حينما اكتب عن نجم من نجوم الفن العراقي قد تخونني الكلمات في بعض الاحيان ويعجز قلمي عن التعريف بمسيرته، انما اعماله تبقى شعلة وهاجة تشع منها خبرته وثقافته لمسيرة طويلة قدم من خلالها الكثير من عطائه وجهوده من اجل الحفاظ على قدسية الفن ان كان في المسرح او في التلفزيون او في مسيرة حياته السينمائية.
انه عراب السينما العراقية – ضياء البياتي.
ضياء البياتي فنان مجتهد ومثقف، يحمل من الخبرة والتجربة ما اهلته من الابداع في مسيرته الفنية وان يتالق نجمه في المسرح والتلفزيون والسينما، لقد درس هذا الفنان في معهد الفنون الجميلة، وتخرج منها حينما كانت دورته هي الدورة الثالثة من تاسيس المعهد وبزغت موهبته حينما كان يحاكي الفنانين الممثلين العرب منهم والعالميين بعد مشاهدته لمعظم افلامهم كونه كان كثير الارتياد على دور السينما ومشاهدة عروض الافلام السينمائية في بغداد ، كان يشاهد الافلام العربية والعالمية ويكتسب من ذالك الالق والابداع والذي كان يجسده كبار ابطال هوليود في افلامهم، ومن خلال هذه المشاهدات ازداد عشقه للفن وكبرت احلامه لبناء مستقبل كان يتمناه منذ صغره في ان يكون فنانا ، فكان له مااراد، وهكذا تحققت احلام هذا الصبي ومنذ الصغر في النجومية لمسيرة حافلة من الخبرة والثقافة الحرفية فاصبح نجمه لامعا وفنه متالقا ومبدعا، واسمه يتردد على السنة المشاهدين من مشاهدي الشاشة الصغيرة منذ نشأتها، حيث كانت بداية البث التلفويني بداية ضعيفة الامكانيات والتقنيات الفنية، معتمدة على ستوديو صغير يسمى البنكلة وكونترول للمخرجين وللفنيين معا، واما ماكان يقدمه الفنانين من التمثيليات تعتبر تحديا للظروف القاهرة انذاك – تمثيل حي ومباشر للجمهور المشاهد وعلى الجو مباشرة، هذا الاستوديو (البنكلة) الصغير كانت تنصب فيه ديكورات وبحجم سعته لمشهد او مشهدين فقط، انما جدية هؤلاء الفنانين وعزيمتهم وحبهم للفن ومن ضمنهم الفنان الرائد ضياء البياتي، ساعد على تحقيق تقديم العديد من التمثيليات اليومية التي شدت اعجاب المشاهدين في بغداد لكون البث انذاك كان ضعيفا لا يصل الا لضواحي مدينة بغداد وان امتد اكثر من ذالك فسيكون في حالة عدم وضوح الصورة على الشاشة، لقد قاس هؤلاء الفنانين الرواد من صعوبة التجربة وذالك لقلة امكانيات التقنية الفنية للبث التلفزيوني في وقتها، اضافة الى المواقف الحرجة والتي كانت تصادفهم من جراء سقوط الكواليس، ولقد حدث مثل هذا في احد المشاهد التمثيلية في هذا الاستوديو الصغير، الا ان الفنان ضياء البياتي قد تلافى هذا الموقف وساتي على ذكره لاحقا.
