حاشو-- لقد جدفت تلك العجوز الشمطاءة بحق الهتنا، وهو لا يرغب ان يكون شاهدا على تجديفها.
حمامة-- (تدخل) من هي العجوز الشمطاء ياصعلوك؟
حاشو-- (بفرح ويؤشر على حمامة) هاهي، هاهي، انظر ياسيدي لمعجزة الهتنا كيف انها احضرتها امامك الان .
دقلة-- (ينظر الى حمامة) من انت يااختاه؟
حمامة-- حل وثاق هذا المسكين ومن ثم ساخبرك من انا.
دقلة-- هيا ياارنب وياقرد فكا وثاق هذا المسكين والا ستنالان عقوبة شديدة.
اوزال-- حاضر ياسيدي.
كورش-- (بعد فك لثام فمه) شكرا لك ياسيدي.
دقلة-- انا لست سيدك، انا اخاك في الانسانية، امسك هذا الحبل واربطهما، وكمم فميهما واجعلهما يتوجهان الى الخلف (يفعل كما اشار له دقلة، وبعدها يمسك كورش من يده ويتقدم باتجاههما ويرفسهما بقدمه على قفاههما ليركضان مهرولان وهاربان (يضحك عليهما)، وانت يااخي مااسمك؟
كورش-- كورش يامولاي.
دقلة-- اكرر مرة ثانية انني لست مولاك، انا اخاك، هيا خذ هذا القليل من المال هو كل ماعندي لعلك تسد به حاجة لك ولاسرتك.
كورش-- ولكن --
دقلة-- خذ خذ.
كورش-- (ياخذها منه) شكرا لك يامو-- شكرا لك يااخي، الا اخبرني، من انت؟
دقلة-- انا عابر سبيل، اقسمت ان يكون لساني حادا كالسيف ضد الظلم والطغيان، يدافع عن جميع المعدمين من الفقراء والمساكين والمظلومين.
كورش-- هذه المراة تجاريك بالجراة والشجاعة.
حمامة-- (تضحك ضحكة قوية).
كورش-- هي سبب بلائي مع اولئك الاثنين، لانها جاهرت بالاههم علنا، وارادوني شاهدا على تجديفها بالهتهم امام كاهنهم ،
حمامة-- وانت امتنعت.
كورش-- نعم، امتنعت، امتنعت من الشهادة على تجديفك بالهتهم ، ولكنهم قيدوني واجبروني على الذهاب معهم والامتثال امام كاهنهم.
حمامة-- وذهبت معهم.
كورش-- كلا، لانهم كانوا يبحثون عن ضحية اخرى طمعا في زيادة المكافئة ولكن لحسن حظي جائني الفرج على يدين هذا المبارك وانقذني من بين اياديهما.
حمامة-- ولماذا لم تتمكن انت من مواجهتهم والدفاع عن حقك ، عن حريتك، وردعت جورهم وظلمهم؟
كورش-- لا استطيع.
حمامة-- ومالذي يمنعك؟ لماذا هم يستطيعون ان يفعلوا مايشاؤون بك وانت لا تستطيع، مالفرق بينك وبينهم؟، انت صاحب حق ومن حقك ان تعيش حريتك في ارضك، ماهي سمات تفوقهما عليك ليجعلا منك عبدا اويقتادونك كالشاة للذبح وقت مايشاؤون.
كورش-- (يبكي) لا استطيع ياامراة لا استطيع، لقد ذبحوا وسفكوا دماء معظم ابناء امتي وعشيرتي لاجبارهم على عبادة الهتهم، وهم يضغطون علينا بكافة الوسائل من اجل عبادة هذه الالهة، وهكذا تشاهدينني لا استطيع الدفاع عن حقي وحق اخوتي والذين ماتوا ظلما من جراء تعسف هؤلاء رجال الدين الوثنيين.
