بين فترة وأخرى يزورني أبي في المنام فقط ليعرف الى أين وصلت أسئلتي، وفي كل مرة يكون لنا حوار يحمل مفاتيح لأجوبة أكون غير منتبه لها، أو حتى مفاتيح لأسئلة أخرى أبعد تحليقا.
***
في زيارته الأخيرة لم يقل شيئا، وكل ما أذكره من حوارنا الأخير أنني نطقت عبارة قلت له فيها:
"لو أنني بمزاج عمودي لكتبت الان قصيدة أهجو بها كل سيد على وجه الارض".
***
ثمة أسرار تقفز من اليقظة الى النوم، وكأننا ننزل الى النوم دون أن ننسى اصطحاب قلقنا أو ما يثيره فينا ، ورؤية أبي في المرة الأخيرة لم تكن عابرة، فقد كانت مشحونة بشخصيات أخرى أعرف مدى انتهازيتها، مثلما أعرف محيط وعيها الضيق.
الأمر الذي جعلني أقول له ما قلت.
***
العبارة تنص على أن المزاج قد اختلف تماما مع إن الرغبة قائمة، وفي العبارة تضمين الى أن المزاج شيء، وأن الرغبة شيء آخر، وأننا في النهاية لا ننقاد لرغباتنا بقدر ما ننقاد لأمزجتنا.
***
لكن، هل في العبارة إشارة الى ضمور الحس الشعري، وانحسار فاعلية الشعر في تأثيث الحياة الإجتماعية أو حتى المساهمة في تغييرها؟ ومع هذا فمن حقنا أن نعيد طرح السؤال القديم: ما الشعر؟ وأن نتحسس من كل إجابة.
***
في العبارة إشارة الى المزاج، وأذكر أنني حين نطقتها كنت أفكر بهوسرل وبالشعور الذي يخلق المعنى ويعيد تشكيله. ثمة عودة الى بداية بعيدة.
***
وأتساءل أيضا، لماذا الهجاء؟ ولماذا السادة؟ في الحلم كان أحدهم بثياب صفراء يسرق الكتب من مكتبتي الخاصة، بينما يفكك آخر بثياب صفراء أيضا سيارتي الخاصة!