نطرح في العادة سؤالا عن ماهية النجاح أو الفشل في مباريات كرة القدم والمقياس الذي نتبناه في رصد أي من الحالين؟! للوهلة الأولى يبدو السؤال عاما عائما ربما يثير الاستغراب بأكثر مما يدفع إلى التفكير أو التخيل..
فالمنطق يقول إن الفوز ركيزة من ركائز الحكم على أي فريق، وكذلك الحال بالنسبة للخسارة التي قد تأخذ شكل الهزيمة أو النكبة أو الانهيار، فهي مؤشر صادق للحكم على ما يصيبه فريق من فشل أو خيبة. وفي إطار البحث عن الإجابة، قد يكون لدى أهل الكرة تصور أوسع من دائرة الفوز والخسارة، فيرون في قدرة أي فريق على التواصل وعلى تفريخ النجوم، دلالة أكيدة على النجاح لا صلة لها بالفوز المجرد أو الخسارة الرقمية..
لكن لدى مجلة (انسايد يونايتد) الشهرية التي تنطق بلسان القطب الانكليزي العتيد مانشستر يونايتد، وسيلة أخرى لإثبات النجاح .. وسيلة ربما لم تكن متاحة في حسابات أندية أو فرق أخرى عرفناها، سواء كانت رفيعة المقام أو مغمورة الشأن. تقول المجلة التي توزع مائة وخمسين ألف نسخة إن (الإزاحة) هي المقياس، ولا تعني هنا أحد القوانين الفيزياوية، بقدر ما تعني قدرة أي من مانشستر يونايتد أو ليفربول على إنزال الصواعق ببعضهما البعض وهو ما يؤدي في الغالب إلى إزاحة المدربين من مناصبهم كنتيجة أو انعكاس لديربي شمال غرب انكلترا وهو الاسم الشائع للقاءات الطرفين.
وفي إحصائية مصورة، تقول المجلة إن أبهى مظاهر نجاح السير المتقاعد اليكس فيرغسون مع المان يونايتد أن عهده الممتد من 1986 وحتى الآن قد شهد إزاحة سبعة مدربين عملوا مع ليفربول وربما يكون السابع على طريق الإقصاء، نظرا لأن جمهور الانفيلد لا يحتمل أبدا خسارة بأي شكل من الأشكال أمام مانشستر يونايتد. المدربون السبعة الذين طبق عليهم السير الانكليزي العجوز الذي دخل مؤخرا السنة الحادية والسبعين من عمره، هم كيني دالغليش (1985-1991)، روني موران (1991)، غرايم سونيس (1991-1994)، روي ايفانز (1994-1998)، جيرارد هولييه (1998-2004)، رافايل بينيتيث (2004-2010)، هودغسون (2010 -2011)، قبل أن يعود زمام القيادة التدريبية إلى نجم ليفربول الأسبق كيني دالغليش في هذا الموسم!
تقول (انسايد يونايتد) إن المدربين السبعة قضوا تدريبيا بسيف السير فيرغسون بجانب أسباب موضوعية أخرى.. وهذه نقطة لم يلتفت إليها أحد من قبل.. ولا غرابة في الأمر، فدريبي شمال غرب انكلترا هو الوجه (النموذجي) للعداء والخصومة والكراهية في كرة القدم وهو المناسبة التي يردد فيها المدربون عبارة (إني أرى رؤوسا قد ينعت..) وذلك منذ بداية هذا الديربي في الثامن والعشرين من نيسان عام 1894. وفي نظرة إلى السجل المشترك للقاءات الطرفين معا، ما يدل على نزاع مستمر متطور.. فقد التقيا 181 مرة في مختلف المسابقات آخرها في الخامس عشر من شهر تشرين الأول الماضي وتعادلا على أرض ليفربول، ملعب الانفيلد..
وفي المجمل فاز مانشستر 70 مرة وتفوق ليفربول 60 مرة.. وأعجب ما في هذا الديربي إصرار المنظمين على إجرائه بعد انتصاف النهار في إطار حث المشجعين على تفادي تناول المشروبات الروحية قبل الدخول إلى الملعب!
قل لي كما مدربا من ليفربول أقصيت، اقل لك كم من النجاح حققت، والعكس صحيح تماما .. شعار ترفعه المجلة الناطقة بلسان الشياطين الحمر.. ويتفق النجم ريان غيغز مع هذا الرأي إلى ابعد مدى، ويقول (هذا هو المقياس عندي أيضا).. ولا يمكن الاستهانة برأي غيغز ، فهو أكثر اللاعبين حضورا في تاريخ ديربي مانشستر يونايتد – ليفربول وله 40 مباراة!