ورد هذا المفهوم والذي وصفته بالضبابي في مقترح الحكومة الفدرالية الجديد حول شروط منح الجنسية الأسترالية للمهاجرين، وصفة الضبابية سببها غياب الوضوح في المقصود ب"القيم الأسترالية" فالقيم ومفردها في اللغة قيمة ومرتكزها اللغوي قوٌم وتدل على قيمة الشيء وثمنه أو معادله، وتمثل القيم التوجه المجتمعي نحو ترسيخ القواعد التي تستند إليها الإنسانية والخلاصة القيم هي موجهات أو محددات للسلوك الفردي والجماعي.
لم ترد في تفاصيل المُقترح الحكومي أية إشارة إلى التعددية الثقافية وما يمكن أن تساهم به في ترسيخ القيم الأسترالية ولم يرد ذكرها كمصدر من مصادر القيم الأسترالية فهل أرادت الحكومة الفدرالية حصر القيم الأسترالية بمصدر واحد ولنقل بالغالبية الأنكلو سكسونية حيث تم تحديد اللغة، وفي التفاصيل وردت عبارات تتعلق بحقوق المرأة وكأن المهاجرين وحدهم من يسيء إلى المرأة وحقوقها التي يضمنها القانون الأسترالي وكأن الحكومة لا تعلم بأن أول ما يعرفه المهاجر ومن أي ثقافة أتى هو الحقوق المميزة للمرأة، وأن أمضى سلاح بيد المرأة المهاجرة هو القانون رغم جهل غالبيتهن له لكن رقم البوليس قد تم حفظه عن ظهر قلب وباللغة الإنكليزية .
هل يراد من تكرار " القيم الأسترالية " الانصهار وهو مستحيل وجربته أستراليا البيضاء وسبقها إلى ذلك ديفيد بن غوريون حيث أسس ما سمي بفرن الصهر الذي أريد منه خلق مواطن إسرائيلي خال من الشوائب الثقافية وفشل حتى في صهر اليهود الغربيين والشرقيين رغم أن دولة اسرائيل قامت وفقاً للدين وقيمها مستمدة من الدين، الذي يتضح من التكرار هو تكملة في سلسلة الاستجابات الأسترالية غير المشروطة لخطاب ترامب، فمن هنا تتم بروزة هانسن وتصريحاتها، ومن هناك يبدأ التلويح بتفسيرات ما أنزل الله بها من سلطان لمفهوم "حرية التعبير" وفي الصحافة حدث ولا حرج فقد كتب أحدهم في الديلي تللغراف يصف التعددية الثقافية ب الكابوس (nightmare) ويدعي بأن الشيوعية هي التي جلبت التعددية الثقافية إلى أستراليا والآن يستثمرها المسلمون ! ؟
كل ذلك من أجل ترامب الذي أوفد نائبه حيث انشغل الإعلام به وبسيرته، والنائب بدوره اطمئن بأن السفينة الأسترالية تجري وفقاً للرياح الأمريكية رغم إدراك الأستراليين بأن هذه الرياح ليس غريباً عليها الهبوب عكس ما تشتهي السفنُ !!