في أحد المشاهد المؤثرة في المسلسل العراقي خالد الذكر (تحت موسى الحلاق) ، يخرج الصانع عبوسي ، كما في كل مرة، عن طوع أستاذه الحجي راضي، ويتحول إلى بيع الطماطة على نحو كيفي رافعا عقيرته بالهتاف: (الزينة بفلس والمَمْرودة ببلاش) .. فتصبح بضاعته نهبا لأيدي الجميع، فهي بهذا الثمن البخس تصبح متاحة مباحة، لا يعجز حتى الفقير أو المُعدم عن شرائها.. فتكون النتيجة في خاتمة المطاف انهيار التجارة بخسارة فادحة لصاحب المحل!
وهكذا.. يصبح الرابط قائما عندي الآن وأنا أحاول فهم الفرز أو التصنيف الذي تقوم عليه ظواهر شتى عندنا، حين تضيع الضوابط، وتتلاشى الفروقات، ويضيع الحسن الثمين في هوجة الغث السمين..
وفي رأيي أن كل ما يحيط بانتخابات اتحاد الكرة المقبل لا يخرج عمّا يجري في البلد منذ أمد ليس قصيرا.. فمن يملك سلطة الفرز ؟
ومن بيده القدرة على بيان الصالح من الطالح؟
من يضبط الايقاع؟
من يوقف التداعي حين يهيمن على مرفق أو مكان أو موقع؟
هذه أسئلة تغنيني عن أية إجابة كنت سأبحث عنها، وأنا اتحدث تحديدا عن المعركة الكروية الانتخابية .. المعركة التي يخوضها بعض رجالات اللعبة فرادى شأن أي منهم شأن العداء الذي يفوز في سباق الجري لمجرد أنه يخوض السباق لوحده دونما منافس اخر على المضمار.. بعد أن خلت الساحة أو تمّ إخلاؤها!!
كما أنها أسئلة تحيلني إلى سؤال أراه مهما ويحتاج إلى وقفة تمعّن: لماذا نطالب اتحاد الكرة العراقي بأن يكون استثناء عن قاعدة تـُسيّر كل شؤون البلاد؟
هل ثمة مسؤول في موقع مرموق ترك الكرسي لغيره هكذا طوعا سلميا تداوليا؟
من فضلكم أريد نموذجا واحدا ابتداءً من أعلى هرم في السلطتين التشريعية والتنفيذية حتى نصل إلى المرفق الرياضي ولا نجد لدى اللجنة الاولمبية العراقية وزعامتها الحاكمة منذ تسع سنوات غير البحث عن التمديد بالتعطيل سعيا وراء التجديد بالانتخاب؟
ثم ماذا نجد في أنديتنا التي تمثل عصب الحياة للرياضة غير ممتلكات خاصة للرؤساء والزعامات التي تعمل منذ سنوات بعيدة وليس في نيتها التنازل عن صكوك الملكية؟! كل شيء.. كل موقع.. كل كرسي عندنا مُسجَّل رسميا أو عرفيا أو انتخابيا لدى دوائر التسجيل العقاري ، فلماذا نريد لاتحاد الكرة أن يتغير من دون أن نلقي نظرة على كل ما يجري حولنا من ملكيات وضِـياع (جمع ضـَيعة) وعِـزب (جمع عـِزبة)؟!
اتحاد الكرة العراقي أنصع وأوضح وأبلغ صورة للمشهد الحياتي الشامل في العراق.. علينا أن نسجل اعترافنا هذا، ونسجل في الدورة الانتخابية الجديدة أن في مجلس إدارة الاتحاد من هو كفء حقا، ومن هو جدير بالمكان الذي شغله أو يشغله ، ومن هو هامشي أو مُهمّش، ومن يقوم بدور واحد هو افتعال المشكلات على الشاشة، ومن لا نكهة أو طعم أو دور له !! في الاتحادات الكروية الثلاثة الماضية منذ عام 2004 ، كانت لدينا هذه الخلطة التي يسهل علينا فرزها حتى لو تمّ الأمر على طريقة عبوسي ، لكن الأمر استصعب كثيرا ، وسيصعب في المرة الرابعة على الهيئة العامة صاحبة الحق والقرار في الفرز ، لأنها إما غائبة تماما
أو محكومة بالمصالح الشخصية!!