لدينا نحن العراقيين خلطتنا الحصرية في كل شأن وقضية ومشكلة .. لا يمكن أن تجد خارطة الطريق لأي هدف، أو لاستحقاق، أو لحدث جار أو في الأفق ..
وكرة القدم شاهد حي ودقيق وصادق لهذه الفوضى التي تضرب أطنابها كل زاوية يمكن رؤيتها أو نتطلع للنظر لما يجري فيها! في العادة، أرفض تماما ربط كل ما يجري بالسياسة، فأنا أمقت السياسة والسياسيين ولا أملك الرغبة حتى في التطرق إليهم مدحا أو قدحا ..
لكن وقائع الأمور تشير إلى أن الفصل الأخير الذي حصل بين وزارة الشباب والرياضة واتحاد الكرة، بامتداداته التي بلغت زيوريخ، يؤكد أن للسياسة ذراعا طويلة تمتد في أوقات البحث عن حلول لكي تزيد المعضلات تعقيدا!
وعلى المستوى الشخصي ، لا أجد جديدا في اجتماع إنفانتينو وبعض المسؤولين في الفيفا مع وفد اتحاد الكرة العراقي، وعلينا ألا نتوهم بخلاف هذا .. فالاتحاد العراقي حين تضيق به السبل ويصبح محاصرا إعلاميا وجماهيريا وقواعديا – أقصد قواعد اللعبة – لا يحسن إلا ترحيل الأمر إلى الخارج بحثا عن قارب إنقاذ، وهذا أمر يحصل منذ عام 2003 والشواهد عندي وعندكم كثيرة .. ولهذا رأينا – مثلا - أن اللجنة الأولمبية العراقية التي يرتبط بها الاتحاد إداريا وماليا تنأى بنفسها منذ عام 2009 عن أية ازمة، وتكتفي بالمراقبة، وذلك بعد أن استوعبت الدرس القاسي في ذلك العام حين حلـّت الاتحاد وعيّنت لجنة مؤقتة، فدخلنا في طور التعطيل حتى تراجعت اللجنة مرغمة صاغرة وعادت شخوص الاتحاد منتصرة، وكأن شيئا لم يكن!!
نأت اللجنة الأولمبية بنفسها ، ثماني سنوات كاملة عن مأزق أو فخ اتحاد الكرة، ولم تختف الأخطاء وإنما تراكمت، فكان لابد من سائل ومسؤول يجيب الناس عمّا يطرحونه خصوصا في منعطف تهميش النجوم وحجب حقهم في دخول انتخابات الاتحاد، فماذا جرى؟
رفعت وزارة الشباب والرياضة التي كانت تدعم الاتحاد ورئيسه عبد الخالق مسعود ونائبه الأول شرار حيدر بالذات، طول سنوات قليلة مضت .. رفعت حجم الضغوط على الاتحاد بوصفها جهة حكومية داعمة وراعية وممولة و(حَـلّالة) للمشاكل في كثير من الأحيان .. وهنا كان لا بدّ للسياسة أن تتجلى في أوضح مظهر وصورة ومعنى حين استقبل الدكتور حيدر العبادي رئيس الوزراء أسرة اتحاد الكرة ودعا إلى عدم التدخل في عمله!
حين سمعت بخبر الاستقبال قلت للكثير من الزملاء وقد كنا في البصرة لمتابعة بطولة الصداقة : يا عيني !! .. صار اللعب على المكشوف تماما .. عبطان لم يعد خصما أو غريما لجهة كروية، إنما أصبح وهو الوزير (الخدمي) الميداني المميز ندّا لجهة سياسية كبرى في البلد، ولهذا فإن المشكلة ستتفاقم ولن تضع أوزارها إلا بعد الانتخابات البرلمانية وبعد تشكيل الحكومة وبيان من سيرحل .. هل سيغادر عبطان حقيبته الوزارية، أم سيتخلى العبادي عن رئاسة الحكومة!
هكذا قلتها قولا واحدا .. وقد أثبتت الأيام صحة ما ذهبت إليه .. نحن الآن في مشكلة سياسية تسبّبت فيها الحكومة بموقفين متباينين .. العبادي دعم الاتحاد ، لأن عبطان وقف في وجه الاتحاد .. أعلنتـُها جهارا قبل أسابيع، فلماذا نتخفـّى وراء أصابعنا وننكر أصل المشكلة التي بدأت كروية وباتت سياسية بامتياز؟!