اسمه الحقيقي هو ضياء شهاب احمد البياتي ، حيث احتضنت محافظة بابل ولادته سنة 1936 اكتوبر في العاشرة منه، ترعرع هذا الفنان في بيئة متواضعة، تحيطها العادات والتقاليد الاجتماعية الشعبية العريقة، وعاش حياة اجتماعية مبنية على الاحترام المتبادل بين افراد العائلة، حيث نشأ هذا الطفل نشاة اجتماعية معتدلة الا انه قد كبر وكبرت معه احلامه الوردية في بناء مستقبل له بعد ان اصبح صبيا يافعا ومتفهما لتجارب الحياة وما يحيطها من مختلف صعوبتها، عندها استهواه الفن واصبح حلمه في ان يصبح في يوما ما نجما في المسرح والسينما ، فشائت الظروف الاجتماعية والاقتصادية ان ينتقلوا الى بغداد وانهائه لمرحلة المتوسطة، ففي هذه المحطة من مسيرة حياته هي محطة تحقيق حلمه في ان يصبح ممثلا وان يحاكي نجوم وابطال السينما العربية والعالمية ومن خلال تردده وارتياده على دور السينمات في بغداد والتي ساعدته بالتعرف على تجربة هؤلاء النجوم الكبار في السينما العربية والعالمية واكتساب من افلامهم ما يؤهله على ان يبني له مسيرة فنية في حقول المسرح والسينما، ومن هذا الاكتساب تاهل فنيا للوقوف على خشبة المسرح امام لجنة الاختبار في معهد الفنون الجميلة حاله كحال بقية الطلبة المتقدمين للتسجيل في هذا المعهد في سنة 1958 ومنهم: حمودي الحارثي، عمانوئيل رسام ( ع، ن، ر) وراسم الجميلي حيث نجح في الاختبار من قبل اللجنة ومن هنا بدات مسيرته الفنية وبدعم وتشجيع الفنان اسعد عبد الرزاق ووجيه عبد الغني وجعفر السعدي والحاج ناجي الراوي ومن ضمنهم الاستاذ ابراهيم جلال، حيث اشرف على تدريسه الاستاذ الرائد اسعد عبد الرزاق والذي تخرج من معاهد روما للمسرح، وكذالك الاستاذ المرحوم وجيه عبد الغني حيث كان يشرف على تدريسهم في محاظرات تربية الصوت والالقاء، وباشراف مباشر من قبل العميد للمعهد الاستاذ حقي الشبلي. ولذكاء هذا الموهوب والطالب المجتهد في انتقاء ادواره المسرحية في المشاهد الصفية ولاتقاد شعلته ونشاطه بالعمل مع الطلبة الذين تقدموه في مراحل الدورات الماضية في المعهد والذين اسندوا له ادوار البطولة في اطروحاتهم للتخرج، حيث نجح في جميع ادواره عندما كان متقدما على زملائه الذين زاملوه في مرحلة الدراسة، فاستطاع هذا الطالب ان يجتاز زملاء له واكتساب ثقافته في الفنون المسرحية، فحينما تخرج وحصل على شهادة التخرج بدرجة دبلوم انتقل فيما بعد الى اكاديمية الفنون الجميلة قسم السينما.
ان الفنان الرائد ضياء البياتي هو احد مؤسسي فرقة 14 تموز للتمثيل مع الاستاذ اسعد عبد الرزاق ووجيه عبد الغني وسليم البصري والدكتور عزيز شلال عزيز، وقاسم الملاك وحاتم سلمان وفاضل جاسم وقاسم صبحي وقائد النعمان والعديد من نجوم الكوميديا في هذه الفرقة والتي كان اسمها سابقا فرقة الفجر الجديد ومن ثم تحول اسمها الى فرقة 14 تموز، فلقد تشرفت بعضوية هذه الفرقة واول مساهمة لي فيها كانت في مسرحية جزة وخروف حيث تعرفت على هذا الفنان حينما كان يسدي بتوجيهاته وملاحظاته حول تنفيذ الديكور، ففي هذه المسرحية كلفت باختيار الموسيقى التصويرية وتنفيذها والتي عرضت من على المسرح القومي في كرادة مريم.
ان ما يميز هذا الفنان عن اقرانه سرعة حفظه لادواره ودراستها من حيث معالمها واضافة العديد من ابتكاراته الى شخصيته في التمثيل، ولهذا اسندت له ادوارا بطولية ابدع في تجسيدها ونال استحسان الجمهور والصحافة ولهذا كان القاسم المشترك في جميع اعمال فرقة 14 تموز للتمثيل.
بعد تخرجه من معهد الفنون الجميلة قسم المسرح، اكمل دراسته في اكاديمية الفنون الجميلة قسم السينما ومعه ثمانية طلاب وهو التاسع، كان عشقه للمسرح وللسينما لا حدود له وللتمثيل خاصة، ولقد تسائل مع نفسه ولعدة مرات في محاورة ذاتية، لماذا اختاريت الفن طريقا لحياتي، وفرص عديدة كانت مفتوحة له ليصبح صيدليا او طبيبا او مهندسا او ضابطا؟ انما الحقيقة التي قد يجهلها البعض من متابعي هذا الفنان وهي، ان التاثيرات البيئية كان لها الاثر في التوجه والاختيار، ولا سيما ان مسكنه كان يقع بالقرب من دور السينمات في بغداد، مثل سينما غازي وسينما ريكس وروكسي، وسينما السندباد، وسينما برودواي والتي كانت مشهورة بعروضها السينمائية من افلام هوليود كافلام رعاة البقر وافلام طرزان والافلام البوليسية.
