اسمحوا لي أولاً أن أقرأ هذا العنوان المضطرب، هناك غالبيتان على وجه التحديد العام، غالبية شرقية وغالبية غربية نسبة الاختلاط بينهما تتحدر من التجاذب وصولاً إلى العبودية، ومن الإعجاب إلى النبذ ومن العشق إلى الكراهية، فيستمر الشرق في مخيلة الغربي مساحة لتطبيقاته العقلية ويتواصل الشرقي مع جذوره بانتقائية صادمة فهو عاشق للمدنية الغربية وهو نابذها وتفاصيلها في بيته ويطالب بفضح عقلانيتها المُستبدة وهو عبدها .
حين نقول الغرب نعني ما نقول فالتجانس في الرؤى والتناغم في التطبيقات، فإذا حدث خلاف فسببه البحث عن أفضل الطرق للوصول إلى المزيد من التحصين والمزيد من القوة التي تكشف أعماق الشرق وسبل الوصول إليها، وحين نقول الشرق يتشتت القصد وتضيق العبارة فنحن أمام خرائط من الخراب المهيمن رغم ثراء العمق في سائر التكوينات الشرقية من الصين إلى الشرق الأوسط مروراً بالهند، شرق مليء بالأفخاخ الدينية والقومية تمكن الغرب من جعلها رأسماله في إدارة الوصول إلى الهدف، فكل تفعيل للأفخاخ مصدره الغرب، فهذه الحروب التي تدور رحاها هنا وهناك تتم برمجتها في الغرب وبعد حدوث الكوارث يدخل كمخلص" ميكي ماوس" .
حين تقع الكوارث يهرب الشرقيون إلى الغرب كما تستقبل جموعهم الهلعة ما ترميه الطائرات من مساعدات انسانية من غذاء وأغطية لضحايا الكوارث، حدود الغرب تكتظ بطالبي اللجوء من الشرق، وجنود الغرب وصلوا إلى أهدافهم في الشرق أو هم في طريقهم إليها، والصورة واضحة شرقي هارب من الخراب إلى الغرب، وغربي يستحوذ على كنوز الشرق . قبل نهاية ثورة الطلبة في نهاية الستينات والتي كادت ولأول مرة في التاريخ أن توحد هموم الغرب والشرق، كتب الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو يقول العالم بحاجة إلى فكر سياسي جديد يتحرر فيه اليسار من جهله المقدس، وللحقيقة فأن اليسار تحرر من جهله المقدس في العلوم الإنسانية وليس في السياسة، في الوقت الذي تحرر تدريجياً اليمين الغربي من وهم السيطرة المطلق وأستبدله بالتدرج الذي يبقي باب استثمار الأفخاخ مفتوحاً على مصراعيه .
قبل فترة وجيزة كتب فوكاياما عن الباب المسدود الذي ستصل إليه الحضارة الأمريكية والتحذير في حقيقته يمثل دعوة للفكر اليميني المهيمن إلى فتح أنفاق جديدة في الشرق فباستثمارها الحيوي تستديم الحضارة بعيداً عن الباب المسدود، وهذا الأمر يسير فالغالبية تائهة والنخب بلا هوية..
وللموضوع صلة