الحياة من الكثافة الى درجة ألا نعرف مساحة خاصة للحزن أو للفرح، بل الحياة عصير لفاكهة كثيرة ممزوجة المرارة والحلاوة الى درجة أن نتحسس الحزن في أصفى لحظات السعادة.
***
ولعله تأثير العمر الذي يقف وراء ذلك، ولعلها كثرة علاقاتنا الاجتماعية أو قلتها، لأننا في النهاية نحن من يعطي للحياة طعمها. حركتنا تهب العصير نكهته.
***
أقف على حافة حادة وأرى أفول أشخاص وصعود آخرين. أرى انطفاء شخص مقرب عزيز، وتوهج عزيز آخر.
***
لقد تعودت على مراقبة التفاصيل التي تمنح الكأس نكهتها، تعودت على تفكيك الوقائع واعادة تركيبها ثانية، بحثا عن غاية أو بحثا عن جدوى. تعودت على رؤية التضاد بكامل بهائه، كيف يجلس الماضي والمستقبل على مائدة الحاضر، وكيف تتحول اللحظة الى حاضنة فلا تترك شيئا من كل ما مر أو يمر بها.
***
في أسبوع واحد، تنغلق عين فنان والى الأبد، عين رأت ما لم يره الآخرون، وحاولت أن تجد لها نافذة في الحياة، إلا أن الحياة كانت أضيق من أن تهبها بعض حلمها، وتنفتح عين أخرى لتعلن عن رؤيتها للعالم بطريقة مغايرة، ولأنني أتصل بنسب الى العين التي انغلقت، بنفس النسب الذي اتصل به الى العين الى تفتحت، أكاد أمسك النسغ الذي يحرك الأشياء، ويجعل الحياة كاملة الدسم في انطفائها وتوهجها.
***
ان تكون قريبا من كثافة الحياة، يعني ان تكون قريبا من النبض الحي، ان ترى وان تتحسس المعنى الذي يغلف كل شيء، ومع هذا يبقى هناك مساحة للسؤال.
السؤال عن قيمة كل شيء، السؤال عن الهدف الغامض الذي يجعل وجودنا اكثر اهمية واكثر عمقا.
***
بين الخسارة والربح تظل القيمة تتحكم بسير الحياة، وما لنا إلا التكيف مع الخسارة، وأن ندعم الصعود والتوهج الجديد.