كان المعروف عن هذا الفنان المتالق ان يقتنع بادوارا صغيرة ولم يمانع، حيث اشترك في تمثيليات تلفزيونية بادوار صغيرة ومن دون مقابل، حبا في اكتساب الخبرة والتجربة، وعملا في مقولة المخرج الاستاذ ستانسلافسكي (ليس هناك دورا كبيرا او دورا صغيرا، وانما هناك ممثلا كبيرا وممثلا صغيرا) فعمل على هذه المقولة وتنوع بادواره واكتسب من خلال مشاركاته تجربة وخبرة اضافها الى ما كان يملك من الخبرة والتجربة استطاع ان يرتقي من خلالهما سلالم الشهرة والنجومية، هذه التجربة سنحت له الفرصة بالوقوف امام عدسات الكاميرات ومن خلال امتلاكه لقوة التركيزوالاسترخاء اثنا التصوير، كان يركز على مواقع الكاميرات التي تلتقط كادره ومن خلال التركيز على الضوء المؤشر للكاميرة الموجهة اليه وهو في كامل الاسترخاء، لقد استطاع هذا الممثل ان يستحوذ على انظار مخرجي التلفزيون وتالقت نجوميته من خلال فرقة 14 تموز للتمثيل لتميزه بالحفظ السريع بحيث فاق اقرانه من الممثلين لهذه الموهبة التي امتاز بها مما كانت السبب في اسناد معظم الادوار البطولية في تمثيلياتها، بحيث شارك في ادوار تاريخية ومعاصرة منها الف ليلة وليلة، ومن حياة العظماء، وشيىء من التاريخ، ومن خلال عروض هذه التمثيليات الرائعة استطاع ان يستقطب اعجاب المشاهدين بادائه والذي ابهر ايضا الصحافة والنقاد الذين اشادوا بموهبته، وقد شهد بحقه العديد من الفنانين والنقاد الذين اطلعوا على حرفيته في التمثيل انه سيكون يوما ما نجما من نجوم الدراما العراقية منهم اسعد عبد الرزاق ووجيه عبد الغني وعبد الهادي السعيد، وبعد ان تعددت مشاركاته التمثيلية في التلفزيون كان له ما اراد بحيث اصبح نجما لامعا اضافت مسيرته وتجربته القا في مسيرة الدراما العراقية.
لقد خاض ضياء البياتي تجربة البث المباشر والحي امام الجمهور وهو متماسك الجأش، هذا التماسك جاء من خلال ثقافته وموهبته مما جعله ان يبدع في التمثيل وان يساهم في جمالية التعبير امام الشاشة الصغيرة مراعيا من خلال تمثيله موقع الكاميرات التصويرية مما زاد التحام مصوري التلفزيون باختيار اجمل اللقطات والتي جسدت ابداعاته في التمثيل وتوصيل المضمون وعن طريق تعبير ملامح وجهه بلقطات جميلة ساعدت على توصيل مضمون المشهد للمتلقي.
لقد كان سر نجاح هذا الفنان ثقافته المكتسبة من دراسته في معهد الفنون الجميلة قسم الفنون المسرحية والاكاديمية في قسم السينما، لقد اكتسب ملكة اللغة العربية الفصحى من خلال قرائته للمسرحيات العالمية واطلاعه على ثقافة الادب المسرحي العربي والعالمي، هذه الدراسة والاطلاع ساعدانه على التمثيل باللغة الفصحى والشعبية، هذا الطالب الشغوف بالقراءة والمطالعة قد حدد هدفه لمسيرة استطاع من خلالها ان يخلق من نفسه نجما متالقا ومبدعا في عالم التمثيل التلفزيوني والسينمائي، لقد لقب في مرحلة من مسيرته الفنية فتى الشاشة انذاك لكثرة مشاركاته واعماله التلفزيونية التي شارك في تمثيلها وهو في مرحلة الشباب، بحيث استطاع ان يستحوذ على متابعة جمهوره لاعماله، ولقد كان يعاني من مضايقة المعجبين له وهو في طريقه الى الاذاعة والتلفزيون، انما محبته لهم كان يجاملهم بكلمات ودية واهدائه لهم بعض التواقيع على دفاترهم الصغيرة، والقسم الاخر يحوز على تواقيعه على باطن اكفهم وهو يبتسم ويضحك لهم بمودة المحب لهم، وهذه كانت حقيقته ومازال على هذا الحال عفيف النفس، متواضع، محب للاخرين، يحترم اصدقائه ومحبيه، ليس له اعداء بقدر مايملك من الصداقة يفتخر بها ويعتبرها رصيده في مسيرته الفنية، اضافة الى كل هذا كانت تحرجه حالة حينما كان يحتاج الى ابتظاع حاجة ما من احد المحلات فحينما يحاول دفع ثمنها من يمتنع اهالي هذه المحلات من اخذها، عندها كان يحمر وجهه من الخجل، وهذا ما اشار اليه وعن طريق احدى الوسائل الاعلامية، كانت اصابع المعجبين تؤشر عليه وكثيرا ما كانوا يؤدون له تحية الاعجاب فيجيبهم بابتسامته المعهودة وهو في طريقه الى الاذاعة او عن طريق عودته الى المسكن.