دقلة -- يعني انك لا تؤمن بالهتهم؟
كورش-- (بصوت خافت) نعم انا وعشيرتي لا نؤمن بهذه الالهة، ونحن مازلنا نبحث عن الاله الذي ينقذنا من براثين هؤلاء المدعين بالدين والديانة، نحن نؤمن بان هناك اله قوي جبار منقذنا من هذه العبودية، انما اين هو؟ فنحن مازلنا بالانتظار.
دقلة-- انتم تعيشون حالة يرثى لها، وضعتم مقادير حياتكم تح وطأة هؤلاء الرعاع، فالى متى تبقون هكذا؟
كورش-- لا اعلم.
حمامة-- لانكم لستم اصحاب قرار، لو كنتم تملكون الشجاعة لاستطعتم ان تدافعون عن حقكم في الحياة وان تستمتعوا بحرية اختياراتكم.
كورش-- هكذا تعودنا من اسلافنا، وهكذا سنكون
حمامة-- كلا كلا، اسلافكم كانوا ابطالا وشجعانا سيشهد لهم التاريخ على شجاعتهم، انت اذا رغبت في ان تبقى كما انت فهذا اختيارك، انما غيرك سيتغير وبملىء ارادته لانه يملك حرية الاختيار، اضافة انهم كانوا شجعانا دافعوا عن اختياراتهم، هيا التحق بزوجتك واطفالك، هيا.
كورش-- (يذهب)،
المشهد السابع
دقلة-- (يتاملها) من انت ياامراة؟ (وهو مبتسما ابتسامة اعجاب بشجاعتها)
حمامة-- وباي حق تسالني عن هويتي؟
دقلة-- بحق الاخوة ، بحق هذه الافكار الجميلة التي تملكينها، بحق شجاعتك المتاججة في صدرك ولسانك.
حمامة-- انا خادمة للانسانية.
دقلة-- اية انسانية؟
دقلة-- الانسانية التي لا تستطيع ان تدافع عن نفسها، الانسانية التي لا تستطيع ارتكاب الظلم والقتل وسفك الدماء .
دقلة-- ومن اين جائتك هذه القناعة بهذه الانسانية؟
حمامة-- من اطلاعي على كتب الانبياء .
دقلة -- او تعرفين القراءة والكتابة؟
حمامة-- نعم، لانني من اصل يهودي من اورشليم، وقد جئنا الى هنا منذ فترة لتعليم من يرغب القراءة والكتابة.
دقلة-- ولكن قراءة لكتب انبيائكم.
حمامة-- نعم انهم انبياء يتكلمون عن الحاضر ويتنبئون عن المستقبل، لا نستطيع ان نقول عنهم سوى انهم انبياء .
دقلة-- كل هذا وبحذر، يعني تعلمون القراءة والكتابة بحذر .
حمامة-- نعم، بمرسوم امبراطوري اقتضت مصلحة شعب الامبراطورية ان يتعلم القراءة والكتابة، ولكننا لسنا معنيين بتعليمهم شيئا عن انبياء اسرائيل.
دقلة-- ولكنكم تفعلون هذا!!
حمامة-- كلا، فقط عن الاتي، عن المنقذ، وها هو قد جاء.
دقلة-- من هو؟
حمامة-- او لم تسمع عنه؟ انه يطوف في شوارع اورشليم وازقتها وهياكلها، انه المنقذ الشافي، ومحيي الاموات.
دقلة-- (بنعجب) يشفي المرضى؟!!
ولماذا لم ياتي الى هنا ليشفي الامبراطور ابكر من داء النقرس؟
حمامة-- انني دائما ارفع صوتي على الملاء وبين حرس الامبراطور ابكر، متحدثة عن معجزات هذا المنقذ، ولكن من دون جدوى.
دقلة-- من دون جدوى!؟
حمامة-- نعم (تضحك بسخرية) يعتقدون انني مجنونة، ويقولون فيما بينهم، لا تبالون لهذه المجنونة والمخرفة عقليا.
دقلة-- الا قولي لي يا--
حمامة-- حمامة.
