تقتضي الموضوعية من الصحفي والكاتب المؤتمن من الناس ان ينقل للجمهور الحقيقة وتوصيفها بدقة متناهية وموضوعية لاتقبل المزاجية والمواقف الشخصية، وله الحق ان ينتقد ليقوم لايهدم او يمارس اسقاطاتهه الذاتية او تنفيذا لاجندات عقائدية او (توريقية) وربما للابتزاز اوتنفيذا لاسلوب خالف تعرف. لانريد ان نسرف في الحديث عن قواعد المهنة الصحفية واخلاقياتها فقد اصبحت مملة ومكررة رغم اهميتها في عالم يشهد فوضى خلاقة في الممارسة الاعلامية ولكننا رغبنا الحديث عن هيئة الاعلام والاتصالات وهي واحدة من اهم الهيئات المستقلة التي اقرها الدستور وانتظر منها المجتمع دورا كبيرا في حماية امنه الاجتماعي وسلمه الاهلي عن طريق امن المعلومات وسلامة الممارسة الاعلامية المنضبطة بالمعايير الانسانية ولوائح الحريات الدولية والاعراف والتقاليد المهنية والمجتمعية، وواجهت الهيئة منذ تاسيسها مشكلات عاصفة تتعلق في بنية تشكيلها وتمويلها واشكاليات قانونها وادائها الملتبس وسوء فهم الوسط الاعلامي لفلسفة حرية التعبير، فهنالك من يعتقد ان حرية النشر وبث المعلومة مطلقة بدون مراعاة الدقة وصحة المصدر حتى لو تهدمت الدنيا واشعلت الحرائق في كل البيوت ويعتقد بعض الجهلة ان ذلك سبقا صحفيا لايعرف الحدود ولا القيود، والبعض يعرف لكنه مكلف باثارة الفتنة والتفنن بمعول الهدم باستخدام الكلمة والصورة واستهداف عقول وعواطف الناس او محاولة لتكريس مجده الشخصي ورفع سعر اجره في مزاد الماجورين من السياسيين، ويعتقد البعض من تولى ادارة الهيئة بان تطبيق اللوائح يقتضي استخدام العصا الغليظة وسياسة القمع والمنع وربما الاعتقال لايقاف الخروقات دون مراعاة الشفافية والموازنات الادبية والظروف الموضوعية والهدف الاسمى التفاعل مع الجميع لترسيخ قيم نبيلة مهنية ووطنية بالقناعات وليس بالفرمانات والغرامات والوجه الذي لايبتسم والابواب المقفلة والبيروقراطية المتسلسلة من الاستعلامات للسكرتيرات والحرس الخاص والحاشيات. اقول واعرف ان الثقافة السائدة سجنت الكاتب والاعلامي في اطار موقف واحد لايستطيع مغادرته خوفا من سوء التاويلات، بينما تقتضي الحقيقة الحديث عن الصورة الجديدة وليست المنطبعة والاشادة بالتغييرات الايجابية الحاصلة فعلا وينطبق القول على الادارة الجديدة بل السياسة العقلانية الجديدة لهيئة الاعلام والاتصالات وانفتاحها على الوسط الاعلامي والاكاديمي بغية تطبيق المعايير بقناعة وباساليب تنطلق من روح المشاركة وليس الندية بين اطراف تتقاتل لاسيما ان الهدف واحد وهوخدمة المجتمع والتوازن مابين حرية التعبير والمسؤلية المهنية والمجتمعية والتطبيق غير المتعسف للقانون. نتطلع لتفاعل ايجابي اكبر في مرحلة مابعد الانتصار على داعش وتوقعاتنا بمراجات جريئة في نقد اداء الحكومة والبرلمان وحتى القضاء ويتطلب ذلك حرفية عالية من الطرفين وسائل الاعلام والهيئة التي يجب ان تستقطب كل الخبرات وتنمي اساليب الرصد والتحليل وتسهم بدلا من الرقابة بالتنظيم والوقاية بتنفيذ برامج تاهيل لكوادرها ولمن تتعامل معهم.
واخيرا نقول ولانجامل لابد ان تمتلك الهيئة القوة والقدرة لمهاجمة كل الابواق الصفراء الماجورة في الداخل والخارج وبالقانون فلا حرية لارهابي ومحرض ومنفلت اخلاقيا ومهنيا ونحن وكل الاعلاميين الشرفاء معها ولابد ان تعزز هذه الخطوة بتمام استقلال الهيئة بتعريق قانونها وبنيتها وهيكلها الاداري والفني لتكون الكفاءة والتخصص والنزاهة هي المعيار في القيادة وتفاصيل العمل بذلك تستطيع الهيئة ان تصمد وتنتصر على دواعش الاعلام والسياسة. ونحن بانتظار حصاد هذه النوايا الطيبة والخطوات الايجابية لتدشين مرحلة جديدة عبر ستراتيجيات معمقة وتوقيتات ذكية ومعلومة تؤكد ان الهيئة تعيش صحوة بعد غفوة وجفوة...!