لقد شارك في العديد من التمثيليات التلفزيونية منها: ماجلان، ابو البنات، طارق ابن زياد. وتقديم العديد من البرامج الترفيهية والمنوعة والثقافية في التلفزيون بعد مرحلة تخرجه، وانا اتذكر برنامجا ثقافيا دراميا شارك من خلاله المشاهدين، لقد كانت لنجوميته سببا لنجاح هذا البرنامج ومن خلال عدة حلقات جميلة اعجبت المشاهدين وتفاعلهم مع ما كان يطرحه البرنامج من الاسئلة وتجاوبهم معه من خلال العديد من الرسائل الواردة اليه، اضافة الى حلقات من حياة العظماء والتي بلغت المايقارب من 92 حلقة، وحلقات رمضانية منها الف ليلة وليلة ومع الخالدين وجميعها كانت تعرض حيا على الجو مباشرة في شهر رمضان المبارك بحيث كانت لهذا النجم اللامع القاسم المشترك لمعظم ادوار البطولة فيها، اضافة الى اشتراكه في تمثيليات تحت موس الحلاق والتي بلغت عدد مشاركاته ما يقارب العشرة حلقات والتي كان يكتبها عضو فرقة 14 تموز للتمثيل الفنان الرائد سليم البصري، والذي اضاف الى مسيرته عملا من ابدعات كتاباته مسرحية (نورية) حيث عمل على اخراجها الفنان المخرج المرحوم اسعد عبد الرزاق، فلاقت نجاحا منقطع النظير في عرضها والتي زادت من رصيدي كل من ضياء البياتي في التمثيل والفنان سليم البصري في التاليف.
تابعونا في الجزء الثاني مع سيرة ضياء البياتي عراب السينما العراقية
لقد شهد هذا الموسوعة الفنية وعاش مسيرة العروض التلفزيونية في بغداد وفي بداية مشوارها ومنذ تزامن تجربته ومسيرته الفنية مع هذه العروض، لقد شاهد تلفزيون بغداد ووصلات حفلات مطربي العراق الرواد ومن اصحابي الطرب الاصيل من امثال ناظم الغزالي وسليمة مراد (سليمة باشا) ورضا علي واحمد الخليل ومحمد عبد المحسن وعفيفة اسكندر واحلام وهبي ويحيى حمدي واخرون.
ان الموسوعة الفنان ضياء البياتي لم ينجح في مسيرته لولا موهبته وحرفيته وثقافته الاكاديمية التي اكتسبها من خلال اطلاعاته ودراساته في المعهد والاكاديمية، ولهذا انا اشجع الفنانين واحثهم على ان يكتسبوا الثقافة باختصاصهم من خلال الاحتكاك بالفنانين الاخرين والاطلاع على احدث الافكار والانتاجات الادبية كي يتسلحوا بالثقافة التي اكتسبوها ليستطيعوا ان يتحدثوا في المحافل الثقافية والادبية وان يعبروا عن رؤياهم لمستقبل مسيرتهم.
لقد اكتسب الفنان ضياء البياتي من ثقافة اساتذتنا الرواد، وطبقها في اعماله التي شارك فيها، لا بل اضاف لها من لمسات تجربته ابداعات ابتكارية كللت نجوميته بالتالق، هذا الفنان يملك موهبة التركيز والاسترخاء وكما شاهدناه في عدة لقاءات تلفزيونية في محاورات عديدة كان لها صدى لدي المثقفين من المشاهدين واعجابا بحديثه والتي ينم على حصيلته الثقافية، ولقد تحدث هذا الفنان في لقاء تلفزيوني عن حادثة حدثت في ستوديو البنكلة كيف وقع عليه الكالوس اثناء تمثيله وهو يؤدي دوره في احدى تمثيليات فرقة 14 تموز للتمثيل والبث كان حيا على الجو ومباشرة للجمهور. الا ان استرخائيته وسرعة بديهيته جعلانه ان يتلافى هذا الاحراج بتبرير حركة لم ينتبه لها المشاهد لاعتقاده بانها من صلب واقع التمثيل.