دقلة-- حمامة! اسم لطيف، يدل على النقاء والصفاء والشجاعة وحرية الانتقال من مكان والى مكان ومن دون قيد او شرط!!
حمامة-- امعجب انت باسمي؟
دقلة-- جدا، انه رمزا للسلام، انما اخاف عليك من الصيادين الذين يصطادون غدرا.
حمامة-- لاتخاف، انني مسلحة بقوة الايمان الموهوبة لي منه، هكذا هي حقيقة المؤمنين.
دقلة-- اتسمحين لي بالسؤال عن هذا الذي يطوف في شوارع اورشليم؟
حمامة-- اسال عما بدا لك.
دقلة-- هذا الذي تخبريني عنه، ايستطيع ان يشفي امبراطورنا؟
حمامة-- هذا متوقف على مدى ايمان امبراطورنا به.
دقلة-- في اعتقادي انه لا يصلح ان يكون رفيقا لي.
حمامة-- ولماذا ؟
قلة-- لانني ان صادقته ورافقته، وامنت به، فانه سيمنع عني شرب الخمر!
حمامة-- وكيف علمت بانه سيمنع عنك شرب الخمر
دقلة-- اسمعي يا --
حمامة-- حمامة.
دقلة-- ياحمامه، كل مخمور لا يعي من دنياه الا مايتحسسه وما يعانيه من معانة انسانية، في صحوتي، اتالم جدا، واتعذب من مشاهدة الظلم الذي يقع على ابناء جلدتي من بعض قساة القلوب من حرس الامبراطور.
حمامة-- اتتالم لالامهم؟
دقلة-- وكيف لا، اتالم وانا انسان مثلهم لي مشاعر انسانية، ايعجبك انني اشاهد الظلم واسكت عنه؟
حمامة-- اذا انت في حالة الخمر والسكر تدافع عن الفقراء والمعدمين!
دقلة-- نعم يااختاه، لانني لا انطق الا بالحق، ولا ادافع الا عن الحق، ولهذا تشاهدينني دائما في حالة السكر.
حمامة-- او تعتقد بان المخمور لا يتكلم الا بالحق دون الصاحي؟
دفلة-- كلا كلا، افهميني وهذا سر سابوح به لك فقط، هؤلاء العظامة من جلاوزة الامبراطور وحرسه، حينما يسمعون مني كلام الحق سيضحكون ويستهزئون مني، لاعتقادهم بانني لست سوى انسان سكير ومخمور، اضافة انهم ينعتونني بالمجنون، ولهذا السبب لا يقودونني للمحاكمة (يضحك ضحكة قوية).
حمامة-- تقصد بان الخمر والثمالة هي ستار تخفي انسانيتك وحقيقتك كشخص مناصر للفقراء والمظلومين؟
دقلة-- ولهذا السبب انني دائما اكون في حالة السكر، لانني حينما اقذف الامبراطور بسيل من الشتائم واصفه بالقرد والميمون لايؤخذ عليا بجريمة هذه الشتائم، لكوني رجلا سكيرا ولست في كامل وعيي.
حمامة-- اصحى، اصحى يااخي وانطق بالحق كما تؤمن به وانت صاحي وواعي، لان من ينطق بالحق وهو مخمور ليست شجاعة.
دقلة-- ولكنني اهاجم الامبراطور وحرسه وكهنته وحتى الهته .
حمامة-- وهنا تحتاج الى المنطق والعقل لكي تقنع به هؤلاء الخارجين عن دائرة الايمان بالادلة ورجاحة العقل.
دقلة-- ولكنني لست مثقفا، انما املك من قوة الجسد والعظلات التي ادافع من خلالها عن هؤلاء الفقراء.
حمامة-- يااخي، القوة في العقل، وفي الروح المقدسة التي في داخل جسدك، هذه القوة تدفعك لفعل الخير، وترشدك على فعل ماهو الصواب، ولهذا انت بحاجة الى الايمان فقط، عندها سيكون كل شيىء على مايرام.
