ليس مستغربا البتة أن يدعي تنظيم داعش مسؤوليته عن إسقاط الطائرة الروسية التي كانت تقل مواطنين روس في الأجواء المصرية في مثل هذه الظروف المعقدة، ومن الطبيعي أن تحقق موسكو في الحادثة المروعة التي فقدت فيها 217 مواطنا معظمهم من النساء والصغار، وأن لاتستبعد أي فرضية محتملة في دوافع إرهابية قد تكون وراء إسقاط طائرتها الإيرباص، وأيضا فليس من لوم على المصريين الذين يعانون من أوضاع أمنية وإقتصادية ضاغطة أن يتحدثوا عن أسباب تقنية وفنية أدت الى سقوط الطائرة، وليس إسقاطها ليشيعوا الطمأنينة لدى شركات السياحة العالمية التي تقوم بتفويج عشرات آلاف السياح سنويا نحو القاهرة ومدن الجنوب الزاخرة بالمواقع الأثرية، وبقايا حضارة الفراعنة.
تنظيم داعش يعمل في بلدان العالم التي يعتقد بضرورة التواجد فيها، وليس من الحكمة نفي وجوده من قبل حكومة ما، فليس من بلد عربي لايوجد لتنظيم داعش حضور فيه، وليس من دولة مسلمة لاتحتفظ بوجود لهذا التنظيم، بينما تشير التقارير والوقائع والمعطيات إن أغلب الدول الأوربية وأمريكا تمثل بيئة حاضنة لفكر هذا التنظيم الذي يتمدد في أوساط الجاليات الإسلامية.
ومصر واحدة من البلدان التي تعاني من وجود جماعة أنصار بيت المقدس، وتتهم الإخوان المسلمين بأنهم إرهابيون، وبالتالي لايعود الحديث عن أهمية السياحة وضمان أمن السياح ذات قيمة طالما إن الأخوان إرهابيون بحسب توصيف الإعلام المصري وأجهزة الأمن في هذا البلد.
تحدث تنظيم داعش عن وجود له في سيناء، بينما نشطت جماعة أنصار بيت المقدس خلال الفترة الماضية في إستهداف مواقع للجيش المصري وقتلت بعض القضاة ورجال الشرطة ومدنيين، وإذا كان داعش بعيدا عن سيناء فإن العمليات التي يقوم بها أنصار بيت المقدس ليست ببعيدة عن فكر ومنهج داعش.
كما إن العملية التي يقوم بها أعضاء في هذه الجماعة تكون في العادة ممالية لرغبة داعش، وربما يقوم تنظيم ما بعمل عنفي في مكان ما ويدعي داعش المسؤولية.
ربما لايكون من عمل تخريبي أدى الى سقوط الطائرة الروسية لكن مايجري في سوريا وعودة الروس الى نوع مختلف من الصراع في الشرق الأوسط وإعلان موسكو عملية عسكرية ضد داعش دفع الجهاديين الى إعلان الحرب على الروس وهم لايحتاجون الى عميق تفكير ليستثمروا حادثة عرضية وينسبوها لأنفسهم ليهيجوا الرأي العام الدولي الذي لايحتاج الى التمحيص قبل أن يعلن الإثارة والفوضى والتحسب، وهي رسالة جيدة في وقت ملائم.