لقد انبهر بعالم السينما ومالت كفة ميوله الى هذا العالم الواسع والرهيب، لهذا اتسعت افق ثقافته السينمائية حينما عمل مع المخرج السينمائي العراقي فكتور حداد والذي كان يحثه على الاطلاع واكتساب الخبرة العملية من خلال دعمه وتشجيعه على ان يعمل مع مهندسي الاضاءة السينمائية، وتارة يدفعه للعمل مع مهندسي ومنفذي الديكورات السينمائية والتعرف على خصوصية كل منهما ومقارنتها مع المسرح، وكذالك عمل مع مصوري السينما واكتسب منهم خبرة فن التصوير السينمائي والتعرف على احدث الكاميرات السينمائية من حيث انواع عدساتها واساليب التصوير في المشاهد الداخلية والخارجية، اضافة الى تكييف الكامرة السينمائية مع اجواء الظروف المناخية من حيث الجو ان كان ممطرا او مشمسا او في الليل ام في النهار، وكذالك التعرف على الالوان في صناعة الديكور وعلاقتها بالاضاءة والكامرة السينمائية، اكتسب خبرة وثقافة في المونتاج السينمائي، اضافة الى تجربة كتابة السيناريو حينما عمل مع المخرج العربي المصري صلاح ابو سيف والمخرج العراقي محمد شكري جميل، واستطاع ان يطلع على حرفية التصوير السينمائي وعن اماكن مواقع الكاميرة من خلال زوايا يستطيع من خلالها المصور ان يلتقط انواع اللقطات الفنية والمعبرة عن جماليتها في التصوير.
استطاع الفنان ضياء البياتي ومن حبه الكبير للسينما العراقية ان يبادر بالمبادرات السينمائية حينما كان مديرا للسينما ان يوسع علاقة دائرة السينما العراقية بمثيلاتها العربية، بحيث ساهمت دائرته بالمشاركة في انتاج فيلم ابي فوق الشجرة والذي كان من بطولة المطرب الراحل عبد الحليم حافظ، وذالك بمساهمة مالية قدرها سبعين الف دينار انذاك، وعمل على دعم الشباب من الفنانين العراقيين ايضا وان يشجعهم بالعمل مع الفنانين المصريين منهم: نزار السامرائي وقائد النعماني، وسعاد عبد الله، حيث زجهم في العمل مع الفنانين المصريين في افلام مصرية ومن خلال علاقاته مع معظم الفنانين المصريين وشركاتهم السينمائية. لقد استطاع هذا الفنان ان يبني صرحا سينمائيا عراقيا ومن خلال موقعه الوظيفي ان يجدد امال الجمهور السينمائي في العراق ويدعم حركة السينما العراقية، حيث استطاع ان يوطد علاقة الفنانين العراقيين مع كبار نجوم السينما العربية والعالمية في فيلمي القادسية والمسالة الكبرى، بحيث اثبت الفنان العراقي في هذه التجربة انه لا يقل ابداعا عن الفنانين في السينما المصرية والعالمية.
لقد عززت امانته ونزاهته بوظيفته كمدير انتاج لمعظم الافلام الى تكليفه من قبل الشركات العالمية كمديرا لاعمال الانتاج ، الا انه اعتذر لانشغاله وارتباطاته الوظيفية وتكريس جهوده لدعم الانتاج السينمائي في العراق .
نجوميته اهلته لتقديم بعض البرامج التلفزيونية ، وكذالك حرفيته التمثيلية وادائه الجيد زادت من شعبيته لدى جمهور المشاهدين ومن عدد الرسائل التي كانت ترد الى البرنامج ، اعجابا بنجاح تقديمه لتلك البرامج .
