اعددتها لكم من الواقع الاجتماعي والاقتصادي المعاش..
اطيب الأوقات اتمناها لكم اصدقائي
ترى كم مرة رفعنا شعار مقاطعة البضائع الاجنبية والتركية والايرانية والصينية ولم ننجح؟!
يبدو ان الحماسة والهتافات والشعارات وحدها لاتكفي؟
في الوطن العربي والعراق هناك عقدة اسمها (الاجنبي) فالذي يتحدث اللغة الاجنبية يكتسب مرتبة اجتماعية والذي يتردد على المطاعم الاجنبية نعتبره من باشوات الرعية!! والذي يتزوج من اجنبية فهو من عائلة هنية!!
هذه العقدة مازالت تعشعش فينا حتى صرنا نعتبر كل ما هو قادم من خارج حدود الوطن هو الافضل!!
وكل سلعة تاتي من هناك هي الاجود والاحسن وبسبب تلك التناقضات ترى الذين يدعوننا لمقاطعة السلع الاجنبية هم اول الناس يتدافعون لاقتنائها ويتزاحمون امام المطاعم الجديدة التي تقدم الوجبات السريعة ولوعدنا بالتاريخ الى الوراء نجد ان في مصر اول من دعى الى مقاطعة السلع الاجنبية هو حزب الوفد برئاسة (سعد زغلول باشا) وفعلا استجاب الشعب المصري لذلك وقاطع السلع الاجنبية واقبل على شراء السلع المصرية ولم يطبق تلك المقاطعة الشعب فقط بل الكثير من الرموز السياسية وعلى راسهم عضو حزب الوفد (فخري عبد النور المعروف بطرافته) الذي سارع بجمع كل مقتنيات قصره في العباسية من سلع بريطانية وامريكية بما فيها من بدلات من الصوف الانكليزي الخالص والعطور الثمينة وادوات زينة وتحفيات نادرة حيث جمعا جميعا ووضعها في حفرة في الشارع واشعل فيها النار!!
وراح بعدها بشراء البضاعة المصرية ومن بينها كولونيا حلاقة مصرية بدائية الصنع كان كلما يضعها على وجهه بعد الحلاقة يصاب بالاحتراق والبقع الحمراء فيصرخ ضاحكا وهو يقول (منك لله ياسعد زغلول).
ياترى متى يعي سياسيينا ذلك ويجمعوا مقتنياتهم في حفرة ويحرقوها؟
لم يشهد المجتمع العراقي عالما اجتماعيا تعمق بدراسته وشخص امراضه مثل الدكتور علي الوردي. فهو اول من شخص مرض الازدواجية الذي ينخر بالمجتمع العراقي كما في مؤلفاته (لمحات اجتماعية باجزائه الثمانية ودراسة في طبيعة المجتمع العراقي) واليوم الكثير من الشباب العراقيين يحلمون بدولة دينية تسودها تعاليم الاسلام الصحيحة في نفس الوقت يفضل العيش في الدول التي يسميها بالكافرة!! وحتى الشباب الواعي والمثقف من اصحاب الفكر الاشتراكي يحلمون بدولة اشتراكية تسودها العدالة الاجتماعية لكنهم تراهم اليوم اغلبهم يعيشون في الدول الراسمالية على النقيض من افكارهم وشعاراته التي يرفعونها ويتمشدقون بها بين حين واخر!!
لي صديق تتجسد فيه كل معاني الازدواجية ففي الفترة الاخيرة راح يتباكى على الصناعة الوطنية وينادي بقطع الاجنبية بكل اشكالها وفي احدى الصباحات قابلته وهو يحمل فطوره بيده وكان كله من مناشئ اجنبية وعربية فقلت له لغرض الدعابة والمشاكسة لماذا لا تفطر من صناعتنا الوطنية سيما وان منتجات ابو غريب الان تملئ الاسواق؟
فنظر في امتعاض وقال لي (يمعود انت على هاي لاحكني) ترى متى نتخلص من هذا المرض الخطير ومتى نستفاد من اخطائنا؟
بعد ان تحولنا الى بياعي كلا وشعارات مزيفة.. لاتنسو اصدقائي الاجابة على السؤال ولكن بعد التعليق على الموضوع..
ولله في خلقه شؤون ..