كَبُرَ الجرحُ يا دمشق...
كَبُرَ الجرحُ يا دمشق...
أصبحَ أطفالكِ سبايا ورقّ...
والبحرُ خطفَ بلا رفقْ...
امتلأتْ شواطئُ الحنين...
موتًا أزرقَ الخطى...
خطفَ لونُ نسرين....
أيتها القديسة المعتمرة صبرَ أيوب...
يا دمشق الحب كنتِ ملاذَ القلوب...
ماتوا أطفالكِ على الدروب...
أصواتُهم هديلُ الحمام...
خطَّ الدمعُ على مُقْلَتيْهم ونام...
حزني عليهم مرسوم...
في القلب دقتِ الهموم ...
التصقتْ بالقلبِ المعصوم...
الدمعُ حفرَ اخدودا...
على غيابِ مريمَ وخلودًا...
أودعْتُهم في المقابر...
اقتلعوا قلوبَهم في المغاور...
كَبُرَ الجُرحُ يا دمشق...
كَبُرَ الجرحُ يا دمشق ...
انكسَرَ الحلمُ يا دمشق...
على أديم الزمن المر.....
تمدد الموت على النهر...
وتَسَوَّلتْ أصَابِعُك الصُراخ...
انحنى الجسدُ منكِ وناخ..
اتكأَ على غصنِ الياسمين ....
انتظرَ خمسُ عجافٍ تخمين...
علّقْتُ على جيدكِ الدحنون...
كي يزخرفَ كلامَ الحنون ....
صرخَ لبقايا البنفسج...
كأني أرى الياسمين عوسج...
افردْ عطركَ الحزين...
صدى الموتِ كللّ حنين...
يعودُ مع مطرِ النار...
يهطلُ على رخامكِ الموار...
يقطرُ على رؤوس الأبرياء...
تصمتُ الأرواح ومعهم الثناء...
مزقَ رؤوسهم...
حرقَ أجسادهم...
ونال من قلوبهم أشلاء...
كَبُرَ الجرحُ يا دمشق...
كَبُرَ الجرحُ يا دمشق...
الخفّاشُ منقارُه مدبب...
يأكلُ القلبَ المعذب...
حجارتُه من سجيل...
يرمي المدنَ المستحيل...
كيف يلتئمُ الجرح؟؟؟
متى يتنفس الصبح؟؟؟
لنعلنَ الخلاص...
من شظايا البارودِ والرصاص...
يمزقُ الراس..
يخترقُ جسد الناس...
شفتاكِ يا شآم تندد...
تقرأ وتردد....
قل أعوذ بربِّ الفلق...
فانشق البحر وانفلق....
على أطفالي في الغسق...
تنفسَ الصبح بالوجع...
الموجُ كرَّ وارتفع...
رفعَ طفلي وزَبَد...
تمددَ الجَسد...
الجثثُ رستْ...
على الشاطئ ارتمتْ...
لفظتْ نعومةَ الأحلام...
طفلي جثى مثل اليمام...
صرختُ لربِّ الأنام...
سرقَ طفلي الموتُ الزؤام....
لم يبقَ لي إلا المَرام...
كَبُرَ الجُرْحُ يا دمشق...
كَبُرَ الجرحُ يا دمشق...
يا دمشق تسربلتِ بالحزن...
كنتِ ملاذًا للعشق والأمن...
يا دمشقَ يا فجرَ الصباح...
يا أرجوحةَ الحبِّ الذَّباح....
يا عبقَ الزيزفون في الأرواح...
يا نعاسَ العيونِ الكحيلة...
يا حسناءَ برموشها الخميلة...
صارَ الموتُ حاكمًا....
والبحرُ خطفَ حكيمًا...
النارُ استعرتْ بشرارة...
حرقتِ الناسُ بحرارة...
الذاكرةُ أصبحتْ مثقوبة....
والعينُ اقتُلِعتْ مغدورة...
سكينُ الذبحِ حاضرةٌ....
تجزُّ الرقابَ مسعورة...
هناك وحشٌ في الساحة...
والرحمُ تقطَّعَ وارتاح....
من ينجبْ أطفالا غيرك ....
من يرى ابتسامةَ ثغرك...
من يحضرْ يومَ فرحك...
الرصاصةُ دخلتْ قلبك...
والجرحُ تجددَ في عمرك...
كَبُرَ الجرحُ يا دمشق ...
كَبُرَ الجرحُ يا دمشق...
على مدارِ خمسٍ عجاف....
اختفى الصوتُ وانتهى الهتاف....
كلهم رحلوا على الأكتاف...
لم يبق غير خفافيش الظلام على الأحقاف.....
كّبُرَ الجرحُ يا دمشق...
كَبُرَ الجرحُ يا دمشق....