المنتصر في الحرب هو الأكثر جرأة على القتل، هذا هو قانون الحرب. لكن، إنسانيّاً، المنتصر هو الأكثر انفتاحاً على الآخر، بل هو الذي يراهن على إنسانيّته الى اللحظة الأخيرة.
***
بين أن يكون الفرد - إنساناً - أو أن لا يكون، خيط شفّاف جدّاً، خيط يتمثّل بأن يتجرّد من القدرة على العيش خارج ما يرى. فقدان الليونة في التعامل مع الآخر المختلف. لكن، ماذا لو كان الآخر أكثر انغلاقاً؟ ماذا لو أنّ الآخر هو المحرّض على ردّة الفعل؟ ماذا لو كان الآخر لا يرى إلا ذاته، وأنّ ما عداه فمحض هراء؟
***
للفعل ردّة فعل. لكن، على الإنسان كي ينتصر، أن يحافظ على إنسانيّته. من السهولة الإنجرار خلف صراخ هستيري، لكن من الصعوبة الحفاظ على الهدوء والإتّزان، من الصعوبة الحفاظ على احترام الذات. لقد هزمك الآخر في اللحظة التي جعلك تتنازل عن إنسانيّتك. أن تكفّ عن أن تكون إنساناً تلك هي الهزيمة.
***
الإصطفاف حالٌ قطيعي، وما نراه، عبر تفعيل الهوّيات، هو توسيع الفجوة الفاصلة بين الذات والآخر، لكنّها في نفس الوقت لا تتم إلا بالتنازل عن إنتصارات إنسانيّة حقّة، سواء على صعيد القانون المدني أو على صعيد السلوك الحياتي المتحضّر.
***
إنا إنسان قبل أن أكون أي صفة أخرى. الإنسان أوسع دائرة يمكن أن ينضوي تحتها الفرد، أنّها تشمل البشرية كلّها. صفة الإنسان هي أوسع الصفات التي يمكن بها أن تتحقّق الوحدة والتآلف البشري. كلّ اصطفاف خارج دائرة الإنسانية هو فخّ غايته التضييق على الفرد المصطّف ذاته.
***
في البلد الواحد تكون صفة المواطن أوسع الصّفات التي تحقّق وحدة البلد، كلّ تنازل عن صفة المواطن الى ولاء آخر هو انشقاق لوحدة البلد. ليس هناك أمّة واحدة، بل إنسان، ثمّ مواطن، إذا سقط الإنسان سقط كلّ ما سواه.
***
الإنشقاقات لا تقود إلا الى صراعات جوفاء، لكنّها مكلفة جدّاً. العجيب أنّ الأفراد لا يتعلّمون من التاريخ، بل يتفنّنون في التقليد الأعمى، لذا فالتاريخ محض مآسٍ وكاريكاتيرات، بل هو محض كاريكاتيرات تلبس صفات مقدّسة، قومية أو دينية أو عرقية. وضحايا هم أنبل كثيراً، بل أكثر نبلاً مّما يمكن حسابه، الضحايا تجارب بشرية كان يمكن أن تجعل الحياة أكثر ليونة وأكثر شفافية.
***
متى يُدرك الفرد الحارن أنّ الأرض ليست مُلْكاً لأحد؟ متى يتحرّر من غباء الهيمنة والفرض؟ متى يلتصق بإنسانيّته ويصعد خطوة أعلى من خطوة القرد أو ابن عمّه يا دارون؟
الى متى هذا الإنجراف في العودة الى حياة الغابة وحياة القطيع؟
***
في الغرب كما في الشرق، إنتبه أفذاذ البشر الى أنّ المِلْكِيَّة سرقة. في الغرب كما في الشرق إنتبه الأفذاذ الى أنّ وجود الإنسان على الأرض وجود خدمي.
***
كلّ ما يحتاجه الإنسان أن ينفتح عقليّاً، انفتاح العقل يشبه نوافذ كثيرة في الجدار. الأحياء هم أولئك الذين يصوغون جدران عقولهم من زجاجٍ شفّافٍ وليس من كونكريت.