـّف عن تدريب المنتخب لإظهار نجوميته أو جماهيريته، فما كان من (شيخ المدربين) إلا التوعّد بالويل والثبور وعظائم الأمور، وكان زعله يطول على اللاعب، فلن تعود العلاقة إلى مجراها الطبيعي حتى لو انتظم النجم في أدائه سنوات عديدة ..
وقد لا يمنح عمو بابا لاعبه (المتخلف) رضاه حتى الموت كما فعل مع بعضهم!
كل تسول للاعبين أنفسهم أن (يرتكبوا) تصريحات غاية في التردّي من قبيل ما صرّح به لاعب معروف من أنه سيفضل ناديه على المنتخب ، لأنه لن يجد مكانا أساسيا مع منتخب باسم قاسم!
نعم لقد قرأت شيئا قريبا من هذا المعنى قبل أيام، وهالني أن أجد لدى لاعب مهم مثل هذا المستوى المتدني في التفكير ازاء المنتخب ..
ولا أدري ماذا سيحلّ بنا إذا فكر كل لاعب من اللاعبين بطريقة ( ألعب أساسيا أو لا التحق ) ثم قد يقول في منتهى التحدي والفظاظة : (واتحدى اتحاد الكرة أن يوقفني عن اللعب مع النادي)!
أرجو أن يكون ما قرأته أو ما يجري على ألسنة قلة من اللاعين، غير صحيح بالمرة، وأتمنى من قلب محب ألا يكون مثل هذا التصريح وبهذه الكيفية الغريبة العجيبة قد صدر عن لاعب في مقتبل عمره الدولي ..
نتذكر كيف يجلس العظماء امثال رونالدو وميسي وروني على خطوط التماس بانتظار فرصة ربما تأتي في آخر خمس دقائق حين يكون كل شيء قد انتهى أو يكاد .. لكن أحدهم لم يعلن الانسحاب ولم تكن لديه نية (التخلف) .. فمن يريد أن يتذوق الشهد لابد أن يتجرّع الصبرا، كما يقول الشاعر!