ليس عيبا ان يتلقى صناع القرار ومستشاريهم دروسا ومحاضرات وورش للاطلاع على تجارب العالم في التعامل مع البنك الدولي، بل العيب تجاهل الخبرات الحقيقية الداخلية والخارجية والتورط باصدار تعليمات ومشاريع قوانين تمثل الخضوع والخنوع لاحتلال ووصاية البنك الدولي بدلا من تنفيذ الواقعي من وصاياه...!
نعم ان دولتنا ورطت نفسها في ديون ضخمة من كل البلدان والبنوك تجاوزت الارقام المسموح بها الممكنة السداد وبلغت اكثر من (125) مليارا، والعجيب ان رئاسة الوزراء مازالت تستجدي القروض بارسال الوفود او احراج الضيوف الكبار الزائرين للعراق واخرهم الفرنسي والامريكي والتركي ولو حضر الصومالي لتوسلوا اليه واقترضوا منه شحنات من الموز ولطلبوا من المورتاني دفعات من البعران والنوك العصافير لسد عجز الموازنة التي ثلم ثلثها النواب بامتيازاتهم واصحاب الدرجات الخاصة في الحكومة والهيئات غير المستقلة ونهب الثلث الثاني الفساد وماتبقى من فتات الموازنة يخصص للرواتب دون توفير السيولة الضرورية لتشغيل ابسط الدوائر والمؤسسات وبالخصوص الخدمية منها.
ولعله من الانصاف احترام التوجه الاصلاحي للحكومة شرط ان يجري ذلك بحسابات ذكية وعلمية وواقعية، ولابد ان يكون اولها اجراء دراسات مسحية دقيقة للموارد والثروات وايرادات الموازنة المتوقعة وثانيها الشروع بتعظيم هذه الموارد ومنها اموال الضرائب التي تذهب لجيوب المخمنين الفاسدين الذين يحرمون خزينة الدولة من المليارات مقابل رشى كبيرة وكان لابد من استبدالهم واعتماد انظمة رصد الكترونية لهم وللمنافذ الكمركية وايقاف عمليات تهريب النفط وعمليات غسيل الاموال وفحص المليارات التي ترصد قروضا للمشاريع الاسكانية والصناعية والتجارية وهي بالاصل مشاريع وهمية حدودها الاوراق الرسمية فقط، ولعل تفعيل الصناعات الوطنية وحمايتها ومنها منتجات وزارة الصناعة وفي مقدمتها الزيوت النباتية التي يمكن اعتمادها للحصة التموينية لتوفير مليارات الدولارات التي تهدرها وزارة التجارة بعقود خارجية فاسدة. بل ايقاف صرف مخصصات الايفادات سيوفر لوحده المليارات من الاموال المهدورة لرحلات استجمامية فاسدة لم تجد من يردعها. للاسف ان صناع القرار ومستشاريهم فشلوا في البحث عن الموارد الحقيقية والتي تحرجهم في اعلان الحرب الحقيقية على الفساد واستبدلوها بالحرب على الموظفين وعلى راسهم اساتذة الجامعة ولجؤا لرواتب الموظفين والمتقاعدين وادخلوها في جداول ومعادلات لاستخراج موارد لتمشية امور الحكومة ولتسديد النفقات الخرافية للنواب ومجالس المحافظات والهيئات واصحاب الرواتب المزدوجة وامتيازات المظلوميات وسنوات الجهاد المزعومة ومن الامثلة الصارخة محاوالت استساخ قانون للتامينات الاجتماعية فهو صحيح من حيث الظاهر وصالح للتطبيق في دول نجحت بتوفير الخدمات العامة لكامل المجنمع واوجدت انظمة فعالة للضمان الصحي والاسكان والتعليم تبرر لها استقطاع ضرائب مقابل هذه الخدمات التي توفر بيئة رفاهية واستقرار اقتصادي لمواطنيها، والامر يختلف تماما في دولة مثل العراق يقودها الفساد بل هو الذي يتحكم بمسارات الاقتصاد والسياسة بعد هيمنة طبقة جاهلة على مفاصل الدولة عبر محاصصة خطيرة تهمش بل تحارب الكفاءات لتتحكم بمفردها بمصير العباد وتسلم البلاد وتخضعها لاحتلال البنك الدولي ورغبات مافيات المحاصصة السوداء. اننا نحتاج لابطال لمواجهة المحاصصة فهي مصدر وجوهر الفساد والخراب وبالتاكيد والتجربة العملية نقول ان محاربة الفساد الذي عم البلاد يحتاج لابطال اكثر شجاعة وثقافة وخبرة وقدرة من القادة الابطال في ساحات المعارك ضد الارهاب فالثاني يصنع النصر في الميدان والمطلوب من الاول ان ينتصر للحياة في مجالاتها كافة وان فشل لابد ان يخلع لانه سيهدر الثروات ويعرض البلاد للخطر ويفتح الابواب مجددا لدواعش الارهاب وهم الوجه الظاهر لدواعش السياسة. ونختم المقال بالدعوة لرب السماء للمساعدة في صحوة وطنية يقودها الشرفاء ولمن تبقى في جعبته شيئا من الاخلاص والوطنية والضمير الحي لينتفض على الديناصورات وتبني ستراتيجية اصلاح حقيقية وليست شعارات وبيانات وخطب رنانة فالعراق ينتظر الانقاذ وهو على شفى حفرة من الافلاس والكوارث حينها سيهرب اللصوص ويتركون الفقراء تحت السنة اللهب.