لاأمتع، ولا أروع، ولا أسخن من البريمير ليغ حتى في مواسم ذبوله وانصراف فرقه عن درب الأضواء والنجومية، أو هكذا كنا نتصور خطأً بالطبع! ففيعز تجلي ظاهرة الميرينغي– البلوغرانا عالميا وبشكل غير مسبوق منتصف العقد الماضي، كنا على قناعتنا الراسخة نقول إن الدوري الإنكليزي هو الأبقى، وهو الأكثر قدرة على الإبهار، لأنه ببساطة دوري وإن كان يضم كبار الأندية، فإنه لا يضم بالمقابل صغارها.. ففي السباقالأسبوعي، وفي لحظات المفاجأة، تتضاءل المسافات، وتصبح التوقعات البعيدة المستبعدة واقعا نعيشه في دقائق المباريات!
ولهذا احتفظ الدوري الإنكليزي بكل توهجه، حتى حين كان منتخب الأسود الثلاثة بكل عنفوانه التاريخي يتعرّض للهزات والنكسات أوربيا وعالميا.. توهج بقي ثم ارتفع سقفه حين تخلـّت الأندية الإنكليزية تماما عن تزمتها، وفتحت أبوابها مشرعة أمام نجوم اللعب والتدريب من جنسيات عالمية شتى كي تنضم إليها وتنطق بلسان الإبداع!
أما السر الكبير الذي يكمن وراء تألق المباريات المحلية الإنكليزية، فيعود بالدرجة الأساس إلى تلك المنظومة المتماسكة التي تدير المسابقة وأعني بها (رابطة الدوري الإنكليزي الممتاز) والتي تمسك بالزمام، فلا تغيّر، ولا تحذف، ولا تؤجل، ولا تقدم أو تؤخر إلا ما ندر ولأسباب قاهرة.. ذلك لأن نِصاب هذه الرابطة يتألف من قيادات تنظيمية متمرسة لم تتسلل إلى اللعبة من منطلقات اجتماعية أو عشائرية أو حزبية.. انتماؤها لمهنتها، وولاؤها للمسابقة التي يجب أن تستمر وتنمو على هذا النسق العجيب الذي لا نرى له نظيرا في كل بقاع الدنيا! ما يلفت الانتباه حقا، أن هذه الرابطة ترأسها اليوم امرأة، وهي سوزانا دينيدج ذات التسع والخمسين سنة، والتي عُـينت مديرة تنفيذية للبريمير ليغ في شهر تشرين الثاني الماضي، والأكثر لفتا للانتباه أنها إعلامية تولت هذا الموقع وقد تركت رئاسة إحدى القنوات المتخصصة في عالم الحيوان!
انطلق دوري الدرجة الأولى الإنكليزي لكرة القدم عام 1888 تحت هذا المسمى، وفي عام 1992 حمل تسمية (البريمير ليغ) من دون أن يتم السطو على تاريخ المسابقة أو على الأندية التي أحرزت ألقابها، برغم المتغيرات التنظيمية العديدة التي أجريت عليها! في النسخة الحالية من البريمير ليغ، ظهور مميز للأجانب.. ظهور له تأثيره العملي والفعلي، والدليل وجود 368 لاعبا من 63 جنسية مختلفة، وهذه أكبر خلطة يشهدها أي دوري على امتداد المعمورة، لكنها خلطة متجانسة تؤتي أكلها في أغلب الأحيان!
ووفقا للإحصاءات التي نشرتها مجلة (ماتش) الإنكليزية الأسبوع قبل الماضي، فإن اللاعبين الفرنسيين لهم القدح المُعلّى على هذا الصعيد، إذ يبلغ تعدادهم في الأندية الإنكليزية هذا الموسم 33 لاعبا، ويليهم في الترتيب العددي اللاعبون الإسبان ويبلغ عددهم 28 لاعبا، ثم يأتي دور اللاعبين القادمين من بلاد السامبا البرازيل وعددهم 23 لاعبا، وفقا للمجلة الإنكليزية نفسها! ولكن من هو (النادي الأجنبي) في إنكلترا، أعني النادي الأكثر ضمّا للاعبين القادمين من خارج الجزر البريطانية؟!
الإحصائية نفسها تشير إلى نادي تشيلسي اللندني الذي تضم قائمته لهذا الموسم 26 لاعبا أجنبيا.. تخيلوا!! وقد ترك المركز الثاني لنادي واتفورد الذي يقلّ عنه بلاعب واحد.. ولكن ماذا عن النادي الأقل استقطابا للاعبين الأجانب في انكلترا؟ تقول المجلة إنهما ناديان : شيفيلد يونايتدوبيرنلي، ولا يضم كل منهما سوى 11 لاعبا.. فقط!!