دقلة-- الا قولي لي بحق الاله الذي اشربه--
حمامة-- (تصرخ به) هراء .
دقلة-- ماذا؟
حمامة-- لان الهك هذا الذي تشربه هو السبب في جنونك وتخدير عقلك، اتركه واتبع ذالك الذي جاء من اجل خلاصك وخلاص العالم.
دقلة-- اذن، ليخلص الامبراطور ابكر من مرضه وانت تعلمين بان هذا الامبراطور قد تعقد من هذا المرض، وحتى قضائه وعدله اصبح مزاجيا!
حمامة-- نعم، وكثيرون دخلوا السجن ظلما، لانه لم يجد راحة نفسية من جراء مرضه
دقلة-- الا تستطيعين ان تصلي من اجله؟
حمامة-- بالحقيقة لا، مع انني ارغب في هذا.
دقلة -- اترغبين ان تصلي من اجله؟
حمامة-- نعم.
دقلة-- يتضح لي انك تحبين الكراسي والمناصب العالية، وترغبين في مسح الاكتاف لتنالي منصبا عند الامبراطور .
حمامة-- كلا، انت مخطىء في تقديراتك، انا فقط احب توصيل خبر قوة المخلص في شفاء كل من يؤمن به،
دقلة-- يااختاه، لقد وصلته الاخبار وعن طريق حاشيته، اتعلمين ان جواسيس الامبراطورية متواجدين في الشوارع والطرق، فالعامة من الذين سمعوا عن هذا النبي الشافي لا يتجرؤون عن ذكر حقيقته، ومع ذلك وصلت اخباره لدى الامبراطور.
حمامة-- كلا كلا انا واثقة من ان هؤلاء ان كانوا من عامة الناس، او كانوا من حاشيته، هم لا يستطيعون ان يتكلمون عن حقيقة قوة المخلص مثلما انا ارويها للامبراطور، لان من ينقل مثل هذه الاخبار يجب ان ينقلها بايمان حقيقي وصادق.
دقلة-- اسمعي لدي فكرة ، بما انك تعرفين القراءة والكتابة، لماذا لا تكتبين قصته واعاجيبه على الورق ونعممها على الملاء،
حمامة-- وبعدها؟
دقلة-- وبعدها سيتداول عامة الشعب اخبار مانشر من المناشير، الى ان تصل مضمون هذه المناشير الى مسامع الامبراطور، وانا على استعداد لمساعدتك بتوزيعها.
حمامة-- لقد كتبت مافيه الكفاية، واستنسخت العديد من الاوراق تحكي عن حقيقة المخلص، حتى وصلت اخباره الى المعبد وكهنته.
دقلة-- اذن ساذهب واجلس امام باب المعبد واوزع مثل هذه النسخ على اللذين يدخلون المعبد.
حمامة-- (بفرح) امتاكد من انك ستتعاون معي؟
دقلة-- كل التاكيد .
حمامة-- (تمد يدها في عبها) اذن خذ هذه رزمة من هذه المناشير سبق وان استنسخت الكثير منها لاوزعها على الشعب، فساعدني على توزيع القسم الباقي منها.
دقلة-- هاتي يااختي، فانا اول من سيدلف باب المعبد لاوزعها على رواد المعبد، هاتي يااختي.
حمامة -- خذ، ولكن حذاري من كهنة المعبد، ان قبض عليك وانت متلبسا بتوزيع هذه المناشير، ولا سيما رئيس الكهنة امون، فسيهلكونك ويقطعونك اربا اربا.
دقلة-- لا تخافي عليا يااختي، الشخص الذي تؤمنين به سيحميني.
حمامة-- (بفرح) دقلة، امؤمن انت بهذا؟؟
دقلة-- كل الايمان، استودعك ياحمامة.
حمامة -- صاحبتك السلامة يااخي.
دقلة-- (يذهب) .