اما عن السينما ، فقد تكللت جهوده بنقلة نوعية في تطوير صناعة العمل السينمائي من افلام وثائقية الى افلام روائية ، حيث كانت الافلام الوثائقية ما قبل مرحلته وتجربته في دور السينما تقتصر على عرض من بعض هذه الافلام الوثائقية قبل عرض اي فيلم ان كان عربيا او اجنبيا فقط ، ولهذا اقتصر الانتاج السينمائي في تلك المرحلة على صناعة الافلام الوثائقية في المؤسسات ذات العلاقة بهذا الانتاج ، انما طموحه المشروع في خوض تجربة انتاج الافلام الروائية جائت من خلال اطلاعه على مسيرة انتاج بعض المنتجين من الشركات الاهلية التي كانت تتعثر في انتاجاتها للافلام السينمائية وقتئذ لضعف الامكانيات المادية المتاحة لدى بعض المخرجين السينمائيين من امثال سيمون وهران ، وحسين السامرائي ، وبرهان الدين جاسم، واطلاعه ايضا على انتاج المشترك لمرحلة انبثاق السينما لرواد عملوا على انتاج افلام سينمائية ريادية مثل فيلم ابن الشرق – والقاهرة بغداد وفيلم عليا وعصام وليلى في العراق ، جعلته ان يطلع على نقاط ضعف تلك المسيرة وامكانياتها الضعيفة ، وجائت مرحلة مابعد هذه المسيرة الريادية بمرحلة جديدة جعلته ان يكتسب تجربة اهلته على تجاوز بعض نقاط الضعف عند تلك الشركات الاهلية في بعض انتاجات افلامها الروائية كفلم تسواهن وفيلم درب الحب وفيلم ارحموني وفيلم قطار الساعة 9 وان ينقل هذه التجربة السينمائية العراقية من واقع بائس الى واقع متطور ، وان يجدد المسيرة السينمائية وينهض بها من خلال رؤية ناضجة وخزين من الثقافة العلمية والاحتكاك مع نجوم السينما العربية والعالمية التي اكسبته تجربة عملية اهلته لتجديد مسيرة اولئك الرواد بافلام روائية جديدة نالت استحسانهم من امثال يوسف العاني والذي سبق وان عمل في فيلم سعيد افندي ، وسامي عبد الحميد والذي ايضا كلل تجربته الريادية السينمائية في تمثيل فيلم نبوخذ نصر ، وعبد الوهاب الدايني والذي عمل في بطولة فيلم عروس الفرات ، حيث استبشروا خيرا لظهور هذا الفنان المجدد لمسيرة السينما العراقية الا وهو الفنان العراقي والرائد في السينما العراقية ضياء البياتي .
ريادته وخزين تجربته ومسيرة حياته الفنية وبتشجيع من بعض الفنانين ولا سيما الفنان الرائد المرحوم يوسف العاني اقدم على اصدارمجلات توثيقية لمسيرة حركة السينما العراقية ، وان يدون فيها اهم التجارب من الايجابيات وحتى السلبيات لتجاوزها في المستقبل ، لقد سلط الاضواء على مسيرة ناجحة لحركة وصناعة الفيلم العراقي وتجسيد تجربة هذه المسيرة في هذه الاصدارات التوثيقية والمدعمة بالصور الفوتوغرافية لكل مرحلة من مراحل انتاج هذه الافلام ، وعلى تجربة هذه المسيرة الرائدة في الانتاج السينمائي في العراق ، جائت مرحلة متطورة في الانتاج والاخراج السينمائي بانبثاق افلاما متطورة هائلة من حيث الانتاج والاخراج والتقنيات والامكانيات الفنية ، وظهور دماء جديدة من المجددين المخرجين الاكاديميين من امثال الاستاذ محمد شكري جميل و المخرج المبدع حسين السلمان والفنانة المتالقة خيرية منصور وتجربة المخرج الاساذ فيصل الياسري الذي اخرج فيلم الراس والمخرج الرائد جعفر علي الذي اخرج فيلم الجابي واخرون من المخرجين الشباب والذين احدثوا تطورا في الانتاج والاخراج السينمائي .
واخيرا تبقى تجربة الفنان ضياء البياتي تجربة رائدة ساهمت في صناعة سينما عراقية متطورة متزامنة مع مسيرة العديد من الكفاءات الفنية في الاخراج السينمائي من الاساتذة الذين درسوا واكتسبوا الخبرة الثقافية الاكاديمية في الخارج ، ليستلموا الامانة الملقاة على عاتقهم لخوض تطوير تجربة هذه المسيرة للسينما العراقية من نبع ثقافتهم الاكاديمية لصناعة السينما – ونحن لهم لمنتظرون .